حسن الهاشمي
طلب العلم والمعرفة والتحلي بالقيم والأخلاق هما صنوان في العملية التعليمية لا يمكن أن ينفصلا لاسيما في الجامعات المختلطة التي ترفد القطاع العام والخاص بالكوادر التي تأخذ على عاتقها بناء الوطن وتطويره، وإذا ما أريد لذلك البناء أن يكون مستحكما راشدا علينا أن نسعى لتوطيد العلم والأخلاق في الجامعات، وهذا ما يميزنا نحن المسلمون عن غيرنا من المجتمعات المادية، حيث أن العلم ينبغي أن يكون ملازما للحياء والعفة وبهما نكوّن مجتمعا مثاليا يتنعم بالتكنلوجيا الحديثة ويتحصن بالقيم والأخلاق ويكون بمنأى عن مهاوي السقوط في مستنقع الفساد والرذيلة، التي لا تزال تجلب على مرتكبيها الخزي والندامة ربما تربك الحركة العلمية برمتها فيما إذا انهارت إحدى ركائزه، فعلم بدون تقوى بمثابة جسد بلا روح والعكس بالعكس، فبهما يكون العطاء أكثر تأثيرا وأعظم فاعلية وانتشارا. ومما لا شك فيه إن من أعظم مفاخر البشر ومزاياه صفة الحياء، حيث يتحسس الإنسان بفطرته النقية أن للآخرين حرمة لابد أن يؤديها إليهم، ومن ملك الحياء لا يفكر في تجاوز الآخرين، فكيف يفكر في اغتصاب حقوقهم والاعتداء عليهم؟!وهكذا يسعى الشيطان لإزالة صفة الحيـاء، وحث الإنسان إلى الاستهانة بالآخرين، وتصغير قدرهم، والتصوير بأنهم أقل منه فيحق له إذا تجاوز حقوقهم بل والاعتداء عليهم، وهنا يقف الإسلام له بالمرصاد فيأمر بالتمسك بالحياء والإبقاء على صفة احترام الآخرين حتى يقضي على التفكير في الجريمة.إن الحقوق الاجتماعية ليست بأقل حرمة من الحقوق المالية، ومن يعتدي على عرض إخوانه كمن يعتدي على نفسه أو ماله، ألم نقرأ الحديث الشريف المأثور عن النبي صلى اللــه عليه و آله : إن الله حرم من المسلم دمه وماله وعرضه وان يظن به الســوء.والعفة هي الامتناع والترفع عمّا لا يحل أو لا يجمل، من شهوات البطن والجنس، والتحرر من استرقاقها المُذِل، وهي من أنبل السجايا، وأرفع الخصائص، الدالة على سمو الإيمان، وشرف النفس، وعزّ الكرامة، وقد أشادت بفضلها الآثار: «ما من عبادة أفضل عند اللّه من عفة بطن وفرج».وبما أن الجامعات تعد مظهرا من مظاهر بناء البلد فلابد أن تكون ملاذا للعلم ومنتجعا للأخلاق ولا بد أن تكون رائدة في هذين المجالين .. وللحفاظ على المكانة العلمية للجامعات وكذلك المكانة القدسية لها، فإن الأساتذة والطلاب والطالبات والكادر الإداري والأمني مطالبون بالارتقاء العلمي والتربوي بشأن رفد الوطن بكوادر علمية نزيهة تعمل لصالح الوطن والمواطن ولصالح ترقيته في كافة المجالات، فالحرم الجامعي مكان مقدس يختلف عن بقية الأمكنة. وما لم تتظافر الجهود بين الطلبة الجامعيين والأساتذة وأولياء الأمور أن يضفوا حالة من حالات الآداب العامة فيها، وما لم يلتزم الطالب بعفته وإنسانيته .. وما لم تلتزم الطالبة بحيائها وشعورها بالمسؤولية .. وما لم تلتزم الجامعات بالعلم والأخلاق والابتعاد عن كل ما يخدش الحياء والأخلاق السامية.. وما لم يراقب الآباء والأمهات أبناءهم في الجامعات وخصوصا البنات ويلاحظون ملابسهم وتصرفاتهم.. وما لم تتظافر كل الجهود في سبيل دعم الحركة التعليمية والأخلاقية ودفعها للأمام بما يركز مقومات النهوض الحضاري، نحن نبقى نراوح مكاننا لا نتقدم أية خطوة هذا إذا ما انتكسنا إلى الوراء، هذه المسألة لها علاقة بالجانب التربوي ولابد أن توضع حلول حقيقية للحفاظ على الآداب العامة التي هي خطوط حمراء لا ينبغي خدشها حالها حال الدماء والأموال والأنفس..رؤساء الجامعات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي مطالبون بالاهتمام بالجانب التربوي كاهتمامهم بالجانب التعليمي، لنرى الآثار العلمية في الجامعة بعيدا عن أية منغصات تخدش الحياء والآداب العامة لطلبتنا وطالباتنا الأعزاء، وليعلم كل من تسول له نفسه التلاعب بأعراض الآخرين من دون حق شرعي أنه من طرق باب الناس طرقت بابه!!.. ولعل الجنوح للجانب التربوي والأخلاقي للكادر التدريسي الملتزم علاوة على المناهج العلمية هي التي تسهم في الحفاظ على كيان الجامعات من الاختراق من كل معيب أو مشين، حيث إن الجانب الأخلاقي لا يقل أهمية عن الجانب العلمي كما أسلفنا، وهذا الجانب المهم الذي ينبغي أن يكون سائدا على الأجواء الجامعية هو الكفيل ببناء عراق يتحلى أبناءه النجباء بالكفاءة والنزاهة لحفظ الحقوق وسلامة البلد من الضياع والسقوط.
https://telegram.me/buratha