المقالات

النائب والاعلام


جواد العطار

لا شك ان دور النائب في اي نظام برلماني لا ينحصر داخل قبة او اروقة مبنى مجلس النواب، بل يتعداه الى التواصل مع جمهوره وناخبيه سواء بالتواصل المباشر (الميداني) من خلال الزيارات واللقاءات، او غير المباشر من خلال وسائل الاتصال الحديثة او عن طريق سكرتير او ممثل خاص ينهض بمهام تلك المسؤولية مساعدا او بديلا. هذا الدور يحتم على النائب تلمس مشاكل ومطالب ناخبيه من جهة، والموازنة بينها وبين القضايا العامة الاكثر اولوية وأهمية والمطروحة من قبل الآخرين، منعا للتداخل او تعطيل المصلحة العامة لحساب مسألة شخصية قد تثيرها طائفة من ناخبيه. اذن النائب يتحمل مسؤوليات جسيمة؛ تبدأ من النظر بتمعن في جزئيات ناخبيه مرورا بقضايا واهتمامات كتلته السياسية او اقرانه من النواب ( ان كان مستقلا ) وصولا الى مواضيع ومسائل تتعلق بالمصلحة الاشمل ذات المساس بالعموم والمجموع الوطني الذي يمثله البرلمان. فلا يمكن؛ وفقا لهذا المقياس؛ ان ينبري النائب لطرح قضايا وشؤون على هواه، لأنه في الاصل محكوم بالوظيفة التشريعية التي تقتضي ان يؤطر طرحه ضمن مشروع او مسودة قانون او حتى اقتراحه، لذا لا نرى تصريحات للنواب في الدول الموغلة بالديمقراطية الا في اطار محدود ومقنن الى درجة لا يدركها الا الباحث في شأن تلك البلدان او متتبع الاخبار والاحداث او مواطني تلك الدول انفسهم. فالكتل السياسية الكبيرة او الصغيرة تخضع نوابها الى ضوابط صارمة تحول دون تصرفهم في اطار شخصي او تجاوزهم حدود اللياقة او الخطابة البليغة التي لا تجرح احد، او دخول النائب او كتلته في مشاحنات تضر بالمشروع البرلماني وتفرغه من محتواه في عيون مواطنيه. اما اطلاق التصريحات جزافا او الخوض في شؤون خارج وظيفة الاطار التشريعي او الرقابي، فهي محرمة على النائب تماما، وتتحملها اصلا في تلك البلدان مثل بريطانيا لجان برلمانية متخصصة سواء في طرح القوانين او اقتراحها او التصريح والمخاطبة بشأنها او الرقابة على الاداء الحكومي. لذا نرى ان نوابا في مجلس العموم مثلا ينهون الفصل التشريعي دون ان يدلوا باي تصريح صحفي لوسائل الاعلام، وهذا لا يعني خمول النائب او تقاعسه عن اداء مهامه النيابية بقدر ما يعني ممارسته لها في اطارها الايجابي من خلال المشاركة في اللجان البرلمانية او الحديث باستئذان من السيد رئيس الجلسة الذي يدعى (speaker) او نقل مطالب دائرته الانتخابية الى قيادة حزبه او داخل اروقة المجلس بطريقة منتظمة .. وهي الوظيفة الاهم . لكن، هل سمعنا يوما ان نائبا في مجلس العموم البريطاني او الجمعية الوطنية في فرنسا، تدخل وطالب بحقوق مالية لمصلحة فئة من المجتمع ( هي خارج اطار دائرته التي ترشح عنها اصلا )، او اطلق تصريحات مغالى فيها،الغاية منها جذب انتباه الفئة المتضررة اليه، او مارسها بشكل متكرر لاغراض الدعاية الواضحة وعبر منبر المؤتمرات الصحفية المخصص اصلا للكتل السياسية. وهل رأينا مشاحنة كلامية بين مجموعة نواب او نائبين يمثل مقعد كل واحد منهما ما لا يقل عن 50 الفا من ابناء الشعب العراقي، تظهرهما بصورة مخالفة لشروط وصورة التمثيل النيابي، وهل رأينا او سمعنا نائبا يطلق التصريحات جزافا بخصوص قضايا خارجية تتعلق بدول الجوار.. مثلما فعل النائب حيدر الملا حينما شبه الامام الخميني؛ الذي يعتبر مرجعا دينيا لشريحة واسعة من المسلمين كما ويحظى باحترام الملايين من العراقيين؛ بالطاغية صدام، او هجومه على الشقيقة الكويت؛ التي يحاول العراقيون منذ اكثر من عشرين عاما ازالة اثار الغزو عنها؛ ليصفها بانها تحمل العدائية للشعب العراقي. ولا نعرف ما جدوى الموازنة العامة للدولة اذا كانت الاقتراحات تأتي بعد اقرارها، ولا نعلم هل الغيت وزارة الخارجية؛ حتى يخوض النواب في شؤون وعلاقات حساسة مع دول الجوار بتصريحات لا تنم عن الدبلوماسية بشيء او اختصاص او حصافة او فهم لتأثيراتها السلبية التي لن تقع على النائب فحسب، بل على عموم البلد وعلاقاته الاقليمية مع دول تجاوره او حتى سمعته الدولية. اما من يدفع بان المشاحنات والخلافات داخل بعض البرلمانات في جنوب شرق آسيا تصل الى حدود التجاوز بالايدي والالفاظ النابية، وان تصريحات النواب وتعاملهم مع الصحافة تتم في بعض البلدان ضمن صفقات مكشوفة ومفضوحة، فحري بنا؛ ونحن تجربة ديمقراطية حديثة العهد في المنطقة؛ ان نضرب مثلا في التصرف الاخلاقي البعيد عما يجعلنا مثلا يضرب.. لا قدوة يحتذى بها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك