المقالات

ما أحوجنا اليوم إلى مهر السنة وتكافؤ الزيجات


حسن الهاشمي

عندما تكون الوصلة مباركة بين الزوج والزوجة وعندما يقترن النور بالنور وعندما يتصل الطيب بالطيبة والكفؤ بالكفؤ والطاهر بالطاهرة والكمال بالكمال والفضيلة بالفضيلة، ستكون النتيجة سلفا نتائجها طيبة وأريجها يفوح منه عبق الإخلاص والتفاني والمحبة والسؤدد وجميع الخصال الطيبة في قاموس اللغة العربية، وهكذا فإن الطيبات للطيبين فإن مثل تلك الوصلات تكون خيراتها وارفة الظلال على المجتمع بل البشرية قاطبة تنهل من عطاء تلك المقاربات المباركة، وينقل في هذا المضمار عن السيد الأمين في المجالس السَنيَّة ما مُلخَّصُه : جاء الإمام علي (عليه السلام ) إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو في منزل أم سلمة ، فَسَلَّم عليه وجلس بين يديه .فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( أتَيْتَ لِحاجَة ؟ ) .فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( نَعَمْ ، أتَيتُ خاطباً ابنتك فاطِمَة ، فهلْ أنتَ مُزوِّجُني ) .قالت أم سلمة : فرأيت وجه النبي ( صلى الله عليه وآله ) يَتَهلَّلُ فرحاً وسروراً ، ثم ابتسم في وجه الإمام علي ( عليه السلام ) ، ودخل على فاطمة (عليها السلام ) ، وقال ( صلى الله عليه وآله ) لها : ( إنَّ عَليّاً قد ذكر عن أمرك شيئاً ، وإني سألتُ رَبِّي أن يزوِّجكِ خَير خَلقه ، فما تَرَيْن ؟ ) .فَسكتَتْ ، فخرَجَ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو يقول : ( اللهُ أكبَرُ ، سُكوتُها إِقرارُهَا ) .فقال لعلي(ع) : وما تملك من مال؟ وهو يعرف ما عنده وما يملكه، لأنه هو الذي رباه، وكان علي(عليه السلام) معه في حلّه وترحاله، في ليله ونهاره، في سلمه وحربه، فهو من يعرف ميزانيته المالية كما يعرف فضائله العلمية وخصاله الروحية، ومع ذلك سأله ـ وكم من سائل عن أمره وهو عالم ـ "ما معك؟ قال: معي درعي وسيفي وهذه الثياب التي ألبسها، قال(صلى الله عليه وآله) : أما سيفك فلا تستغني عنه لأنه السيف الذي تذب به عن الإسلام وتجلو به الكرب عن وجه رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولكن أعطني درعك ومن ماله كان مهر الزهراء (عليها السلام).فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أَنَس بن مالك أن يجمع الصحابة، ليُعلِنَ عليهم نبأ تزويج فاطمة للإمام علي ( عليهما السلام ).فلما اجتمعوا قال ( صلى الله عليه وآله ) لهم: ( إنَّ الله تَعالى أمَرَني أن أزوِّجَ فاطمة بنت خديجة من علي بن أبي طالب ).ثم أبلغ النبي ( صلى الله عليه وآله ) الإمام عليّاً بأنَّ الله أمَرَه أن يزوِّجه فاطمة على أربعمِائة مِثقال فِضَّة، وكان ذلك في اليوم الأول من شهر ذي الحجَّة، من السنة الثانية للهجرة.ولقد تقدم إلى خطبة الزهراء (عليها السلام) الكثير من الصحابة لكن الرسول ردهم وعندما تقدم أمير المؤمنين علي عليه السلام تهلل وجهه وفرح فرحا شديد.وأهم ما يلفتنا في هذا الزواج هو ما جاء في الحديث المروي في كشف الغمّة عـن الإمام جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام): عن النبي(صلى الله عليه وآله) ـ قال(عليه السلام): "لولا أن الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين(عليه السلام) لفاطمة، ما كان لها كفؤ على وجه الأرض".وكيف لا تكون كذلك وهي أم أبيها ومحور الإمامة وامتداد النبوة؟! تلك العظيمة التي لولاها لما خلق الله الأكوان ولما خلق الإنس والجان، وهي العالمة الفاضلة التي ضربت لنا أروع الأمثلة في العلم والورع والجهاد والعفة والفضيلة، كيف تقترن بغير سيد البلغاء وقائد الغر المحجلين ويعسوب الدين والفاروق الأكبر والصديق الأصدق وأول المؤمنين وقامع الكافرين أسد الله الغالب علي بن أبي طالب عليه السلام، وربما هذه الوصلة الكريمة تعطينا زخما معنويا وطاقة متجددة بأن نربي أبناءنا وبناتنا على نهج الزهراء وأمير المؤمنين عليهما السلام، إنشاء بيوتات علوية في منهجها، فاطمية في عفتها وفضائلها لكي نتحصن بها إزاء ما تداهمنا من مضلات الفتن ومغريات الزمن الكلب، وما أحوجنا في هذه الأيام المفعمة بالمغريات إلى طهر كطهر الزهراء وإلى علم كعلم أمير المؤمنين، وبجناحيهما تستطيع عوائلنا الكريمة التحليق في فضاء الكرامات وإلا فإن السقوط والاندثار يكون متربصا بهم وإن تشدقوا بالشعارات البراقة والكلمات الفارغة التي لا تغني ولا تسمن من جوع إلا من ركب تلك السفينة العلوية التي فيها المنجى، وبها تنال التقى وتتحقق جميع الطموحات والمنى.ويمكن استخلاص عبر جمة وثمار متعددة من تلك القصة المعبرة نوجزها بما يلي:1- عندما يريد المرء الإقدام على أمر الخير فلابد أن يفصح عن ذلك دون تردد، لأن الفرص تمر مر السحاب ولابد من استثمار الصالح منها وترك الطالح.2- التعامل الإيجابي مع الذي تتوفر فيه إمارات التقوى والأخلاق وعدم الإفراط به عن طريق وضع العراقيل التي قد تسبب ضياع تلك الفرصة الذهبية دون رجعة.3- المادة وإن كانت ضرورية في تمشية الأمور المعاشية للأسرة، بيد إنها ليس تعني كل شيء، إذ إن الأسرة السعيدة تقومها مبادئ المحبة والإيمان والانسجام والأخلاق ويمكن اعتبار المادة جزء من كل ليس إلا.4- الإجهار بالتزويج وبكل أمر خير في المجتمع للتشجيع عليه وإشاعته والترغيب فيه وذكر ايجابياته المادية والمعنوية للحيلولة دون شيوع المنكر الذي فيه من المنغصات ما لا تنكر.5- التقليل في المهور للتسهيل في عمليات الزواج وسد الأبواب أمام مظاهر الفساد، حيث إن الكثير من حالات العنوسة التي نعاني منها هي غلاء المهور مما تسبب كما لا يخفى من مفاسد لا يحمد عقباها.6- انتخاب الكفؤ في التطابق الفكري والثقافي والإجتماعي بين الزوجين، لما له الأثر البالغ في عدم إجحاف أي منهما وإعطاء كل ذي حق حقه، وإلا فإن المشاكل تنهمر علينا انهمارا فيما إذا لم نراع تلك النقطة الحساسة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كمال امير
2010-11-01
اللهم اقبلنا خدما في بيت النبوة وانا نسالك الجنة بحبنا لال اشرف بيت امين امين امين يا رب العالمين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك