وليد المشرفاوي
المتابع لسنن الحياة والتاريخ يلاحظ بأن استمرار هذه الحياة يتطلب رؤية خاصة وواقعية لمناهج تنظيم العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ليسودها العدل والإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه , وفق الموازين الشرعية والعرفية التي تقيد وتجبر الجميع من أفراد المجتمع المحافظة عليها والالتزام بها لأنها تعتبر لائحة تحفظ حقوق الإنسان أي ما له وما عليه , وتقف بمسافة واحدة من الجميع دون ميل أو تميز وذلك لانها تمثل جزء من العقد الاجتماعي الذي ينظم الكل بالفرد والفرد بالكل , ويصطلح على هذا كله بالحكم أو الحكومة التي يرجع إليها الجميع في أي مجتمع لتسير أموره وتنظيم مؤسساته والتي كلما كانت تحت نظر الدستور والقانون ونراعي مواده وفصوله وبدقة ومسؤولية لابد أن تصل إلى أهدافها العليا في الأمن والأمان وتوفير الخدمات بما في ذلك والسعادة والإخاء , وفتح مجالات وآفاق الحرية للعمل والإبداع دون خوف أو تردد من رقيب طاغ أو متمرد عابث يخترق القوانين ويسلب حقوق الآخرين ويحسب عليهم الأنفاس, نقول هذا ونحن نعيش العراق الجديد الذي تخلص بالأمس القريب من حكم العصابة الدكتاتورية البغيضة التي حكمت البلد طوال نصف قرن بالحديد والنار والتهديد والوعيد وغياب القانون , لا تعترف بقيم أو أخلاق جاهلة سافلة منحلة فكريا تعتدي وتخرب وفق هواها الشاذ المريض حيث تعلن للملأ ودون حياء من رب أو ضمير بأن القانون عبارة عن ( شخطة قلم) سفها واستهتارا بحقوق وعقول الناس , والواقع غير هذا حيث أن القانون ليس كما يختصرونه بهذه الجملة العامية الرخيصة التي تدل على جهلهم وأميتهم وما يحتويه ظرفهم الآسن النتن...بل إن القانون إطار ونظام ينظم العلاقات الإنسانية وصولا إلى خيرها وسعادتها ومواده الدستورية يشترك في تدوينها السماء والأرض ويشرف على تنفيذها الحكماء والعلماء والعقلاء , ويكون الجميع تحت طائلتها فلا احد فوق القانون غير الله تعالى ومن لهم الولاية الخاصة حيث يتساوى أمامهم الناس كأسنان المشط كما في تعاليم إسلامنا العظيم , لهذا يجب لعن كل من تطاول على القانون لأنه وثيقة ضامنة لحق الجميع في الحرية والمساواة والحياة الكريمة , وإما التهاون والتراخي في تطبيق القانون فهو اعتداء ومحاربة بل خيانة الأمة وسلب لإرادتها وحقوقها وتسليط من لا يرحمها عليها ,نكتب هذا وأمامنا مسالة جديرة بالتوقف والاهتمام وهي تطبيق القانون ونشر سيادته في ربوع وطننا العزيز من اجل تطبيق العدالة لردع الجناة المجرمين واخذ حقوق الآخرين منهم شفاء لصدور المظلومين والمغدورين , ليكون هذا العمل صمام أمان للجميع ولكي لا تخترق حدوده , كما انه تعبير صادق عن الاحترام للناس وعدم الإخلال بأمنهم او هتك كرامتهم ومنع التجاوز على الآخرين الذين ذاقوا الويل والثبور من سلوك وتصرفات أزلام الحكم المباد المنقرض ,فقد مثلت الفترة البعثية من تاريخ العراق السياسي حقبة سوداء تعبر بصورها وحكاياتها عن قسوة مفرطة وظلم غير معهود شهدت له نساء ترملت و عوائل نكبت وقافلة من المعتقلين ينتظرون مصيرهم الذي علق بأيدي الجهلة من أعوان الطواغيت , إن تلك الفترة مثلت كابوسا لا زالت ذكرياته تجثم على صدور العراقيين فتملأها حقدا وغيضا وإصرارا على محاربة البعث وإقصائه أينما كان وكيفما وجد, فالتغير السياسي في العراق كان من احد أهدافه هو طي صفحة ( حزب البعث) إلى الأبد , بعدما عانى الشعب العراقي ألوانا من القمع والإقصاء وهدر لثروات البلاد ,ولذلك لابد من تفعيل هيئة المساءلة والعدالة وتخليص العراق من كل بقايا الصداميين ومروجي فكر هذا الحزب العنصري الشوفيني .. فان ويلات وكوارث هذا الحزب وأعوانه لا زالت ماثلة لحد الآن تشهد عليها المقابر الجماعية وآلاف العوائل التي اكتوت بنيران النظام الصدامي فضلا عن إن إقصاء هذا الحزب هو انتصار لإرادة العراقيين ورد اعتبار لكرامة الشهداء وعوائلهم الذين ضحوا بأبنائهم ... إن نجاح العملية الديمقراطية في العراق مرتبطة أيضا بالتخلص من بقايا البعث وأعوانه للمضي قدما في المسيرة الوطنية الديمقراطية, وأخيرا ليحذر الجميع بان صبر وتحمل الشعب العراقي له حدود ونهايات وإلا فان الأمر سيدخل في مطبات لا يحسن عقباه لذلك لابد ان يكون المسؤولون عند حسن ظن الشعب في إجراء وتطبيق القوانين الخاصة باجتثاث البعث وعدم عودته إلى الساحة السياسية العراقية .
https://telegram.me/buratha