المقالات

دولتنا ... بداية كأنها النهاية ؟ /


حافظ آل بشارة

التلكؤ والتباطؤ الذي يهيمن على الدولة حاليا يثير قلق الجمهور اكثر من المثقفين يقول الناس ان مشكلة الحكومة ليست مشكلة تنظيم اداري ، ولا مشكلة خبرة ، ولا مشكلة أموال ، انها مشكلة أخلاقية ، صراع على السلطة ، السلطة المطلوبة لذاتها ليس لاجل الاصلاح او القيم العليا بل لأجل مصالح شخصية وحزبية تافهة ، البعض لديهم استعداد اخلاقي ومنظومة اعصاب تتحمل رؤية الملايين يموتون بسبب صراعهم بدون تأنيب ضمير ، حالة قذافية بمظهر مختلف ، الغريب ان بعضهم يسلفن اهدافه الشخصية بشعارات قيمية مزيفة ناسيا ان حياة البشر هي القيمة الاعظم ، الصراع يتجدد بديناميكية عجيبة فكلما طرحت قضية للنقاش داخل الحكومة او البرلمان او بين الكتل اخذت اطراف تحصي الارباح الشخصية المتوقعة فان لم تجد لها نصيبا اعلن معارضتها حرصا على مصالح الشعب ! كل الناس يقولون أن صراعات الساسة والاحزاب والكتل حاليا لا تخص الجمهور ولا تمثل ارادته ، كل مواضيع الخلاف تافهة اذا قورنت بحياة الانسان ودمه وعرضه ، بعض المواضيع التافهة يصل فيها الخلاف الى حافة الاقتتال او مقاطعة العملية السياسية ، العناد المتبادل يعطي فكرة سيئة عن طبيعة النخبة السياسية الحاكمة والمستوى الاخلاقي الذي تعيشه ومدى شعورها بالانتماء الى الشعب ومدى استعداد كل فرد فيها للتخلي عن مصالحه لاجل سلامة شعبه ، الازمة الاخلاقية القائمة تذكرنا بنظرية نشوء الدول وانهيارها وقد اجمع ابن خلدون وتوينبي وول ديورانت وكلهم مؤرخون على ان الدول كالاشخاص تنشأ وتشب وتنضج ثم تشيخ وتهرم وتموت ، واجمعوا على ان عناصر الدولة الحية المتطورة هي : نظام حكم عادل ، لغة أم ، قيم أخلاقية لدى الحاكمين والمحكومين ، ديانة حية تحدد الرؤية الكونية للامة ، ثم نظام تعليم موحد ينقل الثقافة والحضارة الى الاجيال ، واجمعوا على ان من علامات الدولة السائرة نحو الموت انهيار المعايير الاخلاقية لدى الحكام ، واختفاء روحية النبل والفضيلة والايثار ، وكانت هذه العناصر حاضرة بقوة في تحليل اسباب انهيار الدولة العباسية ودولة العرب في الاندلس والدولة الرومانية والفارسية والفراعنة في مصر ، وقد ابدع السيد الشهيد الصدر في محاضراته حول سنن التاريخ في كشف النظرية القرآنية في هذا المجال ، الغريب ان العملية السياسية في العراق يجب ان تؤدي الى نشوء وارتقاء دولة جديدة لكن امراض دولتنا التي عمرها ثمان سنوات تشبه امراض أمة شاخت وهرمت اخلاقيا وتقترب من نهايتها ، اليست هذه كارثة ؟ اذا كان النواب يمثلون مصالح شعبهم فعليهم على الاقل اكمال التشريعات التي تمنع استمرار اي مسؤول تنفيذي او تشريعي او قضائي في موقعه لاكثر من دورتين ، لكي نضمن على الاقل انسحاب الوجوه الحالية من مواقع السلطة وتجريب فريق جديد ربما يكون اكثر نبلا واصدق دينا فينقذنا من سنن التأريخ التي لا ترحم أحدا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك