المقالات

الامن يتراجع والسياسة محلك سر

669 14:21:00 2010-09-24

عادل الجبوري

كانت اعجوبة، او قل بتعبير اخر معجزة، خروج محمد البالغ من العمر 37 عاما، وصاحب الجسم الممتليء، سالما-الا من خدوش بسيطة-من الانفجار الذي استهدف مقر شركة اسيا سيل للهاتف النقال في منطقة المنصور الراقية غرب العاصمة بغداد صباح يوم الاحد الماضي، التاسع عشر من شهر سبتمبر الجاري، وتحديدا قرب تمثال ابو جعفر المنصور الذي اثير جدل كبير قبل حوالي عامين حول هدمه. ومحمد يمتلك محلا قريبا من مكان الانفجار، وبسبب هول الانفجار فأنه الحق خسائر مادية فادحة بمقر الشركة اضافة الى البيوت والمحلات والسيارات القريبة منها، ناهيك عن الخسائر البشرية التي لم تتبين اعدادها بالضبط . اول سؤال تلقاه محمد من اصدقائه وزملائه بعد ان شاهدوه هو "كيف خرجت سالما؟.. الحمد لله على سلامتك".ويوم الاحد الذي شهد تفجير مقر شركة اسيا سيل كان يوما داميا اخر في حياة العراقيين، فالى جانب تلك العملية، وقعت عملية ارهابية اخرى بسيارة مفخخة في ساحة عدن بمدينة الكاظمية المقدسة، رافقتها تفجيرات اخرى بعبوات ناسفة في منطقتي البنوك والنهضة، لتكتمل الصورة في عصر ذلك اليوم بعملية ارهابية بمدنية الفلوجة(50 كم غرب بغداد) التابعة لمحافظة الانبار.وبالنسبة للساكنين على مسافات ليست بعيدة عن المنطقة الخضراء شديدة التحصين، كان بأمكانهم ان يسمعوا اصوات قذائف الهاون المنطلقة عليها بين الفينة والاخرى خلال ساعات النهار وساعات الليل.صورة الاحد الدامية، باتت هي الاخرى مألوفة لدى الكثير من العراقيين لاسيما ابناء العاصمة بغداد، مثلما باتت حوارات ومباجثات الساسة العراقيون مألوفة في عدم جدوى اللجزء الاكبر منها. عندما وقعت انفجارات المنصور والكاظمية صباح يوم الاحد الماضي، كانت الجلسة غير الرسمية لمجلس النواب العراقي على ضوء مبادرة المرشح لرئاسة الحكومة عادل عبد المهدي والائتلاف الوطني العراقي الذي رشحه على وشك ان تبدأ في القاعدة الدستورية للبرلمان تحت عنوان(مجلس النواب ..قلب العملية الديمقراطية في البلاد).اكثر من خمسين عضوا في البرلمان العراقي الجديد حضروا الجلسة معظمهم من الائتلاف الوطني العراقي وعدد قليل من التحالف الكردستاني والقائمة العراقية، اما ائتلاف دولة القانون فقد قاطع الجلسة بالكامل، وهذا امر كان متوقعا، وهو يعكس في جانب كبير منه تقاطع الاجندات السياسية، وتمحورها لدى البعض حول المصالح والحسابات الخاصة.ففي جلسات الحضور الست عشرة التي تبناها عبد المهدي وتفاعل وحضر معه نوابا من كتل مختلفة، لم يحضر ولا نائب واحد من ائتلاف دولة القانون، لان هذا الاخير اعتبر في داخل دوائره الخاصة، ولم يفصح عن ذلك، بأن عبد المهدي منافس المالكي بادر الى تلك الخطوة لرفع رصيده وسحب البساط من تحت اقدام المالكي من خارج اطار التحالف الوطني وبمساعدة العراقية بثقلها السني والتحالف الكردستاني بثقله الكردي، وخصوصا بعد ان ضمن تأييد ودعم التيار الصدري.الحراك السياسي العراقي ومنذ اكثر من ستة شهور وفق هذا الايقاع التشكيكي التوجسي، كان واضحا انه يقوم على مبدأ معارضة ما يقوم به الاخر انطلاقا من فرضية مسبقة، وهي انه يريد اضعاف منافسه والتغلب عليه، حتى وان كان ذلك يصب في مصلحة العراقيين من امثال محمد الذي نجى بأعجوبة من انفجار المنصور.ومشهد الصراع والتنافس الحاد بين المالكي وعلاوي على امتداد ستة شهور يمثل تعبيرا حيا وصادقا عن واقع سياسي سيء، انتهى الى القفز على الدستور وخرقه بطريقة فاضحة بعد ان كان الجميع يدعي التمسك والالتزام به، حتى بات الخلاف يقوم على تفسير الدستور من اجل الهروب والتنصل من الالتزامات التي يرتبها والقيود التي يضعها.ولم تهدأ جذوة السجال بين علاوي والمالكي قليلا الا حينما اعلن الائتلاف الوطني ترشيح عبد المهدي رسميا لرئاسة الحكومة، ليكون ذلك الاعلان مثلما قال برلمانيون في اكثر من كتلة سياسية بمثابة تغيير بخارطة التحالفات والحسابات السياسية، واعادة ترتيب الاوراق والمواقف، واتجاه نحو حلحلة لابد منها، بيد انه تبقى هناك عقبات وعراقيل غير قليلة امام ترشيح عبد المهدي تحتاج الى متسع من الوقت لتجاوزها والتغلب عليها، مع ضرورة عدم اهمال او التغافل عن حقيقة ان الملف العراقي مفتوح على كل الاحتمالات، السيئة والجيدة على السواء.ومادامت الاوضاع السياسية معلقة، ببقاء الاشكاليات والعقد والاخلافات والاختلافات والمماحكات بين الفرقاء السياسيين، فأن الاوضاع الامنية ستبقى سائرة ومتحركة بنفس الايقاع، ومن الخطأ الاستغراق والتفاؤل وانتظار وتوقع حصول تحسن امني ملموس، في وقت لم يعد الملف الامني يتصدر قائمة اهتمامات الماسكين بزمام الامور، وفي وقت بدا واضحا ان تنظيم القاعدة وبقايا حزب البعث المنحل نجحت في ابتكار اساليب جديدة تتيح لها العودة الى المسرح وخلط الارواق مرة اخرى، وهي تراهن على الفشل السياسي اولا واخيرا، فالفشل السياسي يعني مزيدا من مشاهد القتل والدمار كما في الكاظمية والمنصور، والعكس صحيح.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك