لغة الأرقام بين الحقائق المالية والأوهام

الدكتور مجيد الشرع أستاذ جامعي ومدير مصرفي سابق

تعد المحاسبة لغة الأرقام LanguageNumbering وتعد الحقائق المالية محتوى القوائم المالية Financial Statement أما الأوهام فهي المقارنة بين الحقيقة وألأفتراض.

من خلال هذا الطرح تظهر لنا هيكلية التصور عن ماهية الأرقام ودلالتها وخاصة في الأسواق المالية التي أضحت شغل الشاغل في وطننا العربي وتكالب الناس والشركات على تداول ألأدوات المالية Instruments( الأسهم والسندات) وما عززته تكنولوجيا المعلومات في التبادل السريع للصفقات.

أن الأرقام التي تعرض في القوائم المالية المنشورة للمؤسسات المالية تعطي بادئ ذي بدء نتيجتين مهمتين يبنى على أساسها رغبة المستثمر أن صح التعبير في شراء الأوراق المالية المطروحة عبر السوق المالي لشركة ما وهاتان النتيجتان هما:

- قوة المركز المالي: وتتضح من خلال قائمة المركز المالي أوالميزانية العمومية

Financial Statement Or Balance Sheet

-الربح: الذي يعرض من خلال قائمة الدخل Income Statement .

وان هاتين النتيجتين يتحكم في معرفتها الأشخاص الممتهنون وعلى قدر معرفتهم في أساليب التحليل المالي تبنى قرارات الاستثمار ولذلك فأن مكاتب الوساطة المالية لابد أن تضم أولئك الممتهنون ونقصد بهم المحاسبون من ذوي الاختصاص في التحليل المالي.

وللوساطة المالية دورا كبير في ترويج عمليات البيع والشراء للأدوات المالية وعلى قدر فهم الوسيط المالي في حقيقة وضع الشركة التي تطرح أدواتها المالية للبيع أو تلك التي ترغب الشراء بتوسطه يتبلور القرار السليم، وقد لاحظنا من خلال تجارب سابقة أن بعض المتعاملين في السوق المالي أصابهم ضررا كبيرانظرا لاعتمادهم في آلية الشراء أو البيع على وسطاء قد لا تكون لهم الخبرة المهنية الكافية.

ولتدليل على مصداقية الأرقام والافتراض المحتمل الذي يوهم المتعامل في السوق المالي بربحية شركة ما نتطلع إلى التقارير المالية التي عرضتها احد ى الشركات العراقية المساهمة ونشرتها استنادا إلى متطلبات الأنظمة المالية حيث أن النشر في هذه الحالة يعتبر جزءا مكملا لمصداقية عمل الشركات التي تتداول أسهمها في السوق المالي وهو شرط لازم وكانت هذه البيانات مقارنة بين السنتين الماليتين المنتهية في 31/12/ 2007 ومثيلتها للفترة المنتهية في31/12/ 2008.

فقد أظهرت أرباح الفترة بعد طرح كافة النفقات ومنها الضريبة المتوقعة كما يلي ( المبلغ بالدولار الأمريكي):

2007                2008

1434297        4587830

وبما أن رأس المال لتلك الشركة المكتتب والمدفوع/45000000/ دولار أمريكي مقسما إلى أسهم طبعا فتكون ربحية السهم هي(1434297÷45000000 = 38 0 .0 سنتا وذلك للفترة المنتهية في 31/12 / 2007.

اما ربحية السهم للفترة المنتهية في31/ 12/ 2008 فهي (4587830÷45000000 =0.100سنتا.

في حين أن عدد الأسهم المتداولة لهذه الشركة يبلغ80% من أسهمها المطروحة للاكتتاب

مما يعني هناك فجوة رقمية في الأرباح المتوقعة بالنسبة للمستثمر الذي لم يتمعن قطعا في مردودية الربح والانخفاض الحاد في الربحية بالمقارنة بين الفترتين مما يعني هناك تضليل ووهم في اتخاذ قرار الاستثمار.

كما يمكننا أيضا إثبات الأوهام المفترضة لحقيقة الأرقام المعروضة لتلك الشركة وهي شركة مصرفية

عن طريق بعض نسب التحليل ( Ratios A nalises لتي اثبتتها في تقريرها السنوي وكما يأتي:

صافي الربح/ راس المال=17%.

الربح بعد الضريبة/رأس المال=10%

النقد في الحسابات الجارية والودائع=120%

ويعني هذا أن الأرباح التي حققها المصرف خلال هذه الفترة والتي ثبتت في ميزانيته العامة اعطت صورة ضبابيةلمن يريد شراء اسهم هذه لشركة إذا ما علمنا أن هناك نسبة كبيرة تعتبر عوائد محسوبة أي بمعنى آخر لا تعتبرعوائد مستلمة فعلا وإنما احتسبت على أساس الاستحقاق المحاسبي كما هو معروف وهذا يعني أن الأرباح المحتسبة أرباح وهمية لاتمثل حقائق مالية مما يثبت حقيقة الأوهام اضف الى ذلك ومن باب الاستدلال ان النقدالمتوفر لدى هذا المصرف يمثل نسبة عالية من وجهة نظر مصرفية وتعني ان المصرف المعني لايستطيع توظيف السيولة في مشروعات هادفة .

هذه المؤشرات وغيرها من التحليلات المالية التي حاولنا تجنبها نظرا لخصوصية التحليل المهني تعطي الدلائل على ضرورة اهتمام مكاتب الوساطة المالية في تبصير زبائنهم من الانزلاق في استثمارات مالية يسودها الوهم دون الحقيقة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha