المقالات

خطة لصناعة المجتمع الاستهلاكي


حافظ آل بشارة

مع بداية الموسم الدراسي الجديد وفي كل سنة تفتح ملفات ملحة من نوع آخر لا تتصل بالدراسة مباشرة بل تتعلق بحياة الشباب عندما يكونون خارج غرفة الدرس ، هناك كليشة قديمة تقول بأن الشباب يتربون وينمون أخلاقيا وثقافيا عبر ثلاث منظومات هي الأسرة والمدرسة والمجتمع ، سلامة التربية تعتمد على سلامة الحلقات الثلاث ، لكن هل الأسرة العراقية في وضعها الراهن مؤهلة لتربية الابناء بشكل صحيح ؟ الأغلبية السكانية تعاني أزمة السكن ، الفقر ، البطالة ، القلق المعيشي ، القلق الأمني ، ضغوط الحياة اليومية ، كان الناس في الملمات يهرعون الى الدعاء والتضرع ، اليوم هناك من يريد ان يبعد الناس عن الدين بربطه بالانتحاريين والمجانين والتطرف والذبح . الدين مصدر الفضائل والطمأنينة في جميع الأمم ، الاسرة العراقية وسط هذه المشاكل غير متفرغة تماما لتربية الابناء ، النقص في دور الأسرة يجب ان تعوضه المدرسة ، لكن المدرسة تواجه المأزق نفسه وقد تتحول احيانا الى جزء من المشكلة وليس الحل ،

وعندما يتضائل دور الأسرة والمدرسة في تربية الشباب سيكونون كقطيع الخراف المطوق بالذئاب الكاسرة ، بعض المثقفين يرفضون التحدث عن الغزو الثقافي ويتهمون القائل به بأنه يؤمن بنظرية المؤامرة ، قال أحدهم : هذه الشعوب لا تحتاج الى أي غزو اتركها لمشاكلها وهي تنهار تلقائيا ، هذه النظرة التبسيطية الاستعلائية تفتقر للموضوعية ، مراكز الاعلام الغربي نفسها تعترف بأنها تتولى نشر ثقافة الحداثة والعولمة والاندماج وازالة الحواجز بين الأمم ، وتستظل بشعارات براقة مثل التسامح والحوار والتعايش والاندماج ، بينما الحقيقة هي تكريس مفهوم الأمم التابعة الفاقدة للهوية والتي تعيش عالة على الدول الكبرى الممسكة بزمام الهيمنة العسكرية والسياسية والثقافية ، الاستقلال الثقافي لا يختلف عن الاستقلال السياسي والاقتصادي والعسكري ومن يدعي حفظ السيادة الوطنية فعليه اولا حفظ السيادة الثقافية ، واذا استطاعت قوات أجنبية ان توفر الأمن للبلد مدة من الزمن فهذا لا يعني امكانية توفير الثقافة والتربية بجهد اجنبي مماثل ، ليس معقولا ابقاء مصادر التثقيف الاجنبي كالانترنيت والفضائيات منفلتة الى هذا الحد تحت تصرف الشباب في سن المراهقة بما تحويه من سم وعسل ، استمرار هذا الوضع يبلور مجتمعا يتكاثر عشوائيا وينتج افواجا من العاطلين والفاشلين والمتميعين والاتكاليين وفاقدي روح المبادرة صم بكم لا يعرفون من أي امة هم وما هو ماضيهم وماذا عن مستقبلهم ، مجتمع معاق ، عدة ملايين من المنغوليين يستهلكون ملايين الهواتف المحمولة والحواسيب واقراص الافلام والالعاب وملابس الجينز ومستحضرات التجميل والمشروبات والمأكولات ، يتعلمون كيف يستهلكون لا كيف ينتجون ، سلع وخدمات بملايين الدولارات تأتيهم من مراكز الانتاج والتسويق العالمي وهي تشفط عوائد النفط شفطا ، هذه الثمار المقطوفة حتى الآن من التغريب الثقافي وهو المطلوب !.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
الاستاذ فائز علي
2010-10-27
هل يقترح السيد بشارة سيطرة الدولة علىالمحطات وتحديد مواقع الانترنيت ووضع الرقباء على العقول وتقيد الحريات بحجة ان هناك غزوثقافي موجه لنا ويبث العيون ويعيد انفاس القائد بيننا واذا امسكنا الارض فمن يمسك السماء سيدي ليست هذه الا حلول العاجزين وديكتاتورياتنا العربية وحلنا يكمن في مد جسور التواصل واللقاء مع تلك المدنيات التي تريد محاربتها والتفاعل معها ومحاولة خلق جو من الانسجام بيننا وبينها لاننا نخدع انفسنا اذا اردنا ان نكون انتقائيين فالمدنية تؤخذ صفقة واحدة بحسناتها وسلبياتها
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك