المقالات

فضائيات الجيوب الثقيلة

955 17:14:00 2010-11-20

حافظ آل بشارة

لا شيء يثير الدهشة في الساحة الثقافية اكثر من وسيلة اعلام فخمة المظهر عالية الصوت فاجرة الطلعة جاهلة عاجزة عن الاجابة على السؤال القديم : من نحن وماذا نريد ؟! انها مثل خضراء الدمن ، من المؤسف ان تتحول اذواق بعض الاثرياء الى اعتناق لعبة خطيرة هي تاسيس قنوات فضائية ، كان الاثرياء عندما يفسدون يشربون الخمر في بيوتهم او بساتينهم ويجلبون الغجريات ليرقصن وينشدن في قصورهم ، أما الآن فحين يفسد الثري ويكفر بأنعم الله يسارع الى فتح قناة فضائية ليوزع شروره الغجرية عبر الاثير الطاهر ، هذا الفضاء الذي تعبره الدعوات والمناجاة والتلاوات والآذان وتجعل الملائكة يبتهجون ، اخذت تلوثه المفاسد السمعية والبصرية التي تثير احزان الملائكة فهم يعتقدون ان هذا الفضاء هو حرم ربهم الذي يجري تدنيسه ، تلك المفاسد تعود هابطة لتدخل كل بيت بلا استئذان كما يدخل ماء المجاري ، قد يكون الجهل هو السبب المباشر لبعض هذا العبث الفضائي ، انه الاخفاق في الاجابة على سؤال من نحن وماذا نريد ؟ وليس هناك مؤامرة أو متآمرون ، يجب توجيه نصائح الى الاثرياء كي يتسلوا بطريقة ثانية ويتركوا هذه الموضة الخطيرة المكلفة المدنسة ، واذا اصر صاحب مليارات على خوض هذه اللعبة فعليه ان يستعين بمتخصصين يجعلون مشروعه الفضائي سلميا لا يشكل اعتداء على اهل الارض ولا يغيض اهل السماء ، ويعلمونهم كيف يستخدمون السؤال التأسيسي من نحن وماذا نريد ؟ في العراق لسنا بحاجة الى مزيد من الاسئلة يفترض ان تلبي وسائل الاعلام جميعا حاجة المجتمع الراهنة الى مقومات التنمية الثقافية ، وهي مخطط تغيير انساني جمهوره المستهدف هو المجتمع كله لتوفير الحاضنة الاجتماعية للتنمية السياسية والاقتصادية ، وعندما تجتمع التنميات الثلاث يقال ان البلد يعيش تنمية شاملة ، اعادة بناء الوعي باستخدام التعليم والاعلام ونشر ثقافة الديمقراطية وأولها قبول مبدأ التسامح الانساني بين المكونات الذي يثمر الحوار والحوار يصنع التعايش ثم الاندماج فتظهر التعددية السياسية والاجتماعية والدينية وبوجودها يزدهر تداول السلطة سلميا ، ثم يتضائل عبر السنوات الميل الى تسييس الانتماءات الثانوية وتظهر الهوية الجامعة ، وتنتقل الاحزاب من الصراع الراديكالي الى التنافس المطلبي ، فتكون خدمة البشر عقيدة وتتحول حقوق الانسان الى معايير ، التنمية السياسية توفر للتنمية الاقتصادية اطارها التنفيذي الا انها تحتاج الى غطاء شعبي يؤمن بقدسية العمل وقيمة الوقت وقوة المبادرة ، وحزمة من القيم الاخلاقية التي تجعل المجتمع يتحمل مشاق الاقتصاد المغلق والتضخم والفقر المؤقت والازمات المتوقعة بسبب رحلة تكوين البنى التحتية ، الاعلام الهادف يجب ان يساند التنمية الثقافية التي تتطلب تأصيل الهوية ومواجهة الميوعة والكسل واللهو والاتكالية وفقدان الثقة بالنفس ، بعض الفضائيات تمارس الهدم بدل البناء بسبب الجهل فتنشر الضياع والانحطاط والشذوذ في عبثية واضحة لان اصحابها جيوبهم ثقيلة وعقولهم من الوزن الخفيف ، اللعنة على ممولي العبث الفضائي ان كانوا قاصدين ، واللعنة على من اسرج والجم ومن والاهم باعداد واخراج وتصوير ومونتاج وديكور ومكساج .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو محمد الحسناوي
2010-11-23
شكرا للاخ كاتب المقال على هذه الالتفاتة . ولا عتب على الفضائيات التي اهلها يعلنون ان هذه سياستهم وهذه افكارهم ولكن العتب بل العار وسواد الوجه على من يرسلون قطعانهم لقتل الابرياء في العراق بدواعي الجمود الفكري والتخلف ويؤسسون فضائيات لهذا الغرض مثل الصفا والمجد والمستقلة ونقيضها فضائيات الوليد بن طلال روتانات وام بي سيات وغيرهما والحقيقة ان مصبهما واحد هذه نتاج الفكر السعودي المعادي لاصل الاسلام فاين الغيرة على الدين . وعتب شديد نوجهه الى قنواتنا لا سيما الفرات والغدير انها فاقدة للهوية متخبطة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك