حافظ آل بشارة
تستعد جميع القوى السياسية لخوض معركة تشكيل الحكومة ، فتقدم كل جهة مرشحيها للوزارات والدرجات الخاصة على ضوء حصتها الخاضعة لحجمها الانتخابي ، فهي محاصصة نسبية ولا بديل لها وليست مضرة اذا استخدمت بعدالة ، ويتنازع على تحديد مفهوم اللياقة للوزارة عاملان عامل القدرة على شغل الموقع وعامل الانتماء الى كتلة أو حركة ، وفي قضية الانتماء هناك معايير حزبية داخلية فالاطواق المحيطة بالقيادات مفضلة على الاطواق البعيدة عنها ، موزع شاي او حارس او سائق او سكرتير من الطوق الاقرب للقيادة قد يحصل على فرصة ترشيح لموقع حكومي أفضل من فرصة حامل شهادة دكتوراه يوجد في الطوق الابعد داخل الحركة نفسها ، وقد تكون هناك اطواق ثانوية فهؤلاء جماعة فلان واؤلئك جماعة فلان في الحزب نفسه ، هذا نوع من الفساد السياسي يزدهر داخل بعض الاحزاب ثم يتسلل عادة الى دوائر الحكومة بسهولة لينخرها ، كثير من الساسة ينتقدون المحاصصة لجهل او خبث فيهم مع انها مبدأ معمول به في كل الدول وخاصة المتقدمة ومن يذم المحاصصة فهو يريد الكعكة كلها لنفسه لا يشرك بها أحدا! والنقص ليس في المحاصصة بل في الأحزاب المشتركة فيها ، لانها عادة وبسبب حسابات الاطواق لا ترشح افضل الرجال لشغل المناصب المهمة بل ترشح من تراهم اكثر ولاء للقيادات وان كانوا جاهلين فاشلين . ويجري التركيز على الولاء للشخص لعدم وجود هوية منهجية اديولوجية واضحة للحركة السياسية ، وبغياب تلك الهوية تكون شخصية الحركة غامضة وعائمة ولا يمكن لأحد ان يعلن ولاءه لها ، فينتقل الولاء الى الاشخاص وتهمل المناهج ، وقد نهى الاسلام عن احلال الشخص محل المنهج اذ قال الامام علي (ع) :(الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف اهله) ، سيمر رئيس الوزراء المقبل بمحنة كبيرة وهو يحاول ادراج وزراءه ليقدمهم الى البرلمان ، يجب الحيلولة دون تكرار المهازل الماضية ، مجلس النواب مطالب برفض حملة الشهادات المزورة او المتهمين بالفساد او المطلوبين للقضاء او من تم اجتثاثهم كمرشحين لشغل المواقع الحكومية الاساسية ، نقترح وجود لجنة قبل عرضهم على البرلمان تستطيع رد غير اللائقين ومطالبة احزابهم بتغييرهم . في الاحاديث الرسمية يتكلم المختصون عن معايير التوزير او التكليف بالمواقع الخاصة فيقولون انها ثلاثة : الكفاءة ، النزاهة ، التخصص ، وهي التي تجعل كبار الموظفين تكنوقراطا عارفين بشؤون عملهم التنفيذي ، واذا كانت النزاهة والتخصص واضحتين في المعنى قابلتين للقياس فالكفاءة مفهوم عائم ، وافضل معيار لمعرفتها هو خطة عمل المؤسسة المعنية وكم هي النسبة التي استطاع المكلف تحقيقها من تلك الخطة فالتنفيذ كما ونوعا هو معيار الكفاءة . العراق مقبل على تنمية شاملة يجب ان تتفرغ لها المؤسسات ويجب الفصل بين الحكومة والسياسة فالحكومة دائرة كبيرة للخدمة العامة يجب ان تبقى بعيدة عن التسييس لكي تستطيع اداء دورها .
https://telegram.me/buratha