واثق البدران
ثمة فارق كبير بين من يبحث عن الأضواء وبين من تبحث عنه الأضواء كما أن اكتساب شخص ما للشهرة والسمعة العريضة على مختلف الأصعدة (ثقافية ،فنية،سياسية ...الخ) لا يعني أبداً أنه لا يوجد بين غيره من (المجهولين) من هو أفضل منه والأفضلية هنا لا تخضع للأهواء والميول والعاطفة فعلى سبيل المثال حبّ سيد الشهداء عليه السلام لا يعارضُ الإقرارَ بشاعرية قاتـله اللعين وبلاغته، وما قاله خير شاهد :
وأمْطـرَتْ لؤلؤاً من نرجسٍ وسَـقـتْ ... وَرْداً وعَـضَّتْ على العِـناب بالـبَـرَدِ
المراد قوله أن أفضلية الشخص وعلو كعبه في ميدانٍ ما لا ترتبط بمشاعر الحب أو البغض المكنون أو المعلن لهذا الشخص فالمفروض على المثقف الملتزم أن يكسر قيود الهوى والميول والإرتباطات حزبية كانت أو وظيفية إذا كان في معرض الدفاع عن مثقف آخر يرمى - حسب ظنه - بسهام القدح الباطل من خارج ميادين الرمي المشروعة ! أو كان في معرض تحليل أوانتقاد نصٍّ أدبي أو عمل فني وغير ذلك.
الموضوع:
كنت متسمراً أمام التلفزيون بانتظار خبر تسمية التحالف الوطني مرشحه نوري المالكي لرئاسة الوزراء ولم تستقر بين أصابع يدي أزرار الريموت الكونترول حرصاً على عدم تفويت تعليقات المحطات وما تكتبه في (عاجل) أخبارها حول هذا الحدث المهم وحين وصل الدور على فضائية (الإتجاه) لأدوِّن نصَّ ما هو مكتوب في شريطها الخبري حول ترشيح المالكي مثلما دونت ما جاء على غيرها من الفضائيات فوجئت بانها كانت ميدان رمي يتبارى فيه أكثر من رام وراميةٍ اما المستهدف من سهامهم الحرملية فلم يكن ضمن ضيوف البرنامج كي يشاهد أوراقه المعلقة !
(أوراق معلقة) هو البرنامج الذي كانت تبثه القناة وقد كان مقدم البرنامج يتحدث مع ضيفٍ على الهاتف حول السيد نوفل أبو رغيف وما راعني الا وانهما يأكلان لحم الرجل ميتاً دون شعور بكراهة وقد ظهر مقدم البرنامج متهكماً ساخراً من قابليات أبو رغيف الثقافية وأن (( دخوله للثقافة جاء بالمحاصصة بشكل طارئ)) على حد تعبيره وبالجملة فحديثه وحديث من استضافه على التلفون - الشاعر زاهر موسى كما مكتوب بالتايتل- لا ينسجم ابداً مع الأجواء التي نحرص أن تسود عراقنا الجديد وأن تسود أوساطه الثقافية على وجه الخصوص.
- مقدم البرنامج :- (( أبو رغيف يعتمد لجنة خبراء في إدارة الشؤون الثقافية تختار المطبوع .. أريد أسألك هل هي بمستوى عالي من الثقافة حتى تحكم على هذا المطبوع أوغيره ؟))
- الضيف :- (( أنا أحب أسال مِـنو (مَـنْ) أعضاء اللجنة صارلنه اسْـنيـن نريد نعرف مِـنو اللجنة ما كاعد نعرف . يتكرر على أسماعنا بعض الأسماء لا أحد مقتنع بها فقط أبو رغيف .. الايفادات محصورة بعدد معين من الشعراء والأدباء والمثقفين، هناك شاعر راح لبنان قطر صربيا الجزائر كثير أقدم مِـنَّه قاعدين ساكتين ))
- مقدم البرنامج :- ((هذا الشاعر شنو علاقته بنوفل أبو رغيف؟))
- الضيف:- ((علاقته بصراحة ربما الموضوع محرج .. نوفل ربما يحِبّ الجماعة يتوسلون به.. ربما يروّجون لبو رغيف))
غيرت المحطة متألماً لما سمعت من كلام لا يندرج أبداً في خانة النقد بل كان كاشفاً عن حسد وحقد لما يتمتع به الآخرون من امتيازات حصرها المتحدثون بالإيفاد والسفر للخارج ولماذا يطبع ديوان فلان ولا يطبع كتاب فلان وغيرها من الأمور التي لا تستدعي التعرض بهذه الطريقة من شخص الرجل وحيثياته الذاتية.
كان هناك أكثر من متحدث لكن لم أستطع متابعة الحلقة لإنصرافي الى ما هو أهم في تلك اللحظة حيث كنت أترقب إعلان نتائج اجتماع التحالف حول مرشحهم لرئاسة الوزراء وكان مقدم البرنامج يتحدث عن إهمال متعمد من المديرالعام - يعني نوفل أبو رغيف- للمثقفين في ما يرتبط بطباعة أعمالهم ومنجزاتهم وتسويقها بينما في المقابل والكلام للمذيع ((... أما إذا إجه (جاء) أحد المقربين من إدارة دائرة الشؤون الثقافية حتى لو كان هزيل وبمستوى الهزالة وبمستوى لا يليق بثقافة المجتمع العراقي ولا يليق بالمثقف العراقي فهذا يطبع وينقح ويباع في الأسواق وما أعرف إلى آخره أيضا الكثير الكثير من المشاكل التي ربما يتهرب منها مدير دائرة الشؤون الثقافية )) وأضاف:
(( من هنا خطابنا إلى وزير الثقافة وإلى كل المسؤولين وحتى لِـلّـي رشــحَـوْ( الذين رشحوا) نوفل أبو رغيف لهذا المنصب أن يعيدوا حساباتهم في هذا الموضوع وأيضاً يضعوا النقاط على الحروف يضعوا الرجل المناسب في المكان المناسب ))
كتبت اسم الشاعر أبو رغيف على صفحة باحث الإنرتنت الأكبر(السيد كوكل) للمزيد من الإطلاع على الأخبار المتعلقة به وظهرت الى جانب صفحته الشخصية صفحة تقذف بحمم الإتهامات وترشقه بما هو أمض من سهام قناة الاتجاه !
لست محتاجاً لنوفل المدير العام ولا فلان وكيل الوزير ولا حتى لمن هو أرفع منهم منصباً فقصائدي على تواضعها ضمت ما يزيد على الألف بيت شعر باستطاعتي بفضل الله الآن وقبل الآن بسنوات أن أجمعها في ديوان وبامكاني إخراجه وعلى حسابي الخاص بطباعة أنيقة ولا أحتاج الى من يسوِّق لي ويروِّج (بضاعتي) في سوق الثقافة العراقية الذي يمر بأزمةٍ أشد من الأزمة العالمية التي ضربت أسواق المال والأعمال ولعل ضجيج باعة (سوق الهرج) أقل إزعاجاً للمثقف من تهريج باعة دكاكين هذا السوق وسوقـيّـة المروجين لبضائعه !
الثقافة لا تحكم بقانون تشرعه الحكومة او مجلس النواب بحيث أن هذا القانون يجعل من المثقفين موظفين في دوائرها، كما أن فاقدي الثقافة من موظفي الحكومة لا يمكن أن يتحولوا الى مثقفين بجرة قلم من مدراء دوائرهم أو حتى من رئيس حكومتهم.
الحقيقة أني كشخص مؤمن بالديمقراطية والحرية لا أنكر على أحد ممارسة حقه في التعبير عن رأيه مهما كان هذا الرأي مخالفاً لوجهة نظري ولا أستنكر أو أعترض على هذه القناة ومقدم برنامجها لأنه تعرض للسيد نوفل حول ادارته لدائرة حكومية بل لا ولن اعترض عليه إذا أراد أن يتعرض لكل دوائر الحكومة ومنتسبيها من أدنى موظف الى أعلى واحد .
الإعتراض هو على سخرية مقدم البرنامج وضيفه (الشاعر)من ثقافة السيد نوفل ابو رغيف فهو كما معلوم لدى الكثيرين شاعر كما أن مقدم برنامج (سيرة مبدع) الذي لا أعرفه ولا يعرفني (عارف الساعدي) شاعر فقد عرفته حين سمعت شعره كما عرفت الكثيرين غيره حين قرأت لهم وسمعتهم ونوفل أبو رغيف أحدهم وما عدا ذلك من اتهام له أو لأقاربه فهذا شأن آخر.
إنه لمن المعيب جداً على قناة يفترض انها ألزمت نفسها بأخلاقيات المهنة المقدسة أن تتعرض للآخرين مع امكانيتها استضافتهم والحديث معهم وجهاً لوجه . أليس ذلك أفضل وأقوم ؟
استغلال قناة الإتجاه لفتح النار على من لا يعجب مقدم برنامجها او ربما على من لا يعجبها هي، هذا الاستغلال يعطيه حق الرد عليه وعلى القناة من موقعه فهو الآخر يعمل مقدم برامج ناجح ويملك من أوراق اللعب الناري ما يفتقده من قدم تلك الحلقة من (أوراق معلقة) ويمكن لنوفل بلغته الأقوى (الفصحى) من لغة ذاك (أكثر حديثه بالعامية) ان يرد الصاع صاعين وأغلب ظني انه متمكن من هذا الأمر.
هذا الإستغلال هو استخدام سيء وسلبي للقنوات التي يراد منها أن تكون دالة على طريق الحقيقة .وقناة الإتجاه التي رفعت شعار (للحقيقة اتجاه واحد) ان سمحت لهذا الإستغلال فهي تتاجر في مزاد رخيص لأن تعدد اتجاهات (حقيقتها) يخسرها مصداقيتها عند المشاهد المثقف الذي لا تخفى عليه (إنتقائية) القناة المغلفة بخلفيات جهوية في استهداف من تريد جعله مادة دسمة على مائدة لا يدعى لها الا من يوافق هذه الإنتقائية من حيث يدري هذا المدعو أولا يدري وهذا بالحقيقة تلاعب من القناة وليس تلاعباً بالحقيقة لأن الحقيقة لا يتلاعب بها أحد مهما حاول تغييبها .
حقيقة تلك الحلقة تكمن في هذا السؤال: هل كان ارتباط الرجل بقناة الفرات (المجلس الأعلى الإسلامي العراقي) سبباً وراء هذا الهجوم ؟ لدي من المصادر الثقاة من لا يستبعد ذلك فالملاحظ ان بوصلة قناة الإتجاه تأثرت بمجال مغناطيسي قوي جرَّد شعارها حول الحقيقة وأفرغه من معناه وجعله مجرد شعار لا أكثر ! فالحقيقة التي لا اتجاه آخر لها هي أنهم - طبقاً للمصادر الثقاة - لا يجهلون سبب موقف المجلس الأعلى من موضوع مرشح الرئاسة لكنهم مأمورون بتغيير البوصلة وليتهم لم يفعلوا لأن الحقيقة لا تتغير بتغير سياسات القنوات وان تعددت اتجاهاتها أو اتجاهات المجالات المغناطيسية المؤثرة عليها.
https://telegram.me/buratha
