المقالات

سنستمر بالكتابه....ما دام فينا عرق ينبض

944 19:56:00 2010-09-22

الدكتور يوسف السعيدي

يقف الواحد منا أحيانا مُحتارا من أمر الكلمة التي تجول بخاطره طويلا دون أن يجد لها طُعما مُحددا ، كما لا يجد طعما في كتابتها ،رغم إمكانية صياغتها بلسان القلم بأكثر من معنى ضمن تصنيفاتٍ تتعدد مابين الحلو والمُر ، لكن المانع أنه ليس هناك ما يُغري لخوض مُغامرة الغوص في أعماقٍ شبه جافة وشبه خالية من الحياة.فالسراب والقحط يحيطان بالباحثين عن قطرة ماء ، وعن الظلال في كل جانب ، والصحراء تفتح فمها لابتلاع كل الداخلين إليها.الأشياء تغيرت والوجوه تبدَّلت والطبيعة مسكونة بالرعب وبالوحوش الضاريّة والآمال تبددت والأحلام تبخّرت.إنه السير المضني من فراغ إلى فراغ ، في فضاءٍ موحش لا صوت فيه إلا أصوات الذئاب وهي تعوي في ضوء النهار وفي جوف الليل.لقد كُتِب على من يحمل قلما وبعض أوراق - وهو سلاحه في هذه الحياة - مواجهة الإعصار لوحده من غير أن يحس بالوجع ويتألم.إنه الصراع الأبدي مع الضمير ومع الذات ولا مفر من مواجهة الحقيقة•لمن تكتب، ولماذا تكتب، وعن أي المشاهد ستتحدث، وهي كلها متشابهة وتتكرر وتلاحقك في كل مكان، وفي كل زمان ولا سبيل لتغييرها.كيف يمكن لك أن تبعث الحياة في نفوس مغلفة بالسواد، ويروقها أن تظل داخل الصناديق المغلقة وقد أصابها الصدأ ؟!الكتابة هي إحداث فعل التغيير ولكن في محيط إنساني له القابلية في أن يتحرر ويتخلص من الأغلال، وينطلق في فضاء خال من القيود.الكتابة هي الدافع على النهوض وعلى التحرر من عُقدِ الخوف، وإخراج الإنسان التائه من الأنفاق إلى عالم ينعم فيه بالضياء ليبصر ذاته، ويرى نفسه، ويكتشف قدراته ويحقق وجوده ولا يبقى رهينة وإنسانا ضعيفا تلاحقه لعنة الظلام.الإنسان الذي يعيش بلا حاضر، هو إنسان بلا مستقبل، ولا يستحق الحياة، وليس من حقه - وهو العاجز المستكين القابع الراضي بواقعه المزري، وبوضعه المفزع - أن يطلب النجدة طالما أن صوته مازال أسير حُنجرةٍ معطلة.الكتابة لا توجّه إلى المحبطين والغارقين في هزائمهم، ولا إلى الألسنة التي إستعبدها الشيطان واستدرج أصحابها إلى عالم الشعوذة ودوائر الرذيلة والخيانة والجريمة•الكتابة لا تتعامل مع نفوس مريضة فاقدة لإرادة الحياة، ومجبولة على الخنوع والمُنبطحة في انتظار الموت.الكتابة هي بمثابة الشعلة المقدسة والنور القادم من خلف الغيوم، وإطلالة الفجر على التلال الندية، والمروج الخضراء ينبغي ألا تتدنس بأفعال وسلوكيات المعتوهين الفاقدين للذاكرة الإرادية ، والجاحدين المتنكرين لأصولهم وجذورهم ، والصيادين اللاشرعيين الذين يصطادون من البرك والمياه العكرة.الكتابة لا تتصالح إلا مع نفسها في لحظات الشدة والمخاض ، وأزمنة الإعصار، وتأبى أن تكون سوطا في يد الجلاد ، وأداة ووسيلة للتزييف والغدر بالعباد.الكتابة التي لا تأخذ بأيدي المظلومين المطعونين المخدوعين المنبوذين التائهين في أروقة النفاق والرياء ، هي نفخ في الرماد وفي الهشيم، وهي أخطر من الوباء.الكتابة هي تجديد للحياة وتطهير للروح وتخليص للنفس من الشرور ومن الأذى، ولا تقبل المهادنة والمساومة ، ولاتتستر على ما تحت الغطاء من خيانات وفضائح تبيح سفك دماء الأبرياء والشرفاء.....

الدكتوريوسف السعيديالعراق

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زهراء محمد
2010-09-24
ياأخي السعيدي.. يجب ان نكتب ونكتب حتى ينجلي الظلام ونرى نور الحرية الحقيقية، يجب ان نعمل بجد كما عملنا سننين واعوام سابقة كان هدفنا اسقاط الدكتاتورية والحمد للّه.. عراق اليوم بحاجة ماسة لشرفاء لكل المجالات حتى نصبوا الى ما نريد ويريد العراق ، يجب ان نكون بالمرصاد لمجرمي الامس وان تغيرت الوانهم ؟!فالاقلام الشريفة والصادقة تهدم عروش الطغاة ..
زهراء محمد
2010-09-23
تحية طيبة ..يااخي السعيدي مقالتك اليوم فيها الحزن والاحباط كما فهمته..مرات الكتابة تخفف عن الاحساس بالالم ..فالكتابة تخفف عن ألم الروح خصوصا عندما ترى الظلم امامك بكل جبروتها وانت كالمقيد بالسلاسل .انا اكثر الاحيان ينتابني موجة حزن تدمر حياتي ايام وايام عندما اسمع شعر حزين بالعربي بالانكليزي وعندما اقرا قصة حزينة وحتى عندما ارى فلم فيه القتل والدماء ابقى حزينة لمدة طويلة احس بساعة اخوتي كيف قتلوا واعدموا وثرموا..اللّه يكون في عونكم وعوننا..لابد ان ياتي يوما مشرق..اكمل البقية غداً
زئير فهل من اذان سامعه؟
2010-09-23
ثم أماكتابات وعاظ السلاطين المبهرجة التافهه فلا ولم تزددافعي فاتوراتهاألا مقتا وبغضا وماكانت جريدة الثوره شنيعةالصيت وما أبرزت من صورالضرورة الفارغه ألا عبأ على من شاهدها ولاأحسب قرائها ألا الممتحنون للتأكد من قرائتهاوهم كارهون؟؟وما زبيبه ألا ضريبة على من له معاملة؟ فالقلم عبر التاريخ كان رعب الطغاة لأنه أظهرهم سرابا هباء انتظرت الجماهير سحقها رغم الصور المسلات المثبتة كونكريتيا والمضاءةوالمحمية أمنيا من غضب الجماهير لم يبق للمكتوب والمرسوم والموثون ألا اللعناة الأبديه وأهازيج يوم سحقه؟؟
زئير فهل من اذان سامعه؟
2010-09-22
زرت الهند وبمباي بالذات وجل همي أن اتتبع اثار رجل الهند الرجل دخلت صومعته البسيطة المتواضعه وغرفته الأبسط الأوضع لتتجسدلي عظمة المناضلين الحق من هذه الغرفة التي لم تحوي سوى حصير ومغزل وتختة وقلم وكتب اتخذها منارا لنضاله من هذه الغرفه هز عرش دولة لا تغيب عنها الشمس بكـتـاباتـه النابعة من قلب مخلص متجرد لبلده متناسيا كل سفاسف الحياة وبهارجها الكتابة الطهر سيف بتار وجحيم متأجج على الأعداء وما تحررت الهند ألا بكتابات غاندي وصبره وأخلاصه وكذا صبر وناضل وكتب مانديلا في عصرنا الحديث وثم
الدكتور يوسف السعيدي
2010-09-22
الكتابه احد جوانب نضالنا بالحياة اضافة الى الجوانب الاخرى...وكل من موقعه....ولولا كتاباتنا ما عرفنا احد....وصراعنا مع الباطل مستمر على كل الاصعده....وبكل ما اوتينا من قوه...واللبيب من الاشاره يفهم....شكرا اخي العزيز محمد على المشاركه ودمت بخير...تقبل تواضعي...
محمد ابو النواعير
2010-09-22
في حالتنا , هل تكفي الكتابة يا استاذنا العزيز ؟؟ ,ارواح تسلب ودماء تسفك واعراض تهتك ومقدسات تنتهك , ويأتي جوابنا لمن ظلمنا بالكتابة فقط , والله ما وفينا حق انفسنا التي اوكلها الله تعالى امانة في رقابنا , لا أخفيك سرا اعدائنا يفرحون عندما يعلمون ان ردة فعلنا على ما يفعلوه بنا سوف تكون الكتابة فقط , بل ويتمادون في غيهم , ويستمرون , فهل لديكم حل آخر ؟؟؟
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك