المقالات

احلام مواطن عراقي


عبد الكريم ابراهيم

المسافة بين العمل والبيت اصبحت على المواطن كأنها بعد السماء والارض ، حرارة الجو واشعة الشمس العمودية الزمته البحث عن مكان له في ( الكيا ) في اسرع وقت ممكن وان يتحمل سماجة السائق وكثرة تذمره واطلاقه للمنبه دون مبرر ، فوق كل هذا عليه ان يسد مسامعه ويقاطع جلسة مناقشات ركاب ( الكيا ) كي يحافظ على ما تبقى من عقله المتعب من هذه المعاناة اليومية . تجرع كأس الصبر كي يبلغ مبتغاه بعد ان غدا كقطعة الاسفنج من كثرة التعرق ، وبعد رحلته اليومية الطويلة ،وصل البيت ،حاول تخفيف وطأة الحر وان يأخذ (دوش) ماء بارد يعيد له حيوته ،ولكن حرارة ماء ( التناكي ) جعلته يفضل الاستغناء عن هذا الحمام الجهنمي .كانت كهرباء ( السحب ) تلفظ انفاسها الاخيرة مع هذا داهمه نعاس الظهيرة الذي جعله يغط في احلام سعيدة تطرد عنه كل هذه الدوامة اليومية التي لاتنتهي ،ما هي الا لحظات والموبايل يرن ليحمل معه خبرا مفرحا في حصوله على شقة فاخرة في مشروع 10x10 مجهزة باحدث الخدمات ،وبهذه المعجزة الالهية انتهت مشكلة السكن لديه بعدما كان ينزوي مع زوجته وخمس اولاد في غرفة 4x 3 مترا ،واصبح الآن من الذين يملكون عقارا حسب سجلات ( الطابو ) ، ومن محاسن السكن الجديد ان مترو بغداد يمر قريبا منه ، ما جعله يفكر كما اشارت عليه زوجته المخلصة ان يدخر جزءا من راتبه في احدى المصارف ،لاجل قضاء اجازة صيفية في بلد مهند وسمر والغاء فكرة شراء سيارة مكيفة لانتفاء الحاجة اليها في ظل وجود صديق مخلص جديد وهو ( المترو ) .النتيجة ان صاحبنا المواطن تمادى في غي احلامه واصيب بداء العظمة واخذت تتعدد مطالبه ،لان الحياة فرص وعليه ان يستغل الوضع في الحصول على اكبر قدر ممكن من المكاسب ،منها حصول العائلة الكريمة على خادمة فلبينية وسائق هندي يتباهى بهما امام الاهل والاصدقاء ، وقد تطور الامر بصاحبنا ان يفكر في تجديد عقد الزواج ويقترن باخرى ذات عيون ملونة بعد ان سئم اكل ( الدولمه ) و( المحروك اصبعه ) ويريد ان يجرب حظه مع ( البيزا ) و( الكنتاكي ) ،وبدأ عقله الباطن يسول له اشياء كثيرة منها : كيف ستكون بدلة العروس الجديدة واين سيقضي شهر العسل معها ؟ وهل ستكون حفلة (دي جي ) ام سيحيها رعد الناصري .مع هذه المغامرة الحلوة وجدلية لايعرف اين سينتهي بها الامر ، استيقظ على صراخ زوجته : ابو محمد ، اكعد ، ماطور المبرده ، احترك " عندها عرف ان ما كان فيه مجرد اضغاث احلام تمنى لوطالت ،حيث مترو الانفاق والشقة المكيفة و اجمل في الامر العيون الزرقاء التي صرعن ذا اللب وجعلنه اسيرا لايتحرك كالصنم . بين غير مصدق لما رأى والواقع الحالي ، تقبل الامور بمافيها وعليه ان يجتهد في اصلاح (ماطورالمبردة) ويكتم احلامه ولاسيما الجزء الاخير عن زوجته ، لان فيما يبدو ان حرارة الجو ومشاكل الكهرباء والركض وراء سيارات ( الكيا ) اهون من فضائية تعمل 24 ساعة ولاتتوقف طلباتها. خضع صاحبنا المواطن لما فيه وكتم سره حتى عن اقرب شخص في هذه الدنيا الا وهي شريكة عمره ، لان الاحلام المجنونة لها اجنحة وحتى ان لم ينبت لها الزغب فان مقص الزوجية لم يسمح في تنفيذها ،وقد يكون الحر ومشاكل العراق السياسية والاقتصادية يمكن حلها ولكن استمرار عرض المسلسلات التركية قد تغذي بعض رغبات الازواج الجامحة وهذا امر تفرضه بنات حواء.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك