( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )
ترجلت لم يكبُ جوادك ايها الفارس المغوار. ترجلت لتلتحق بركب اخوانك واعزائك من الشهداء الابرار الذين سبقوك على طريق ذات الشوكة، الطريق اللاحب الذي اختطه شهيد المحراب(رض) فالتحقت بموكب النور والعزة والكرامة.
ايها المجاهد الصابر يا من عرفناك شجاعاً باسلاً وانت تقاتل الزمر الضالة ونظامهم الدكتاتوري الاستبدادي طيلة اكثر من عقدين فشهدت لك سوح الجهاد وسوح منظمات الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان في اقصى اصقاع الارض وفضحت كيانهم المتهرئ وجرائمهم البشعة بحق الشعب العراقي الذي انجبك من رحم معاناته.
ايها الرجل الذي عرفناه لا تلويه مصيبة ولا مكروه ولا حاجة ولا فاقة، لم تغادر الابتسامة شفتيك في احلك الظروف وفي اصعب المواقف التي اكتنزتها المنازلة الشريفة ضد النظام الشمولي القهري المباد. كنت شامخاً كشموخ الجبال ورقيقاً كقطرات الندى ومجاهداً صلباً كمالك الاشتر وكحجر بن عدي.
سقطت شهيداً لتروي ارض الرافدين وشعبها بدمائك الزكية لتورق البراعم وتورف شجرة العطاء ولتترسخ جذورها اكثر فاكثر في تراب علي والحسين(ع) هذه التربة التي عشقتها وانت صبي ودافعت عنها بكل ما تملك بعد ان غزتها الجاهلية والانحطاط في شبابك وها انت تضع لمساتك الاخيرة عليها نوراً يستضيء به المجاهدون وظلاً يتفيأه المحرومون.
فارقتنا جسداً وروحك هاهنا تحل ضيفاً كريماً بيننا نستلهم منها الذكريات وانت تفتح قلبك الكبير وتحدثنا عن(فان ديرشتويل) وعن جنيف وعن النجف والناصرية وكربلاء وبغداد.كيف يمكن لنا ان نؤبنك ونحن لم نصدق بعد انك ارتفعت الى عليين حاملاً كتاب الله العزيز في يمناك وخارطة العراق العظيم في يسراك.
صبراً فان ايام الغدر والخسة والقتل والتدمير قد قاربت نهاياتها وان اخوانك من المجاهدين اقسموا ان يواصلوا الدرب مهما كبرت التضحيات ومهما تفرعن الطغاة فلابد لليلهم ان ينجلي وتلوح تباشير الصباح فنمسح عنك دمعة اليتيم ونخفف زفرات وآهات الثكالى من بنات وطنك العراق اللائي فقدن أولادهن وأزواجهن وإخوانهن وآباءهن في ذات الطريق. وهذا هو حلمك وحلم كل الخيرين من ابناء شعبك المجاهد.فارقناك وفي القلب أسى وفي العين قذى وها هي الدموع لا تسعها المحاجر تنساب دافئة كدفء قلبك الكبير. ان الطريق الذي سلكته لهو مسلك الرجال الاشداء الاوفياء الابطال ولا نقول في مثل يومك هذا الا ما قاله الشاعر-:الناس للموت كخيل الطراد فالسابق السابق منها الجوادوالموت نقاد على كفه جواهراً يختار منها الجياددفنت في الترب ولو انصفوا ما كنت الا في صميم الفؤادفسلام عليك يوم ولدت، ويوم استشهدت انت وحرمك المصون، ويوم تبعثان حيين عند رب رحيم رؤوف.
https://telegram.me/buratha
