المقالات

عن أي أمن مُستَتِب تتحدثون ؟


مهند حبيب السماوي

لم يفق بعد شعب العراق المسجون بين جدران المِحن والمآسي والارهاب من صدمة الهجوم على كنيسة سيدة النجاة من قبل طغمة تنظيم القاعدة يوم الاحد الماضي والتي راح ضحيتها حوالي اكثر من 50 شهيد وجريح مدني بريء، حتى شهدت بغداد مساء الثلاثاء وبعد يومين من حادثة الكنسية المذكورة سلسلة من الهجمات الدامية و" النادرة " بحسب وصف صحيفة الواشنطن بوست الامريكية " حصدت أرواح حوالي 64 شهيد و360 جريح حتى لحظة كتابة هذا المقال.

زلزال ارهابي مُنسق ومفاجئ ضرب مناطق بغداد باوقات دقيقة تزامنت مع حالة تكون فيها فيه قوى الامن والجيش متراخية غير متيقظة ولامنتبه ظنا منها ان الارهابيين لايهاجمونهم في هذا الوقت،ولهذا تمت عملية استغلال تلك القوى الامنية من خلال أعصار ارهابي دامي كشف بشمل واضح عن تدهور خطير انهارت على اثره العاصمة بغداد وتداعت في لحظة ما كل منجزات الامن والاستقرار الذي تتمشدق بها بعض اجهزة الامن العراقية كما شعر بذلك المواطنون في العاصمة الحبيبة الذين فجعوا من هول المصيبة الارهابية الجديدة .

اللافت في الهجمات التي شهدتها بغداد مساء الثلاثاء أنها هذه المرة جاءت على نحو مفاجئ للمواطن العراقي الذي شعر نسبيا بالامن والامان في الفترة الماضية، كما انها فاجئت السياسيين حيث لم يتوقعوا ان تُهاجم بغداد بهذه الصورة وقوى الامن التي شعرت انها سيطرت على الوضع الامني في العاصمة، كما ان المراقبيين للوضع العراقي لم يصدقوا ان ان تستطع قوى الارهاب والتكفير ان تضرب بغداد بهذا العمق وان تشل العاصمة وتخلق الفوضى والخوف بين مواطنيه كما فعلت يوم الثلاثاء وظهر جليا في يوم الاربعاء التي وصف بعضهم بغداد انها غدت كمدينة للاشباح في بعض فتراتها لكل اسف .الهجوم واضح الدلالة والمعالم ايضا ، فهو موجه ضد احياء شيعية لمحاولة واضحة لخلق حرب طائفية جديدة في العراق كالتي حدثت 2006 كما قال ذلك هوشيار زيباري لصحيفة لوس انجلس تايمز، وهي محاولة مكشوفة وعارية والشعب العراقي لم يعد تنطلي عليه مثل هذه الافعال والخطط الدنيئة التي تحمل اجندات تهدف الى تمزيق الوحدة الوطنية بين نسيجه الاجتماعي، فقد ذاق عام 2005 و2006 بما فيه الكفاية ويلاتها ومآساتها وكل الغيوم السوداء التي غطّت عاصمتنا الحبيبة في تلك الفترة المأوسية .

مايُحزن في هذه التفجيرات بعيدا عن حجم المأساة العريضة غير المنتهية للضحايا الابرياء الذي لم ينته لحد الان مسلسل استهدافهم من قبل الجماعات الارهابية، انا بدانا نعتقد ان " القاعدة بدأت تعمل من جديد "وهو راي أكده قائد عراقي عسكري كبير رفض الكشف عن اسمه بحسب لوس انجلز تايمز ،مقراً بأن " الوضع سيء جدا"، وربما ان لم تستيقظ الحكومة واجهزتها الامنية وتعي خطورة ماحدث فان القادم اسوء وحمام الدم سيستمر من غير ان يتوقف .ان تضرب، وفي فترة زمنية بدات من السادسة والربع مساءا واستمرت ساعة واحدة، مناطق الكاظمية والبياع والشعلة جنوب غربي العاصمة، وأور والزهور في شمال شرقي بغداد، ومدينة الصدر في الشرق وحي العامل والكريعات والبياع والراشدية وحي الجهاد وبغداد الجديدة والغزالية والسيدية والحسينية وحي اور، إضافة إلى الكمالية، من خلال السيارات المفخخة والعبوات الناسفة وقذائف الهاون ، وعلى هذا النحو المنسق من غير رادع امني وعلى نحو مفاجئ ...هذا الامر المذهل والغرائبي يعني شيء واحد هو ان قوى الارهاب التي تقاتل الحكومة العراقية وشعبها المغلوب على امره مازالت تملك زمام المبادرة والقدرة على الضرب واحداث التدمير والتخريب في بغداد.

ومن الاخطاء الشائعة في هذه الفترة الزمنية بالذات هي الربط بين عدم تشكيل الحكومة وبين هذه التفجيرات او بين قرب تشكيل الحكومة وبينها في حين ان الحقيقة التي يرفض ان يعترف بها الساسة او قادة الامن في العراق ان الارهاب لم يُجتث من العراق وان قواه وخلاياه مازالت موجودة وتترقب اي فرصة وتتحين اي مناسبة من اجل تسفك دم او تهتك عرض. نعم هنالك عوامل مساعدة ربما تهيئ الفرصة للارهابيين وتجعلها سانحة للقيام بمخططاتهم الدموية، فالغرور الامني والعسكري للحكومة العراقية قد فتح الباب لمثل هكذا عمليات ضربت قلب العراق ، فالحكومة تُعلن مرارا وتكرارا انها تسيطر على الوضع الامني في العاصمة وانها قادرة على احلال الامن والاستقرار في ربوعه في حين ان الواقع ومايشهده العراق من تفجيرات يُفند كل ادعاءات الحكومة وقواتها الامنية التي نعتز ونتشرف بتضحياتها في معركتها ضد قوى الارهاب .التوقيت الدقيق للعلمية والنوعية التي شهدها التفجير والتنيسق ذا المستوى العالي فيها عليه ان يجبر الحكومة ان تُراجع خططها وتقوّم ادائها وتدرس الثغرات التي استطاع من خلالها الارهاب ان يضرب بغداد على هذا النحو الذي يشكل هفوة فضيعة بالنسبة لاجهزتنا الامنية التي استطاعت خلال السنوات السابقة ان تدحر فلول القاعدة وتدمر حصونهم وتقضي على قواعدهم ولكن لن اقل نهائيا ... فالهجمات الاخيرة قد احيت هذه القوى واعادتها الى الساحة وجعلتها تشكل من جديد بالنسبة للحكومة العراقية رقما صعبا يستحق اعادة ترتيب الاوراق الامنية فيما يتعلق بالخطط التي تتعلق بمكافحته . ساسة العراق ... وقادة اجهزته الامنية ...

نحن لانشك بولاء اي منكم تجاه الوطن ...ولانتردد بالاعتراف بانكم ترغبون ان يستقر الوطن وان يستتب الامن فيه ... لكن ان يحدث ماحدث يوم الثلاثاء وانتم لازلتم تتحدثون عن امن مستقر وامان في العاصفة فهذا امر لن يصدقه احد خصوصا بعد الذي حدث، حيث اعاد الى الاذهان لنا تفجيرات زمن الزرقاوي وكيف كانت السيارات المفخخة تنفجر في شوارع بغداد باعداد وصلت الى العشرة يجب ان نستخلص من هذه التفجيرات درسا مهم لكل قادة العراق يتعلق بالنظر في خططهم لمواجهة القاعدة وقيمتها وواقعيتها وفعالتيها .. فهل استوعب الرسالة قادة الامن في العراق وهل هضموا الدرس ؟ ام اننا نحتاج لدماء اكثر لكي يفهموا ماعليه ان يفعلوا ويدركوا حجم المسؤوليات التي تقع على عاتقهم

مهند حبيب السماوي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك