المقالات

التوافق اولا واخيرا


ابراهيم احمد الغانمي

بعد ترشيح الائتلاف الوطني العراقي للدكتور عادل عبد المهدي لمنصب رئاسة الوزراء والدخول في التنافس مع مرشح ائتلاف دولة القانون السيد نوري المالكي للخروج بمرشح واحد عن التحالف الوطني، اطلق عبد المهدي اشارات واضحة وصريحة عن استعداده للانسحاب من المنافسة متى ما وجد انه لايحظى بالقبول والتأييد المطلوبين على الصعيد الوطني لتولي المنصب، ونفس الاشارات انطلقت من بعض قيادات المجلس الاعلى الاسلامي العراقي والائتلاف الوطني العراقي.وعبد المهدي اشار الى انه يريد ان يكون جزءا من الحل لا جزءا من المشكلة.مثل هذه المواقف تبدو غير مألوفة في واقعنا السياسي الراهن، لان الصورة العامة التي طبعت التجربة الديمقراطية في البلاد بعد حصول التغيير السياسي الشامل في التاسع من نيسان من عام 2003، هي الصراع والتنافس السياسي الحاد من اجل تحقيق اكبر مقدار من المكاسب الخاصة على حساب الصالح العام.وهذا هو سر التعثر والارتباك المستمر في العملية السياسية وتأخر انجاز الكثير من الاستحقاقات السياسية المهمة، وخير مثال ودليل على ذلك تأخر تشكيل الحكومة الجديدة مايقارب السبعة شهور، ومن المتوقع ان يستمر هذا التأخر لشهور اخرى.والمواطن العراقي العادي المبتلى بهمومه ومشاكله ومعاناته اليومية الخاصة بات يدرك ويفهم مثل أي سياسي حصيف اسباب هذا التأخر ، ويعرف بدقة من يقف وراء ذلك، ويعرف ماذا يريد ، والى مدى هو مستعد للتخلي عن الثوابت الوطنية، وضرب المصالح الوطنية العامة بعرض الحائط من اجل مصالحه الحزبية والشخصية الخاصة.ونهج السيد عادل عبد المهدي من شأنه ان يؤسس لثقافة سياسية تعزز وتقوي وتدعم السياقات الديمقراطية في البلاد، لانه يقوم على مبدأ عدم التشبث واللهاث وراء المناصب والسعي اليها بأي ثمن، ومن جانب اخر يرسخ مبدأ التداول السلمي للسلطة، وترك القرار بيد الاخرين لاختيار فيمن يرونه مناسبا من حيث الكفاءة والقدرة والنزاهة. وهذا بدوره يكرس مبدأ التوافقات السياسية الذي يعد خيارا ناجحا، بل انه الخيار الانجح في المجتمعات المتعددة القوميات والمذاهب والاديان والتي تشتمل على طيف سياسي واسع يضم اتجاهات سياسية وفكرية متنوعة مثل المجتمع العراقي، فضلا عن كونه حديث العهد بالديمقراطية التي تحتاج الى وقت طويل لتصبح جزءا من منظومة الثقافة السياسية العامة لكل مكونات المجتمع.ومرشح الائتلاف الوطني بمواقفه الواضحة والشفافة من مسألة ترشيحه، انما يريد التأكيد على حقيقة ان التوافقات السياسية الوطنية هي الوصفة الناجعة والعلاج الافضل لمشكلة الحكم وادارة شوؤن الدولة، وللتغلب على المشاكل والازمات الكثيرة، وخلافها فأن خيار الفوضى والعنف واضعاف الدولة هو الذي يمكن ان يفرض نفسه على الجميع، ويدفع ثمن نتائجه ومخلفاته كل القوى والمكونات بلا استثناء لو عمل الشركاء السياسيون بهذا المبدأ بعد الانتخابات وغلب الجميع المصالح العامة ، لما بقي الحال على ماهو عليه الان من سوؤ وتردي جعل عدد غير قليل من المواطنين يربون عن ندمهم لانهم شاركوا في الانتخابات ولم يتغير شيء بعد شهور ، بينما المفروض ان يشهد المواطن العراقي في كل يوم تغييرا في مجال من مجال حياته يمثل في النهاية تقدما الى الامام وليس تراجعا الى الخلف. على الجميع ان يقروا يفهموا ويدركوا حقيقة ان التوافق الوطني خيار لابد منه اولا واخيرا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك