سلام محمد
تحدث لي احد مدراء الدوائر المهمة في وزارة المالية عن مفردة بدت لي غريبة في اول وهلة ,, وهي ان هذا المدير عند تعيينه مديراً لتلك الدائرة بالوكالة , وجد فيها فسادا ادارياً ليس له حدود وكأن السرقة من المال العام امر مشروع يكافئ عليه القانون في حكومة (دولة القانون) فالمواطن المسكين لايستطيع ان يحصل على معاملته الا بعد ان يدفع مبلغ قدره ( ستة ملايين دينار ) وهو سدس المبلغ الذي يحصل عليه من تلك الدائرة المالية كقرض بناء او غيره ,, واستطاع هذا المدير ان يكافح الفساد في فترة قياسية ويجعل من دائرته مثال للالتزام والنزاهة وتلقى كتب شكر وتقدير من الوزير على ماقام به من انجاز .
هذا المدير النزيه وبعد كل كتب الشكر وكلمات الاطراء من الوزير , فوجئ في احد الايام ان وصل اليه كتاب من مراجعه العليا يعهد بالادارة الى مدير اخر , كان قد طرد بسبب فساد مالي ونقص بالاموال التي في عهدته وقضيته لم تنتهي بعد ؟؟ استغرب المدير وطلب مقابلة الوزير ليستعلم السبب , وعندما قابل الوزير استفسر منه, لماذا ينصب فلان السارق مديراً لدائرة مالية حساسة واقصى انا الذي كنت سيادة الوزير تثني عليّ وعلى نزاهتي في عملي ؟؟ ,, فاطرق الوزير رأسه الى الارض وقال له .... بما ان اوامر تعيين مدراء الدوائر تصدر من مجلس الوزراء , فقد خاطبتهم بكتب عديدة اطلب بها تثبيتكم مديراَ للدائرة ولم احصل على جواب ,, وفوجئت ان ارسل مجلس الوزراء كتاب تعيين هذا المدير الفاسد ولم يكن لي خيار سوى قول ( انا لله وانا اليه راجعون ) ....
وبعد التاكد من المعلومات تبين ان في مجلس الوزراء عصابة لها ارتباط برئيس الوزراء نفسه ,, يديرها احد رجاله الامنيين قيل ان لقبه ( البصري ) وبالتنسيق مع هذه العصابة تصدر الاوامر الادارية لكبار ضباط الجيش ومدراء الدوائر في الوزارات المختلفة , مقابل ان يدفع من يصدر له امر اداري او وزاري حصة حزب الدعوة التي تحسب ( بالدفاتر ) كما يعبرون عنها سراق المال العام , وهناك شرط اخر اهم ,, عندما يصدر الامر الاداري للمدراء ,, يؤخذ تعهد منه ان يدين بالولاء للمالكي , لاللوطن وان ينتخب قائمته في الانتخابات وهذا هو الشرط الاساس وليس هناك اي مانع ان ( يطلع المدير مصرفه حتى ولو بالدفاتر ) .
هذه الحادثة تعد من ابسط الامور التي تجري في كواليس حكومة المالكي من استأثار بالسلطة وسرقة المال العام ومن هنا نناشد البرلمانيون الجدد ان يكونوا السلطة الرقابية على اداء المالكي كون الامور اذا بقيت على حالها السابق سوف لن يعين وزير نزيه ولامدير كفوء لان المعيار هو الولاء للحاكم الاوحد وحزبه حتى لو كان الوزير او المدير لديه توجهات اخرى ,, سوف لن يكون له مكان مع عصابة الحاكم وعندها سوف لن نجد وزارة او دائرة تعمل على اساس المهنية ومستوى الاداء الجيد ولن ينسى العراقيين تصريح المالكي الذي مدح وزير الكهرباء ونعته بالكفوء وهو المتهم بأهدار المال العام .
https://telegram.me/buratha