المقالات

الفضاء الوطني والتدخل الخارجي


جواد العطار

تراكم الاخطاء المترتبة على سياسة النظام السابق تسببت بنقل الملف العراقي بشكل مباشر الى الطاولة الدولية ، وهيأت الموقف والوضع لاحتلال البلاد ونقل زمام المبادرة من الشأن الوطني الى الشأن الخارجي ، وكان ذلك نذيرا ببروز الكثير من الظواهر التي لم تكن تنسجم في يوم من الايام مع واقع العراق واعرافه الاجتماعية والسياسية ، ومن بين تلك الظواهر والامراض الغريبة المحاصصة المذهبية والقومية التي اعتمدت من قبل السفير بريمر ، بداية الامر ، وسيلة لادارة البلاد وكانت السبب الرئيسي في تعقيد المشهد السياسي والمساهمة بإيجاد نوعا من التخندق الطائفي والعرقي وبالتالي اللجوء الى خارج الحدود لاستيراد عوامل الاستقواء على الفرقاء داخل الحدود في محاولة لابتزازهم والدفع بهم الى زاوية الاستسلام والقبول بالامر الواقع ... هذه النتيجة كانت حصيلة لمقدمات سبقت السقوط وهيأت لسلسلة تداعيات وانهيارات وقعت بعده ، وهي نتيجة طبيعية لغياب العامل الوطني في التغيير والاستعاضة عنه بالعامل الاجنبي الذي عادة ما يراهن على مواطن الضعف ويحاذر مواطن القوة داخل الامة والمجتمع .

عندما نسلم بهذه الحقيقة ينبغي علينا التسليم ايضا بما لحق بنا من ازمات خطيرة ومختلفة آخرها ما انتهت اليه مساعي تشكيل الحكومة التي ما فتأت تتفاعل منذ اكثر من سبعة اشهر لتتحول الى ازمة سياسية مستعصية ، فقد ولدت هذه الازمة من رحم التدخلات الخارجية وهذا ما اشار اليه رئيس الوزراء المنتهية ولايته ووزير خارجيته ذاتهم مؤخرا في معرض تذكيرهما بالاسباب الحقيقية المؤدية الى الاوضاع السياسية الحالية ، ومؤدى ذلك ان المناعة الوطنية لازالت للاسف الشديد غير مؤهلة لمواجهة التدخلات الخارجية والحيلولة بينها وبين العبث بالارادة الوطنية والتأثير على المشاريع الداخلية ... الاصوات المسؤولة كانت ولا زالت تمثل هاتفا لايقاض دعاة التدخل الخارجي من غفوتهم والعمل على اعادتهم الى دائرة الخيار الوطني واستضافتهم للجلوس على الطاولة الوطنية المستديرة وهذا ما يمكن ملاحظته في دعوات الائتلاف الوطني التي اطلقها في فترة مبكرة من ظهور نتائج الانتخابات السيد عمار الحكيم ، ثم عاد السيد مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان ليؤكدها عبر دعوة مماثلة وجهها للقوائم الفائزة لكي تجلس على طاولة واحدة ، لكن هذه المرة عبر ممثلين اثنين عن كل كتلة سياسية مفاوضة . وبناء على ذلك لا بد ان ننتهي الى نتيجة مفادها ان البلاد اليوم ممثلة بقواها السياسية في مواجهة خيارين مصيريين :

الخيار الاول - القبول بالتدخلات الخارجية والاستسلام الى طروحاتها الداعية الى تقاسم السلطة وتوزيع الصلاحيات وتسمية رئيس الوزراء بطريقة تهميشية لا تأخذ بتوجهات الفرقاء ولا تلتفت الى تصوراتهم او تحترم استحقاقهم الانتخابي فضلا عن احترام توجهات الشارع والمواطن .

الخيار الثاني - يتمثل بالاحتكام الى الفضاء الوطني والاصطفاف مع القوى السياسية والالتقاء مع شركاء الوطن للاتفاق على تسمية مرشح القبول الوطني لتولي رئاسة الحكومة القادمة .

واذا كان من المنطق منح التحالف الوطني الحق بترشيح واختيار رئيس الوزراء كونه الكتلة الاكبر والجهة المخولة دستوريا لانجاز مثل هذه المهمة ، الا ان ذلك لا يمنع اللجوء الى الفضاء الوطني الواسع والاخذ بآراء جميع الاطراف والفرقاء للوصول الى موقف وطني جامع يوفر الضمانات العملية اللازمة لشرعية الحكومة ولانجاز مقبوليتها على الصعيد الوطني ، ومثل هذه المهمة تبدو في غاية الضرورة اذا اخذنا بنظر الاعتبار الظرف السياسي القائم وحاجة الوطن الى المزيد من التقارب خاصة اذا كان الامر يتعلق بقضية مصيرية كقضية تسمية رئيس الوزراء او تشكيل الحكومة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك