وليد المشرفاوي
مشهد ترسخ في ذهني وفي أذهان العراقيين جميعا , وهو مجموعة من القتلة الذين كانوا يشكلون عصابات فدائي صدام وهم يقومون بقطع الألسن والآذان ومن ثم قطع الرؤوس , وسط احتفالات وترديد للأهازيج ,وألام التي ما انفكت تذرف الدموع باكية حد الانهيار وهي تشاهد عملية التعذيب التي يتعرض لها ولدها ومن ثم عملية قطع رأسه لا لشئ سوى انه لم يؤمن بالمشاركة بحرب القادسية ضد إيران, ترسخ هذه المشاهد في ذهني لم يعط فرصة لنسيان ما كان يجري في العراق من ظلم واضطهاد على مدى ثلاثة عقود , فذاكرة الشعب العراقي مليئة بمثل هذه الشواهد التي شكلت الأرضية الخصبة لرفض كل أنواع الظلم والتلاعب بالمقدرات وامتهان الحقوق المادية والمعنوية . وما يساور المجتمع العراقي هو هاجس الخوف المستمر من أن تصادر إرادته التي حاول التعبير عن الاعتزاز بها , وهذا يستدعي التساؤل عما إذا كانت الديمقراطية الوافدة تتناسب ومقاساتنا الدينية والوطنية أم لا . التدخل الأمريكي المباشر بقضية إرجاع البعثيين إلى سدة الحكم يعيد إلى الذاكرة تساؤلا طالما راود أذهان العراقيين , عما إذا كانت أمريكا قد أسقطت صدام كشخص أم كنظام شمولي دكتاتوري يهدد امن المنطقة بكاملها ؟ هل قامت أمريكا بإسقاط صدام من اجل الديمقراطية ورفاه الشعب أم أن هناك خلف الكواليس ما هو غير معلن؟ وإذا كانت كما تدعي من دعمها للعملية الديمقراطية في العراق فما معنى فرضها عودة البعثيين للواجهة من جديد والتدخل في قرارات هيئة دستورية !!هل طلب احد من رجالات الدولة العراقية الشرفاء منها-أمريكا- حل الأزمة إن كانت هناك أزمة , وإذا كان كذلك فلماذا لم تتحل بأدب السياسة والدبلوماسية المعهودة في مثل هذه الأزمات وتبدي احترامها لإرادة الشعب, وهل يعقل أن تغلب إرادة الأقلية المنبوذة على إرادة الأغلبية المتآخية والمتشاركة في مفردات وطنية هي اكبر من مصالح هذه الشرذمة وغيرها ,ثم إن الذين كانوا بالأمس القريب يروجون لأفكار المقاومة وتوسلوا بأخس الوسائل من اجل التعريف بشعاراتهم من دون أن نرى ممثلا للشعب والوطن محتلا,دون أي مقاومة نجحت إلا بقتل أبناء الشعب وتشريدهم والعمل على زيادة ماسيهم , أين هم الآن ولماذا هذه الهرولة المخزية نحو أمريكا , أسئلة واستفسارات كثيرة ينبغي لهؤلاء الجناة سواء كانت دول كبرى أو أذناب لها في إقليمنا وبالخصوص بلدنا العراق , الإجابة عنها وبيان حقائقها , بقي أن نقول لأصحاب القرار في أمريكا والموظف الأعلى السيد اوباما هل ستسمح السياسة أو الساسة الأمريكان في يوم من الأيام لمن كان سببا في أحداث 11سبتمبر 2001 بالترشيح للانتخابات وبأي من مستوياتها البلدية أو النيابية أو الرئاسية , إذا كان القانون الأمريكي يسمح لمثل هؤلاء القتلة بالمشاركة في الانتخابات والصعود لمراكز تقرير المصير للشعب الأمريكي واستلام مناصب حكومية( وهذا ضرب خيال) وهو غير واقع لمنافاته مع المصالح العليا للبلاد , فلماذا يريدون منا أن نكون أكثر إنسانية وأكثر شعورا بحقوق البشر منهم وأكثر ديمقراطية من نظامهم بإشراك البعثيين في الحكومة والجلوس معهم تحت قبة واحدة( الضحية والجلاد!!), ورغم إن الحدث في أمريكا كان يوم واحد وذوي الضحايا لا يتوقعون تكرار مثل هذا الحدث لان حكومتهم نجحت بنقل المعركة إلى أراضي الآخرين من الدول المصدرة للبترول والإرهاب معا , فكيف بالذي يعايش الإرهاب والقتل والدمار مع انهار من الدماء تسيل في كل يوم وفي كل محافظة ومدينة وحي, نعم الأمر في العراق مختلف لأنه لا يمتلك قدرة السيطرة على مقدراته لعدم وجود حكومة قوية قادرة على تنفيذ إرادة شعبها وحفظ كرامته وتعويضه عما عاناه من قسوة الأيام والظروف وعلى أساس ما مر لابد للشعب من وقفة يقرر فيها مصيره ومصير الأجيال القادمة بعدم السماح لمن دمر العراق وعلى مدى ثلاثة عقود أن يتصدى ثانية ويعيد تلك الأيام وما فيها من دهاليز والدمار , إن الشعب العراقي يمتلك وعيا عاليا وإرادة متحررة يمكنه معهما من الوقوف بوجه كل المخططات التي تريد إذلاله من جديد , فالذي يراجع عمق حزب البعث التنظيمي يرى انه بني على نظرية المؤامرة والخوف والخيانة وعدم الإيفاء بالعهود , ولذا نرى تكثر قطاعاته من شذاذ الآفاق والأعراب الذين لا يحسنون القراءة والكتابة بل يمتهنون الجريمة والغدر بكل فنونها , وكذلك الذي يراجع تاريخه وتاريخ رئيسه صدام وما فعل بأقرب المقربين إليه وما قام به عند الاتفاق مع الأكراد حيث فجر البرزاني الأب بسيارة مفخخة بالسبعينات وكذلك ما عمله مع الجبهة الوطنية مع الشيوعيين واضح ولا يحتاج إجرامه إلى دليل أو برهان , واليوم نسمع ونحن غرقى في مجازر التكفير أو البعث الصدامي صيحات مبحوحة ولئيمة تقيم الدنيا ولا تقعدها على عودة البعثيين والاشتراك في الحكومة والاشتراك بالعملية السياسية وبضوء اخضر من الدول الكبرى والدول العربية الحاقدة التي تريد تخريب العراق الجديد وتمنع عنه هواء الحرية التي استنشقها الشعب بعد سقوط الحكم الجائر سنة 2003 .إن ما قاموا به بعد السقوط من جرائم تعادل ما قاموا به قبل السقوط وبالتحالف مع جهات مشبوهة , فكيف يمكن الاطمئنان لهم ؟ وكيف تتم الموافقة على إشراكهم بالحكومة , وهل تتساوى الضحية والجلاد؟.
https://telegram.me/buratha