ماجد محمد
بدايـة لا بـد وأن أرفـع يـدي ّتضرعـا لله تعالـى أن يرحـم الشهـداء الأبريـاء الذين سقطـوا في الأحـداث الإجراميـة الداميـة التي وقعـت أثنـاء مداهمـة الإرهابيين لكنيسة سيـدة النجـاة وأن يُعجـل في شفـاء أخوتنـا المصابين والجرحـى .
للحـدث غصـة أقـوى وأشـد من الساعـات الستـة التي بدأت مع تفجيّر الإرهابيون الجبنـاء لسيارتهـم المفخخـة أمـام نافـذة غرفـة المعيشـة لمنزلـي المجـاور للكنيسـة ! أقـول غصـة مابعدهـا من غصـة بـأن أ ُهمـل وأركن في زاويـة يطويهـا نسيـان ممن أولاه ربـي قيـادة وزعامـة هـذا البلـد الملئ بالخيرات والنِعـم وأنا المواطن ( أو هكـذا كنـت أحسـب نفسـي ) الذي لـم أتكاسـل يومـا عن إداء أي واجـب من الواجبـات التي تحتمهـا المواطنـة والإنتمـاء لهـذا البلـد ! غصـة السـنوات الخمسين التي زادهـا الزمن الصعـب خمسـة أخـرى وأنـا أرى حكومتـي العتيـدة تـنزل بكل ثقلهـا لترميـم بنـاء الكنيسـة المرافـق لسنوات عمـري دون ولا حتى نظـرة مسؤولـة للبنـاء المحطـم المجـاور ! وما حـزّ ترميـم بيت العبـادة قلبـي لا والله ولكن أن يكون تمـييزا على حساب المواطنـة ولإظهـار الإهتمـام إعلاميـا وبشكـل واضـح أمـام دول صرخـت إحتجاجـا على الحـدث الدامـي فهـذا ما لا يرضـاه أي عراقـي يسـري الـدم النقـي في عروقـه !!
نعـم هـي ساعـات ستـة عشتهـا وعائلتـي ( بناتـي الثلاثـة وزوجتـي وحفيـدي ذو السبعـة أشهـر) بأبشـع ما يكون بـه الرعـب والـذعـر في بيـت مدمـر أنقطـع عنـه النـور والرصاص والقنابـل تنهـال علينـا من كل جانـب دون أن تستطيـع القـوات العراقيـة الوصول إلينـا مع وجـود قنـاص إرهابـي فـوق سطـح الكنيسـة المطل على منزلـي ! ومما زاد من الأمـر ألمـا أن أكـون مصابـا بشظايـا في ظهـري ويـدي اليسـرى ورأسـي وصراخ عائلتـي يحثنـي على نجدتهـم ! .
وبعـد إنفـراج الأزمـة لـم يسـألنـا سائـل من (الأبطـال) الذين سجلـوا بطولتهـم على عدسـات كاميرات الإعـلام أين ستبيتون وسـط هـذا الركـام ؟ بـل وحتى هـذه الساعـة لـم يسـألنـا أحـد من المسؤولين الذين تزدحـم بهـم شاشات التلفـزة ( السلامـة ) أو كيـف هي حـال جروحكـم ؟ بـل وأكـثر أن المستشفيـات الحكوميـة رفضـت معالجتنـا إلا بورقـة من مركـز الشرطـة الذي أمتنـع ضابطه المسؤول عن تزويدنـا بهـا إلى أن تدّخـل أحـد الضبـاط في مديريـة الشؤون الداخليـة وسهـّل أمرنـا!!؟؟
لقـد تناخـت الدول الأوربيـة للمأسـاة التي تعرض لهـا أخوتنـا المسيحيين فنقلـوا الجرحـى الى مستشفيـات باريس ورومـا ، وتسابقـت حكومتنـا ( الوطنيـة ) مع دول العالـم لترميـم ما أصـاب الكنيسـة من تدمـير في ( الأثـاث ) والزجـاج ، وقامـت فـورا بإعـادة بنـاء وتهيئـة بيـت سائـق القـس المشرف على الكنيسـة ومـنزل خادمتـه ! لكن حكومتـي ومعهـا الـدول ( العربيـة أو الإسلاميـة ) تناسـوا عربيـا مسلمـا بـات بلا مأوى هـو وعائلتـه مـع راتـب تقاعـدي لا يزيـد على المئتـي ألـف دينـار عراقـي !؟ فهـل هـذا هو البنيـان المرصوص الذي أوصى بـه رسولنـا الأكـرم ؟
ولعلـم من لا يعلـم فإن هـذا التفجـير هو الثانـي الذي تعرض إليـه منزلـي ، ففي يوم الأحـد الأول من آب 2004 كـان التفجـير الأول ! وأيضـا دون تدخـل حكومـة العـراق الجديـد لا في تطييـب خواطرنـا ولا في تطبيـب جراحنـا . ووالله الذي لا إلـه إلا هـو لـو أنـي على أعلـم بـأن إقتصـاد دولتنـا سينهـار أمـام حـق من حقوقـي ما كنـت أكتـب كلمـة مما أكتـب ولكنهـا الحجـة أمـام رب أوصى بالرعيـة وصـون الأمانـة .
تحيـة من القلـب للرئيـس ساركوزي ولرئيس الوزراء برلسكونـي على وقفتهـم الإنسانيـة والشريفـة مع أبنـاء الـديانـة المسيحيـة الذين لا نجـد أكـثر منهـم في العـراق سلمـا وسلامـا وطيبـة ، وشكـرا لمن ألمحـت إليـه في كتابتـي هـذه سواء إستجـاب لندائـي أو فضـّل إلـتزام جانـب الصمـت وتـرك نخـوة الـدين لـيوم لا يفيـد معـه نـدم .
ماجد محمد
https://telegram.me/buratha