منى البغدادي
لا يمكن ان تفهم شخصية السياسي مجردة عن انتمائه السياسي او يفسر اداؤه بمعزل عن الاداء الاجمالي للجهة السياسية التي ينتمي اليها فله ما لها وعليه ما عليها ويتحمل خصائصها ومنجزاتها كما يتحمل سلبياتها واخفاقاتها فالجزء يحمل خصائص الكل ليس على مستوى التفاعل الفيزيائي والكيميائي بل حتى على المستوى السياسي والاجتماعي فان التفكيك بين الشخص والجهة قد يكون متعسراً في اوضاعنا الراهنة.وقد يكون التأثير متبادلاً بين الشخصية السياسية والجهة التي تنتمي اليها ايجاباً وسلباً وقد تضفي الجهة السياسية المقبولية والشرعية على الشخصية والعكس كذلك ولعل الاقرب دليلاً على ما نريد تأكيده هو صمود الكثير من الشخصيات امام رياح التشويه والاتهامات التي يطلقها المرجفون والمفترون لم تأت لاسباب ذاتية وقدرات استثنائية تتحلى بها هذه الشخصيات فحسب بل بسبب قوة الجهة التي تنتمي اليها ورسوخها واعتبارها السياسي والاجتماعي.ومقولة امير المؤمنين "اعرف الحق تعرف اهله" او " لا يعرف الحق بالرجال" لا تأتي في هذا السياق لتعلقها بمعرفة الحق الذي يكون انعكاساً لمعرفة الرجال ومعرفة الحق تأني ضمن مقدمات وادراكات لا يستطيع الجميع تحقيقها لاختلاف وتفاوت العقول والمعرفة وقد تختلف الجماعة الواحدة في معرفة الحق وما يراه البعض حقاً قد يختلف عما يراه الاخرون باطلاً.وليست ثمة مقاسات ثابتة لجميع الناس لمعرفة الحق ولهذا نجد الاختلاف الكبير بين التيارات والفرق والمذاهب ولعل اشارة الامير علي بن ابي طالب الى قضية الخوارج بقوله " ان من طلب الحق فأخطأه ليس كمن طلب الباطل فأصابه" فالكثير تقوده الشبهات او القناعات الخاطئة الى المهالك والمزالق.والامر الجدير بالتذكير التي يمكن الاشارة اليه هو ان " إثبات الشىء لا ينفي ما عداه" على المستوى الفلسفي وقد تنطبق هذه القاعدة على المستوى السياسي والاجتماعي بصعوبة بسبب الفهم الساذج المتبادر الى الاذهان عن اثبات الاشياء لشخص ما فقد ينصرف سلبها بالضرورة عن الاخر بسبب الخلط الفكري والتعميم السلبي وصعوبة التمييز الواعي في تقييم الشخصيات وما ينعكس على اضدادها بالضرورة.والمفارقة في هذا السياق هي ان قاعدة "إثبات الشىء لا ينفي ماعداه" في الفهم الفلسفي قاعدة منطقية لا يطالها الاستثناء او الخدش بينما في الواقع السياسي الذي تسوده المفارقات والمغالطات والتعميمات فان تلك القاعدة تصبح في مهب الريح لعدم ارتكازها في المفصل السياسي الحافل بالمتغيرات والمتناقضات.ولكن رغم ذلك الخلط الخاطىء والتعميم السلبي والانصراف المختل المتبادر في الاذهان للحديث عن خصائص الاخرين وما يمكن ان ينعكس نفياً لخصائص الاخرين فان ذلك لا يمنعنا من الاشارة الى خصائص بعض الشخصيات السياسية ومزاياها كشخصية الدكتور عادل عبد المهدي القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي وعضو الائتلاف الوطني العراقي وان تحسس الاخرون لاننا لم نقصد الاساءة الى المنافس الاخر بقدر ما نريد تأكيد خصائص مرتكزة في اداء وسلوك سياسيين كبار في الواقع السياسي الراهن في العراق الجديد.
https://telegram.me/buratha