محمد مهدي الخفاجي
نعلم جميعنا اننا في العراق نلغي المشكلة ونتجاهل وجودها حتى تتفاقم وتصبح ازمة كبيرة وبالتالي ندفع ثمناً جسيماً بسبب تجاهلنا هذا وعدم معالجتها مسبقاً ومن ثم نُبرر لحدوثها ونُعلق اسبابها على شماعة نظرية المؤامرة التي نقبع في نيرها من هامتنا وحتى اخمص قدمينا .
هنا لا اطلب تلافي المشكلة قبل حدوثها - والعياذ بالله- فنحن في العراق ان تلافينا مشكلةً قبل حدوثها قد الغينا الارادة الالهية التي يؤمن بها سياسيونا وقادتنا الذين ينتظرون التسديد الالهي لكي لا تقع وان وقعت فأنها ارادة ربانية فنحن وهم لا ذنب لنا حسب مفهومهم ومفاهيم مجتمعنا التي جُبلنا عليها وعلى هذه النظريات الاتكالية التي تدعوا المسؤول الى التنص عن مسؤوليته وتبرر لأخطائه وتقاعسه عن اداء مهامه مسبقاً .
المشكلة العويصة التي نواجهها اليوم هي مراجعة كل العراقيين ومن مختلف المحافظات والاقضية والنواحي والقصبات الى وزارات المركز في بغداد وبخلافه لن تروج لهم أي معاملة او يُنجز لهم أي مبتغى ما لم يمر بوزارات بغداد والا فأن الارادة الالهية لن تتم والتسديد الالهي سينقطع - حاشا لله -.
لن اتطرق الى جزئيات المشكلة ولن اتطرق الى المبالغ التي يصرفها كل مراجع حتى يصل الى بغداد ولن اتطرق الى مخاطر الطريق ولن اتطرق الى العقبات التي يواجهها او الابتزازات التي يعانيها المُراجع المسكين من باب الاستعلامات وحتى الوصول الى الموظف المهيب في الوزارة المؤقرة الذي تصل اليه بعد التي واللوتيا وبعد ان تفقد ماء وجهك ونصف مصروف جيبك حتى ينظر لك بطرف عين مع مسحة تعالي ونبذة من الاحتقار ثم يُرغمك على الذهاب الى اقرب كشك او دكان او مقهى لكي تدفع له عن طريق الوسيط المُومى اليه رشوة وبأصطلاحهم (( ريوك)) وانت خاضع مستكين مرغم والا فأنك ستضطر الى المبيت في بغداد وتصرف ضعف بل اضعاف مضاعفة لما ستدفعه رشوة الان وانت الممنون والمتوسل .
كذلك لن اتطرق الى المفردات التي تسمعها من الموظفين العنصريين او الطائفيين والبعثيين الذين ما زالوا يعيشون على اطلال الماضي السحيق الغابر ولن اتطرق الى نوعية المسؤول المرموق في الوزراة الذي اما طُرد من محافظته بعد ادانته بجرم خلقي او اخلاقي وذهب الى بغداد ليدفع مبلغ مقبول لاحد المسؤولين الكبار جداً لكي يصبح هو مسؤول في هذه الوزارة او تلك واما قد شُمل بقانون اجتثاث البعث او انه قد كتب تقريراً ايام النظام البائد وهرب الان بعد كشف المستور الى بغداد ليصبح موظفاً مهيباً او مسؤولاً كبيراً في تلك الوزارة ويتحكم بمصائر الناس وكذلك لن اتطرق الى الازدحامات التي يسببها هذا المراجع المُبتلى المضطر في داخل بغداد نفسها والتي تتسبب بوصول الموظفين الى دوائرهم عند العاشرة ليعودوا ويخرجوا عند الثانية عشرة ظهراً ولن ولن ولن فأنا احتاج الى ايام عدة لكي اوجز مشاكل المراجعات الى وزارات بغداد والمركزية المقيته التي نعيشها اليوم وحال الابتزاز اليومي الذي يعيشه العراقي فليس لي الا ان اترحم على من قال (( المركزية مفرخة للدكتاتوريات وعامل اساسي في اضطهاد العباد )).
https://telegram.me/buratha
