المقالات

الجوار بين التدخل والشراكة


حافظ آل بشارة

اعتاد العراقيون والعرب عموما على الاستعمار ثم تدخل الدول الاجنبية في شؤونهم لانهم فقدوا استقلالهم منذ زمن بعيد ، كان العرب تابعين للكيانات القوية قبل الاسلام ، ولما حملوا الاسلام اصبحوا سادة العالم ، ولما فقدوه عادوا تابعين لغيرهم ومازالوا ، بعد الحرب العالمية الثانية اصبح المنتصرون يصنعون للعرب حكوماتهم علنا ، لم يعد النقاش يتناول الاستقلال والحرية بل يدور النقاش حول الاستعمار الافضل هل هو البريطاني ام الفرنسي ام الامريكي ؟ ورغم حركات التحرر والمعارك والشهداء والاناشيد الحماسية الا ان ثقافة التبعية لم تتغير ، نجحت بعض الثورات الا ان تجار السياسة سرقوها ، الجزائر قدمت مليون شهيد لكي تتخلص من الاستعمار الفرنسي الا ان الحكم الوطني كان اسوأ ولا يساوي ربع الثمن الذي دفع لاجله ، الاستعمار اكثر رحمة وتحضرا من الحكومات الوطنية لذا اصبحت الشعوب العربية منذ زمن تردد السؤال : لماذا نرفض الاستعمار اذا كانت حكوماتنا اسوأ منه ؟ الشعوب في العالم العربي منشغلة بالبحث عن طريق للنجاة من حكوماتها . العراق يعيش حقبة خاصة من تأريخه لانه البلد الوحيد المحتل في القرن الحادي والعشرين ، ولأن شعبه يدرك الفرق بين حكومة وطنية متوحشة واحتلال (متحضر) لذا فهو لم يقاوم الاحتلال ، لكن التكاليف المالية والازمة الاقتصادية العالمية والتغير في مفهوم الاستعمار واهدافه اجبرت المحتلين على الانسحاب ، ليواجه العراق ست دول جوار تتدخل في شؤونه ، يوميا لدينا محللون يقارنون بين التدخل التركي والسعودي والسوري والمصري والايراني والكويتي في شؤوننا ، مقارنة وليس استنكارا ، ومفاضلة وليس رفضا ! لان العراقيين يحتفظون بذكرى طيبة للاحتلال فهو انقذهم من صدام وزمرته وساعدهم على محاكمتهم واعدامهم وعلمهم الديمقراطية وحقوق الانسان والانتخابات وفي الدرس المقبل يعلمهم فن التنمية الشاملة ولن يؤجل الدرس الاخير انسحاب القوات ، انتهى الاحتلال وبدا تدخل الجيران ، تركيا هي الاقرب للنموذج الامريكي والخبراء يقارنون بين التدخل التركي والعربي في شؤون العراق ، بعض العرب أبدوا وحشية ونذالة نادرة عندما أرسلوا المفخخات وقطعان التكفيريين وقدموا الدعم لجلادي النظام السابق وساندوا فتاوى الابادة الطائفية وهم متهمون عالميا بدعم الارهاب ، أما تركيا فحين تدخلت علمت العراقيين درسا في الاعتدال والتساهل وتمشية تشكيل الحكومة وقدمت خبراتها في مجال التنمية، وعرضت خدمات شركاتها للنهوض بالاعمار ، تركيا رمز للنجاح الاقتصادي وفي طريق الانضمام الى الاتحاد الاوربي . اذا كان تدخل الآخرين قدرا آنيا لا مهرب منه فلنشجع التدخل الايجابي الذي ينتج شراكة اقتصادية وتطورا ، ونرفض التدخل الذي ينتج المذابح والفتن ، العراق سيجتاز محنته ويمد الجسور مع الاطراف المتحضرة ، وينآى بنفسه عن المتوحشين الذين فشلوا في مواكبة العالم وفهم الحداثة في مجالاتها المختلفة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك