المقالات

لماذا أصبح أخواننا علمانيين؟


ابو محمد

لم يقتصر تأثير عدم وضوح افكار الدعوة الاساسية على الخلل في بناء شخصية الداعية الاسلامية فحسب، بل تعدّاه الى مهمة الدعوة في رعاية الامة، أي الجانب السياسي. وكان ذلك طبيعيا ومتوقعا، لأن شخصية الداعية اذا بنيت على اساس الاسلام فان جميع افكار الداعية وعواطفه وسلوكه تصبح اسلامية، اما اذا تسللت الى قلبه وعقله افكار وميول غير اسلامية، او اذا سيطر عليه الهوى والعياذ بالله، فلن تكون النتيجة الا ازدواجا في الشخصية نلمس اليوم آثاره بوضوح في مناحي تفوق الحصر.

ومن الاثار الصارخة لهذا الازدواج في الشخصية ما تردد على السنة الكثير من اخواننا من دعوتهم الصريحة أو المبطـّنة الى العلمانية بعد ان نبذوا وراء ظهورهم آراءهم السابقة عنها واشتروا بها ثمنا قليلا يرفع درجتهم عند الذين كفروا ويخفضها عند الذين آمنوا.

ومن لم يصرح منهم بايمانه بالعلمانية عبـّر عن ايمانه بها باعراضه عن الدعوة الى الله التي هي اساس دعوتنا المباركة والتي باسمها واسم شهدائها صعد هؤلاء الاخوان الى السلطة.

كما عبروا عنها بتقريب المتزلفين واقصاء الناصحين، والاستغناء بالظالمين عن المؤمنين، وعدم محاسبة لصوص بيت المال خوفا من العواقب الوخيمة التي تترتب على محاسبتهم مما لا يخفى على المؤمن البصير بزمانه، وهو أمر يحزن النفس ويدمي القلب.

لقد اصبح اخواننا علمانيين تماما، ولا يقلل من علمانيتهم عدم منعهم العمل للاسلام، فهذا السماح يتمتع به المسلمون حتى في دار الكفر، ولا فضل لاخواننا في ذلك السماح، فالمؤمنون يشتركون مع سائر الملل والنحل في حرية الدعوة الى افكارهم في منظومة القيم المستوردة التي اقرها اخواننا كأحد شروط اشتراكهم في السلطة.

لقد دخلت فكرة العلمانية في ظرف واستفادت من ثغرة.

اما الظرف فهو غياب أوتغييب حملة الفكر الاصيل في الاسلام والدعوة، ويتجلى هذا واضحا في خطاب اخواننا في السلطة والذي لا يختلف عن خطاب أي سياسي لا علاقة له بالاسلام.

واما الثغرة فهي غبش الرؤية الذي تمتع به هؤلاء بالنسبة لمفاهيم الدعوة، فبعض اخواننا (وهم قياديون مع الاسف) فهموا خطأً فكر الدعوة القائل ان موقف الدعوة من الاحداث يقوم على اربعة اركان:

1ـ الحكم الشرعي

2ـ مصلحة الأمة

3ـ مصلحة الدعوة

4ـ الظروف والأحوال

وتصوروا ان هذه الأسس الاربعة بدائل يتنقل الداعية بينها ليختار منها ما يناسبه! وهذا ما صرح به قيادي يتولى اليوم مفصلا مهما في السلطة، حيث اعتبر ان ما يتخذه من مواقف مطابق لفكر الدعوة لان هذه المواقف تنسجم مع الظروف المستجدة، وقال بالحرف الواحد:" لا يجوزالتمسك بالمبدئية دائما، فالدعوة ايضا صرحت بان الظروف من الاسس التي تحدد اتخاذنا للموقف" .

ان خطا هذا الاخ القيادي ينبع من عدم فهمه ان هذه النقاط الاربع ليست بدائل يقفز من احدها الى الاخر عندما لا يعجبه واحد منها، بل هي دوائر متداخلة ملزمة على نحو التسلسل، أي اننا في تحديدنا لموقفنا من أي حدث ننظر اولا الى الحكم الشرعي لنلتزم به، فان اعطى الحكم الشرعي بدائل متعددة انتقلنا (وضمن دائرة الحكم الشرعي) الى الاساس الآخرواخترنا من هذه البدائل ما يتماشى مع مصلحة الامة، فان كان في مصلحة الامة بدائل متعددة انتقلنا وضمن مصلحة الامة الى الاساس الثالث واخترنا ما يناسب مصلحة الدعوة، وضمن مصلحة الدعوة نختار البديل الذي تسمح به الظروف.

ان وصول اخوان لا يفهمون فكر الدعوة المبدئي الى مواقع في السلطة يؤدي بشكل طبيعي الى دعوتهم الى العلمانية او عملهم بموجبها من دون تصريح بالايمان بها، لكن هذا الايمان العلماني سرعان ما ينكشف اذا عبس وتولّى أن جاءه من يدعو الى الله ويشغله عن اهل الكتاب أو مسلمة الفتح.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو رسل يتبع
2010-10-07
الحادثه جيدا فيااخي ابو محمد اذا انسان بعد ما يردعه وازع ديني او لم يجعل له طريق من القران واحاديث الرسول (ص)واهل البيت (عليهم السلام)وعلمائنا وماراجعنا العظام ونصائحهم وارشاداتهم فلايلومن الا نفسه ولا يسئل بعد ذلك باي واد هلك والسلام
ابو رسل
2010-10-07
اصبحوا علمانين من الجيل الثاني وبالتحديد عندما ناظرهم السيد الحائري في فكر الحزب حيث قال لهم لماذا تريدون ان تحذفوا المبحث الفقهي من من فكر الحزب قالوا له سيدنا خليك انت بشغلك واحنا بشغلنه وبعدها اصدروا كتيب باسم قرار الحذف حيث حذفوا المبحث الفقهي من فكر الحزب وعلى اثرها خرج السيد كاظم الحائري من الحزب بعد ان كان الاب الروحي لهم لعشرات السنين وايضا هجوم الشيخ المالكي من على المنبر في قم على فكر الحزب وارادوا ايذائه وعندما سمع بذلك قال لاانزل من المنبر مهما عملوا والذيين كانوا في ايران يتذكروا ال
علي البصري
2010-10-07
مع الاسف الشديد , حزني على الشعب العراقي الذي لا يعرف الحقيقة الا بعد فوات الاوان , وليس من المستغرب ان يكون العراقيين هم من يصنع الطغاة , لقد حذرنا من حزب الدعوة بعد سقوط الصنم مباشرة , الا ان الناس لم يهتموا بذلك , لقد عرفنا حقيقة حزب الدعوة في بداية التسعينات حينما كنا في ايران , ومدى عدائه للمجلس الاعلى وللسيد محمد باقر الحكيم , الا ان الاخرين وضعوا اصابعهم في آذانهم , العراقيون هم وحدهم من يتحمل المأساة , ولا أحد غيرهم . أخوكم لا زال في ايران هارب من بطش حزب الدعوة .
علي الدجيلي
2010-10-06
لقد اثبت الدعوة علمانيته في الكثير من المواقفم لا بل اثبت عدائه للاسلام ولكل من يدعوا الى الاسلام ففي لقاء مع وليد الحلي حينما سالوه بان مسؤول مكتب الفلاني سكير وللاسف سلوكه شاذ قال بالحرف الواحد هؤولاء من نبحث عنهم وهم من نحتاجهم لا يخدمنا من يطبق الشريعة حتى تفاجا جميع الوفد الزائر للحلي واستغرب من تصريحه وخرج مندهشا هذا هو الانحطاط الذي وصل اليه البعض والعياذ بالله ولا نستغرب لان الاسلا م نهم براء اضف الى ذلك الاساليب الرخيصة التي يتبعها مسؤول مؤسسة الشهداء التي يندى لها الجبين وتقشعر منها
احمد الربيعي
2010-10-06
من اجل الكرسي يغيرون كل شئ..فتره من الزمن وسيتغير حتى اسم الدعوه..هؤلاء يغيرون جلودهم افلا يغيرون مبادئهم!!!
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك