المقالات

الجوار بين التدخل والشراكة

660 15:20:00 2010-11-30

حافظ آل بشارة

اعتاد العراقيون والعرب عموما على الاستعمار ثم تدخل الدول الاجنبية في شؤونهم لانهم فقدوا استقلالهم منذ زمن بعيد ، كان العرب تابعين للكيانات القوية قبل الاسلام ، ولما حملوا الاسلام اصبحوا سادة العالم ، ولما فقدوه عادوا تابعين لغيرهم ومازالوا ، بعد الحرب العالمية الثانية اصبح المنتصرون يصنعون للعرب حكوماتهم علنا ، لم يعد النقاش يتناول الاستقلال والحرية بل يدور النقاش حول الاستعمار الافضل هل هو البريطاني ام الفرنسي ام الامريكي ؟ ورغم حركات التحرر والمعارك والشهداء والاناشيد الحماسية الا ان ثقافة التبعية لم تتغير ، نجحت بعض الثورات الا ان تجار السياسة سرقوها ، الجزائر قدمت مليون شهيد لكي تتخلص من الاستعمار الفرنسي الا ان الحكم الوطني كان اسوأ ولا يساوي ربع الثمن الذي دفع لاجله ، الاستعمار اكثر رحمة وتحضرا من الحكومات الوطنية لذا اصبحت الشعوب العربية منذ زمن تردد السؤال : لماذا نرفض الاستعمار اذا كانت حكوماتنا اسوأ منه ؟ الشعوب في العالم العربي منشغلة بالبحث عن طريق للنجاة من حكوماتها . العراق يعيش حقبة خاصة من تأريخه لانه البلد الوحيد المحتل في القرن الحادي والعشرين ، ولأن شعبه يدرك الفرق بين حكومة وطنية متوحشة واحتلال (متحضر) لذا فهو لم يقاوم الاحتلال ، لكن التكاليف المالية والازمة الاقتصادية العالمية والتغير في مفهوم الاستعمار واهدافه اجبرت المحتلين على الانسحاب ، ليواجه العراق ست دول جوار تتدخل في شؤونه ، يوميا لدينا محللون يقارنون بين التدخل التركي والسعودي والسوري والمصري والايراني والكويتي في شؤوننا ، مقارنة وليس استنكارا ، ومفاضلة وليس رفضا ! لان العراقيين يحتفظون بذكرى طيبة للاحتلال فهو انقذهم من صدام وزمرته وساعدهم على محاكمتهم واعدامهم وعلمهم الديمقراطية وحقوق الانسان والانتخابات وفي الدرس المقبل يعلمهم فن التنمية الشاملة ولن يؤجل الدرس الاخير انسحاب القوات ، انتهى الاحتلال وبدا تدخل الجيران ، تركيا هي الاقرب للنموذج الامريكي والخبراء يقارنون بين التدخل التركي والعربي في شؤون العراق ، بعض العرب أبدوا وحشية ونذالة نادرة عندما أرسلوا المفخخات وقطعان التكفيريين وقدموا الدعم لجلادي النظام السابق وساندوا فتاوى الابادة الطائفية وهم متهمون عالميا بدعم الارهاب ، أما تركيا فحين تدخلت علمت العراقيين درسا في الاعتدال والتساهل وتمشية تشكيل الحكومة وقدمت خبراتها في مجال التنمية، وعرضت خدمات شركاتها للنهوض بالاعمار ، تركيا رمز للنجاح الاقتصادي وفي طريق الانضمام الى الاتحاد الاوربي . اذا كان تدخل الآخرين قدرا آنيا لا مهرب منه فلنشجع التدخل الايجابي الذي ينتج شراكة اقتصادية وتطورا ، ونرفض التدخل الذي ينتج المذابح والفتن ، العراق سيجتاز محنته ويمد الجسور مع الاطراف المتحضرة ، وينآى بنفسه عن المتوحشين الذين فشلوا في مواكبة العالم وفهم الحداثة في مجالاتها المختلفة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك