المقالات

المادية الأوربية، فنلندا مثالا لها....

1013 18:02:00 2010-11-16

محمد رشيد القره غولي

عقد و نص العقد انقضت من حياتي في بلد ليس لي فيه أي جذور، لكن الظروف أجبرتني على العيش فيه. و كأي إنسان ينتقل من مرحلة مليئة بالبؤس و الاضطهاد السياسي و الروحي ألذي انتهجه نظام البعث البائد في العراق، انبهرت لما رأيت من حياة عصرية مفرغة من الحياة الروحية، و التي بغيابها يصبح الإنسان كحيوان لا يهمه سوى غرائزه.و بعد هذه المدة الطويلة، و في الأسبوع الماضي تحديدا، و عندما كنت أترجم من الفنلندية إلى العربية و في مشروع انا احد مؤسسيه لرعاية مصالح الرجل المغترب،برز حديث أدهشني من احد الفنلنديين الذين كانوا معنا و هو يفصل القول في سبب الانحلال الموجود عند الشاب الفنلندي، و الذي أوعز سببه، أن الشاب الفنلندي قد فُرض عليه منذ الطفولة أن يشاهد التلفاز و يذهب إلى دور السينما و الإعلانات التي يراها من حوله، تحرك غرائزه الجنسية و الاتجاه نحو الملذات و التي منها المشروبات الروحية. و يميز أيضا كيف الأبناء باسم الحرية لا يلتقون بآبائهم سوى أيام في السنة و عددها لا يتجاوز الثلاثة أيام.بل قرأت في احد الصحف الفنلندية، بان احد الأشخاص مات في بيته و لم يعرف به حتى بعد مضي سنة كاملة من يوم وفاته.نسال هنا هل مادية هذا البلد موضع إعجاب أم موضع اشمئزاز؟! بالتأكيد أن البعض قد اندمج بهذا البلد اندماج شبه كامل، لان رد الفعل الذي احدث في نفسه، جعل منه ناقم حتى على المبادئ و الأعراف الإنسانية فضلا الدينية.فبعضهم من يدخل في مجالات لا تمت له بصلة جهلا منه بمستواه العلمي الذي يدعوه إلى احترامه و احترام أصحاب المجالات الأخرى.و تصور البعض أيضا بأنه اكتشف حقيقة يجهلها سائر العباد، و لا يعلم بان العالم أصبح قرية. كما أن ما يخرج من أفواه بعض العلماء الماديين عن وجود الله أو بكلمة أخرى نفي وجود خالق للكون، و أن الصدفة هي التي أوجدت العالم، احدث عند نفوس الضعفاء حالة من اللاوعي تجاه تلك الحقائق التي تثبت أن لهذا الخلق خالق،و قانون العلية خير دليل و حدوث العالم الذي يستلزمه محدث و هو الله سبحانه و تعالى دليل آخر و كل ما في الكون أدلة على وجود الله.كما إن اندهاشي لكلام ذلك الشخص ليس لأنه أضاف لي جديدا، لكن لم أجد خلال هذه الفترة الطويلة رجل بهذه الموضوعية في وصف حقيقة الواقع الذي يمر به المجتمع الأوربي. كما تزامن كتابة هذه الكلمات لما نقراه من البعض كيف يحاول يصور الغرب و كأنه ملاك لا يوجد فيه من الظلم شئ، أن الحلات التي نقراها يوميا من اغتصاب للأطفال و النساء و الأبناء و البنات، مرورا بالعنف الأسري الذي يستشري في المجتمع الأوربي عموما،و الفساد المالي و أخرها مسؤول الصليب الأحمر الذي باع مستودع من بنك الدم بصفقة كبيرة و سرق أموالها.يجعل منا نعترف إننا في الحضيض الذي نحاول جهدنا حماية أطفالنا منه. أي منصف يرى كل هذا عليه أن يستنفر كل طاقاته لتحصين الأسرة التي فقدت في هذا البلد و البلاد الأخرى، نعم لا شك أن النظام الموجود يدعونا أن نحترمه كنظام، لكن الحياة ليست نظام مادي فقط، نعم هذا النظام وفر لي جانبا من وسائل الراحة، و لكن بالمقابل قتل أبناءه بتلك المادية التي جعلت منهم جذوع خاوية، لذلك نرى نسب الانتحار تتصاعد يوما بعد يوم. أقول مالفائدة من أن تعطيني تلك الراحة المادية و تمنع عني الحياة الروحية، نعم أنت أعطيتني حق العبادة، لكن غمرتي بكل ما هو سيء من عادات و تقاليد و (ميديا) ملغومة بالأفكار و التفاهات، فأنت أعطيتني القليل و أخذت الكثير، أخذت مني عقلي و سيطرت عليه بتحريكك لغرائز مدفونة عند كل شخص. هكذا علينا أن نخاطب هذا النظام الاستبدادي الذي لا يعرف سوى الانحلال، و تأتي لي و تقول علنا أن اندمج بهذه الحياة التعيسة! لماذا لا اجعل من حياتي هنا موضع لإعجاب الآخرين بتطبيق بعض من مفاهيم ديني و قيمي الأصيلة التي هي حقاً موضع إعجاب الآخر، و ليس ما أقوله من نسج الخيال بل حقيقة أمر بها يوميا، أما تلك العادات التي هي بعيدة كل البعد عن الدين ، توارثناها من القبائل أو العشائر التي ننتمي إليها و باسمها تحاسب الدين و علماء الدين الأفاضل! فهذا من العجب العجاب. انا أدعو نفسي و كل إنسان أن يدرس الدين حقا لنتعلم منه، ولنصل إلى كمال الخلق الذي يريده الله من عباده.فدين بدون أخلاق أو علم بدون أخلاق لا يفيد صاحبه شئ، بل وبال عليه و على ذلك المجتمع الذي ينتمي إليه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك