المقالات

المجلس الأعلى رهان المواطن العراقي


وليد المشرفاوي

إن موقف المجلس الأعلى بضرورة وجود بديل لرئيس الوزراء السيد المالكي لا يؤخذ من جانب شخصي أو حزبي , بل هو في الواقع موقف واقعي يأخذ بنظر الاعتبار طبيعة الظروف المرحلية التي يشهدها العراق, ويبدو إن جميع الكتل متفقة على ضرورة وجود تحالف يؤدي إلى مصلحة البلاد , لكن لا يكون ضمن حسابات الخارطة الإقليمية والأجنبية المشبوهة , فالكل يريد من السيد المالكي أن يكون أكثر شفافية في التعامل , وان يتحلى بروح رياضية في تقبل الآخر , والتنازل من اجل مصلحة العراق, وليس التمسك من اجل مصلحة شخصية أو حزبية ضيقة, المرحلة المقبلة تقتضي تبني سياسات وأهداف جديدة في ظل الإخفاق الكبير الذي منيت به حكومة ألسيد المالكي , وعدم قدرته على تحقيق الأهداف والبرامج التي وضعت للحكومة للقيام بعملها , والتي من بينها ملف الخدمات , إذ أن موضوع الميزانيات والقروض العراقية من القضايا التي تابعناها خلال السنوات الأربع , وهي ليست بخافية أبدا عن العراقي لأنها من المواد التي كان يتداولها الإعلام العراقي كما كانت تتداولها الحكومة على أنها انجازات , وتتناولها الأطراف الخارجة عن قبة مجلس الوزراء على أنها أخفاقات للحكومة, فكلنا نعرف الانجازات والإخفاقات بحكم جو الديمقراطية , وكلنا نعلم إن الوزارات لم تنفق إلا النسب القليلة من الميزانيات ,ومن ابرز الوزارات(التربية)التي انفقت9% من الأموال المخصصة , وهذه النسبة لم تذهب للأعمار طبعا , لأننا لم نشهد بناء مدرسة ,بل إن ما بني من مدارس هو انجاز من ميزانية مجالس المحافظات,فيما حاولت الحكومة أن تقترض 71مليار دولار لترهن العراق وتحبسه ضمن إطار الهيمنة الأجنبية المالية عليه,والتي كانت ستجعل العراق في وضع مشابه لوضع مصر أيام الخديوي الذي رهن كل مصر لصالح البنوك البريطانية والفرنسية ,والتي لم تكتف بذلك بل هيمنت على ارض مصر بشكل مباشر ,وذلك عندما سيطرت على أسهم شركة قناة السويس المعروفة,وذلك لان الحكومة التي تحمل جنسية مزدوجة ستهرب أو تفر من السفارات التي ينتمون إليها,وإلا فلماذا لم تنفق الميزانيات,ومع الانتخابات طالبت الحكومة بقروض عالية ترهن الإرادة العراقية وتجعل المواطن يعيش تحت خط الفقر حتى ألف عام أخرى , فقد أنفقت الدولة كميزانيات ما مقداره (200)أو(280) مليار أو حتى(170)مليار على اختلاف الآراء لم يتطور العراق,ولم نحصل على كهرباء , وماءنا يختلط السيئ بالصافي , والحصة مسروقة , فهل ستقف تلك السرقات؟,كما إن الحكومة أهدرت وبشكل غير صحيح مئات المليارات من الدولارات والتي لم تنفق في إقامة مشاريع ذات كفاءة عالمية واضحة ,بل ذهبت في مشاريع تجميلية وغير ناجحة وكفوءة,وهناك أرقام تتحدث عن موازنات ضخمة لدوائر ووزارات الدولة , ففي قطاع الكهرباء والنفط , فقد خصص لهما ما يقارب من(24.98) تريليون دينار من أموال الموازنات الأربع !,إما قطاع الأمن (أي وزارة الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات ومكتب القائد العام للقوات المسلحة ), فقد خصص لذلك مبلغ (42.7) تريليون دينار , وهل ياترى إن هذه المبالغ لم تكن لتكفي ما يمكنه تحسين أوضاع الكهرباء أو الصحة أو البطاقة التموينية أو النفط أو الأمن أو التعليم أو قطاع شبكة الحماية الاجتماعية أو التربية أو تحقيق فرص عمل أكثر للعراقيين؟,وكم هو مبلغ المنح الدولية التي دخلت في مجال مساعدة المؤسسات الحكومية لتكون أموالا رديفة للموازنات المذكورة سلفا؟, مما يعني إن دخل الحكومة فاق مبلغ (195) مليار دولار طيلة السنوات الأربع , فحينما يعلم المواطن إن أكثر من (21) مليار دولار قد تم تخصيصه خلال السنوات الأربع لوزارة النفط والكهرباء ولم تتمكن الوزارة من أن تحفر بئرا واحدة جديدة للعراق , بل تمكنت الوزارة من أن تطمر أكثر من(380)بئر حتى عام 2008,وحينما يعلم المواطن أن الوزارة لم تشيد أي مشروع استراتيجي أو نصف استراتيجي , فمن حق المواطن أن يتساءل أين المال الذي تم إنفاقه على وزارة النفط؟,نعم الوزارة قالت بدأنا بمشاريع , ولكن غالبيتها كانت حبر على ورق , أو أنها كانت من مشاريع الاستثمار وليس من المال الحكومي, إذن أين ذهبت الأموال؟, أما الكهرباء التي حولت العراق إلى أضحوكة في العالم لعدم وجود دولة أنفقت على الكهرباء كل هذه المبالغ, ولم يتمكن مواطنها أن يتنعم بنعمة الكهرباء , بل كانت الحكاية برمتها قصة مترامية الإطراف عن الفساد المستشري في كل أروقة صرف المال ,ولهذا فمن الطبيعي من حق المجلس الأعلى ان يرفض ترشيح السيد المالكي لرئاسة الوزراء لولاية ثانية , كون المجلس الأعلى تصدى لقيادة العراق , وقيادة التجربة في أصعب الظروف واحلكها , وقدم الكثير من التضحيات من دماء قياداته وأنصاره وأبنائه في سبيل هذه التجربة , وان لا يعود العراق إلى الدكتاتورية مرة أخرى ,وخرج صلب العود وأقوى من قبل صهرته وقوت عوده في التحدي لأنواع وأشكال المخاطر والعقبات , وهو تاريخ حافل بالعطاء والفكر والثقافة والإيمان والصمود والشهادة والبطولة ضد كافة طواغيت العصر , وعلى الرغم من كل هذه التحديات أثبتت الأحداث ترسخ قيادة ونضال المجلس الأعلى, بدأ من المعارضة في داخل العراق وبعد الهجرة خارج العراق , حتى انهيار النظام البائد.إن الرهان على المجلس الأعلى من قبل غالبية الشعب العراقي يعود إلى معطيات عديدة أهمها:-أولا:دعوته وتمسكه في الحفاظ على الوحدة الوطنية العراقية.ثانيا:دفاعه عن مظلومية الشعب العراقي ونيل حقوقه وحرياته.ثالثا:دوره في الرد على الإرهاب ومقاومته وتحقيق الأمن للشعب العراقي .رابعا:ارتباطه الروحي والعلمي بالمرجعية الرشيدة.خامسا:دعوته إلى استقلال وسيادة العراق.سادسا: دعوته إلى بسط سلطة الدولة وهيبتها وحصر السلاح بيد الدولة.سابعا:قيادة العمل الوطني نحو إعادة العلاقات الطبيعية مع المحيط العربي والإقليمي والدولي.ثامنا:تعميق وترسيخ الوعي الإسلامي والرسالي.تاسعا: دوره البرلماني في سن القوانين والتشريعات التي تخدم الصالح العام.عاشرا: دعوته إلى حكومة الشراكة الوطنية.ونعتقد إن المعطيات والانجازات سوف لن تقف عند هذا الحد , فالشعب العراقي ينتظر المزيد من الأداء الحكومي والسياسي , ليبقى المجلس الأعلى المعبر عن تطلعات وآمال الشعب العراقي في الحرية والمساواة والرفاه والأمن, فالشعب العراقي يستحق كل الخير لما قدمه ويقدمه من التضحيات الجسام في سبيل نجاح التجربة الديمقراطية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك