المقالات

لنا خطنا الأحمر الذي لا ينبغي للآخرين تجاوزه ..اعتصام مدينة الصدر انموذجا


إن مسؤولية الحكومة مسؤولية تضامنية، ولا يحق لأحد من أعضائها التنصل من هذه المسؤولية ما دام عضوا فيها السيد الحكيم :أدعو الجهاز القضائي إلى إصدار أحكامه بحق كل مجرم تثبت إدانته في محكمة عادلة ، وأدعو وزارة العدل إلى تنفيذ الأحكام الصادرة من الجهات المختصة ( بقلم : المحامي طالب الوحيلي )

تستمر وتيرة الإرهاب والقتل الجماعي اليومي على أشدها بالرغم من مظاهر الانتشار الأمني التي طغت على العاصمة متسمة بطابع اثار استغراب كتلة الائتلاف العراقي الموحد الكتلة الممثلة للأغلبية في البرلمان العراقي والراعية لحكومة المشاركة الوطنية ،وقد رمت هذه المظاهر بثقلها على كافة المناطق التي يقطنها ناخبوا هذه الكتلة والذين يفترض بأنهم أصحاب الحق الأوفر في الرعاية الأمنية والاقتصادية كونهم يمثلون ذات الأغلبية التي قاست من مرارة الحكم البائد وهي الوريث الوحيد لقضية الشعب العراقي منذ قرون مضت ،فبدلا من تفضيلهم على غيرهم بإعادة الحياة لهم لما خسروه من فرص في الرفاه وما ضحوا به من ارواح عبر مخابئ الأجهزة الأمنية الصدامية وحروبه الدامية ، وفي ما يبغي ان يكونوا عليه في ذروة عصرهم الذهبي صاروا وقودا لمحارق الإرهاب الصدامي والتكفيري ومراتع لغيلان وسعالي اعداء العراق بين قتل جماعي وخطف على الهوية ،ففي الوقت الذي فرضت القوات المتعددة الجنسيات حصارات موضعية على مداخل مدينة الصدر على امتداد قناة الجيش ،حيث الوقوف ساعات امام تطاول افراد تلك القوات ليتحول الدخول والخروج للمدينة الى شبه مستحيل ،انفجرت عبوة ناسفة وسط مسطر للعمال في ساحة 55 ،وقد راح ضحيتها اكثر من ثلاثين شهيدا وعشرات الجرحى الذين منع نقلهم عبر تلك المنافذ المغلقة التي وصفها ابناء المدينة بانها معابر رفح التي لاتحتاج الى تعريف على ما اعتقد وقد عايشت هذا الوضع كغيري فوجدته من المذلة والقهر ما لا يطيقه هذا العراقي الذي طالما شمخ بوجه اعتى طاغية عرفها التأريخ ..كما تماثلت تلك التصرفات مع مداخل ومخارج الكرادة والدولعي وغيرها من مناطق الاكثرية البرلمانية ،والملفت في الامر ان هذا الحصار قد تساوى مع حصار قضاء بلد من قبل الميليشيات الارهابية المنتشرة حولها ومعاقلها في الضلوعية والمشاهدة والتاجي والطارمية ومع الحصارات التي تشهدها مدن وقرى محافظة ديالى من قبل تلك المليشيات التي أعلنت إمارتها وانفصالها الفعلي عن الدولة العراقية ،دون ان تلتفت اليها القوات الاجنبية التي لم يعنيها امر الاتفاق بين الحكومة العراقية والحكومة الامريكية الاخير ،مثلما لم يعني قوى الارهاب بكافة اوصافها بوثيقة مكة المكرمة بما في ذلك الكتل البرلمانية التي تدافع عن الإرهابيين ويشي خطابها المتكرر بأنها حاضنة له!!ليقف احدهم رافعا عقيرته المرتجفة حقدا منددا بقوات الامن العراقية لكونها نصبت نقاط سيطرة للتفتيش في بعض المناطق المبتلات بسطو الإرهابيين المتكرر والذين يتحينون الغفلة لاختطاف وقتل الأبرياء على الهوية ان لم نقول على السحنة واللهجة،متهما تلك القوات بانها طائفية وما الى ذلك من تهم لا تصدر الا من المطففين الذين لا ينصفون في ميزانهم اذا ما وزنوا ..ولو كان غير ذلك لرثى للقتلى الذين حصدتهم مفخخات الارهاب في مدينة الصدر او لاكثر من اربعين اغلبهم من النساء والاطفال الذين خطفوا من اهالي بلد وهو يعرف خاطفيهم بلا شك ،فويل للمطففين..

بيد ان احد ممثلي تلك الكتل قال في تصريح له ( لسنا مجبرين على أن نفعل شيئاً و نصرح بأخر، و اذا كنا ندعم الارهاب و نحن مشتركون في العملية السياسية فهذا نوع من النفاق، و نحن كما هو معلوم ننتهج المنهج الاسلامي، و علمنا الاسلام ان لا نسلك طريق النفاق و لا نخادع الناس، و هذا ليس من شاننا، و عندما نسمع من بعض الشخصيات السياسية و حتى من منتسبي الاجهزة الامنية أتهامهم بأن بعض الجهات السياسية غطاء للارهاب، فأننا نعد هذا كلاماً باطلاً، و هو يحتاج الى دليل، و الا سيكون قائلوه متهمين باتهام الغير دون وجود ادلة، و هذا من شانه كذلك تنفير بعض الاطراف في العملية السياسية و احداث فجوة كبيرة.) والذي يستفاد منه في هذا الرأي ان تلك الكتل هي المتهمة ببطلان ادعاءاتها بان كل فعل تؤديه قوات الشرطة او بعض القطعات العسكرية الأخرى هو من فعل المليشيات مما فسح المجال واسعا للارهابيين وعصاباتهم في التصرف دون حسيب او رقيب .

يقول سماحة السيد عبد العزيز الحكيم زعيم كتلة الائتلاف رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية إن مسؤولية الحكومة مسؤولية تضامنية، ولا يحق لأحد من أعضائها التنصل من هذه المسؤولية ما دام عضوا فيها، ومن المؤسف حقاً ان تتحول بعض الوزارات او المؤسسات والهيئات الى ما يشبه مكاتب الاحزاب ومقرات الكيانات. والوزارات كل الوزارات هي وزارات عراقية لكل العراقيين، فقد يكون شخص الوزير من هذه الجهة أو تلك الا ان ذلك لا يعني تحويل الوزارة الى واجهة لهذه الجهة أو تلك، لذلك يجب ان تبقى الوزارة مفتوحة للجميع وعلى الجميع ان يعمل وفق برنامج الحكومة الموحد وضمن السياقات العامة وان يكون من الخَدمَة للعراق كل العراق وللعراقيين كل العراقيين. وواقع الحال يؤكد على الشراكة بين الوان الطيف العراقي من خلال هذه الحكومة التي تنتمي للعراق دون غيره وهي ينبغي ان تبني هذا البلد لا لطائفة معينة او تتعاطى مع المصلحة الوطنية على مفهوم كل يجني النار لخبزة طائفته او فئته لان ذلك سيحول تلك النار عن مجراها الى احراق يد من يلعب بها مادامت مصلحة الشعب العراقي واحدة ومصيره معلق بين البناء الجديد وبين الخراب القديم فماذا يريد اللاعبون الجدد افضل مما حصلوا عليه من مواقع قيادية على حساب المنطق الحضاري للديمقراطية ؟!

لقد وضع السيد الحكيم المسؤولية برقبة كل شريك في هذه الحكومة وعلى كل واحد من اطرافها ماداموا قد تبنوا هذا الخيار الاستراتيجي وزاد على ذلك بقوله (أدعو جميع المسؤولين في السلطة التنفيذية إلى تحمل مسؤوليتهم التضامنية مع الحكومة في محاربة الفساد الإداري والرشوة التي ورثناها من العهد البائد ، كما ندعو إدارات الدولة والأجهزة القانونية فيها إلى تجاوز الروتين والتعقيدات في الإجراءات التي ليس من ورائها طائل سوى إضافة مزيد من العذاب والعناء الى معاناة المواطنين) .

ومعاناة المواطن التي تختصر اليوم بالإرهاب هي الخط الأحمر الذي يجب ان يقف عنده الجميع ،ولعل الفيضان لا يحتاج الا لقطرة واحدة ليتحول الى سيل جارف وهو حال أبناء شعبنا الذي ضاق ذرعا بالإرهاب الصدامي والتكفيري وهو يرى ان زمره قد اخذت عليه مشارق الارض ومغاربها دون أي رادع بعد هذا الذهول الفضيع من الاجهزة القضائية ازاء الجريمة وشيوعها المفرط مما دعى السيد الحكيم الى استثارة همتها ليدعوها الى ( مساعدة الحكومة في الإيفاء بالتزاماتها تجاه الشعب حينما تعهدت بتوفير الأمن للمواطنين ، ولذلك أدعو الجهاز القضائي إلى إصدار أحكامه بحق كل مجرم تثبت إدانته في محكمة عادلة ، وأدعو وزارة العدل إلى تنفيذ الأحكام الصادرة من الجهات المختصة) .

صبر المواطن العراقي في مدينة الصدر تبلور الى فعل حضاري لم تألفه الساحة السياسية وهو الاعتصام وقد ادى ذلك الى شل الحركة في العاصمة ليؤكد الثقل الخطير لهذه المدينة وما يجاورها ويعكس قدرتها على فرض نمط سياسي يفوق فعل العنف ويسمو عليه وتلك رسالة بليغة لمن يريد عرقلة مسيرة الشعب وقد تخفي وراءها اكثر من رد فعل قد يهم اللاعبون اكثر من سواهم!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك