احمد عبد الرحمن
كان المجلس الاعلى الاسلامي العراقي ومازال واضحا الى حد كبير في التعبير عن مواقفه وتوجهاته ورؤاه بعيدا ان الاساليب التكتيكية والضغوط والمساومات التي يراد من ورائها تحقيق مكاسب سياسية معينة على حساب الشركاء السياسيين الاخرين.ليس بعد الانتخابات وتبين نتائجها، وانما قبلها، رفع المجلس مبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية شعارا له وتبناه بأعتباره احد الثوابت السياسية الاساسية، وفي الوقت الذي كان الاخرون يتحدثون عن مبدأ او خيار الاغلبية السياسية، كان المجلس الاعلى يطرح المبررات والحجج والدواعي المعقولة والمنطقية والمقبولة التي تدعوه الى تبني خيار ومبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية، انطلاقا من قراءة علمية وعملية وواقعية للواقع العراقي السياسي على ضوء تجربة الاعوام الستة او السبعة المنصرمة التي حفلت بالكثير من الاحداث والمشاهد والصور المؤلمة والمحزنة. ووقائع الاشهر الثمانية الماضية اثبتت صحة وسلامة الرؤية التي تبناها المجلس الاعلى مبكرا، بحيث باتت مختلف القوى السياسية اليوم تتحدث عن مبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية وتتبناه وترى انه ان لم يكن الخيار الوحيد الذي من شأنه اخراج البلاد من المأزق السياسي ، فأنه الافضل والانجع من سواه من الخيارات.ومن هذا المنطلق فالمجلس الاعلى حينما يعلن بوضوح انه لن يشارك في حكومة اغلبية سياسية يغيب عنها هذا الطرف السياسي او ذاك من القوى الفائزة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، انما يسعى الى بناء مشروع سياسي ناضج وناهض تتوفر فيه فرص النجاح، ويكون قادرا على تلبية طموحات وتطلعات كافة ابناء الشعب العراقي، لا مشروع ترقيعي يعيد صورة عامي 2005 و 2006 بألوانها وخطوطها السوداء ومعالمها المأساوية الى الواقع الجديد.القضية بالنسبة للمجلس الاعلى ليست قضية مواقع ومناصب وامتيازات مثلما يتصور البعض او يريد ان يصور الامور بهذه الكيفية، فلو كان الهدف محصورا بذلك لما تأخر في قبول عروض مغرية بالنسبة له، لكنها قد لاتكون كذلك حينما تتصدر المصالح الوطنية العليا للبلاد سلم اولوياته واهتماماته، وقد لاتكون كذلك حينما لاتحقق مبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية للجميع.
https://telegram.me/buratha