المقالات

مخاطر تأخير تشكيل الحكومة


محمود الربيعي

لقد لحق بالعراقيين الظلم الشديد طيلة حكم حزب البعث الذي كان يرفع الشعارات العنصرية ويعتمد برنامجاً إقصائياً ولم يكن للعراقيين في ذلك الوقت قدرة على دفع الضرر ولقد باءت جميع محاولاتهم بالفشل لوقوف جيوش معظم الساسة الى جانب النظام فلم يسمع أنينهم أحد.

ولقد فقد العراقيون قادة وشباب دفعوا حياتهم ثمناً غالياً في سبيل إزاحة الكابوس الذي كان جاثماً على صدورهم ولم يفكروا يوماً ما في طرح أية مشروعات عنصرية أوطائفية وكان كل أملهم أن تأتي حكومة منهم عادلة تقيم النظام وتحقق سعادة الشعب في جو من السلام.

ولقد تشتت الكثير من المعارضين في مختلف البلدان هروباً من بطش النظام لكنهم فيما بعد طمعوا أن يطيحوا بهذا النظام عن طريق أيدي أجنبية ولم يكن أحد يعلم بما سيصدرعنهم بعدذلك.

قد سقط الكثير منهم في الفخاخ المرسومة لهم دون أن تكون لهم حصانة تنقذهم من إرهاصات الطامعين والمتلاعبين بمقدرات الشعوب، ولقد بذل الشعب كل جهده من أجل مساعدتهم ضناً منه أن ذلك سيخرجهم من ظلمات كابوس الهيمنة الأجنبية لكنهم فشلوا في إثبات حسن نواياهم وسمحوا لكثير من الأعداء والمتربصين أن يخترقوا جدران الحصانة الشعبية فتعرض الشعب بسبب فشل المشروع السياسي لأقسى حملات القتل والإبادة الجماعية وبشكل يفوق التصور وأصبحت خارطة العراق منقوعة بدماء الأبرياء ممن يسقط يومياً دون أن توفر لهم حكومتهم المدعومة من الدول العظمى أية فرصة للعيش بهناء.

لقد بات الساسة العراقيون يتصارعون ولأكثر من نصف عام على المناصب وتقاسم السلطة في جو أغبر أسود مظلم وبلا إستحياء ولاخجل، فلا مشروع ولاحكومة ولامجلس نواب ولارئيس ولا أمن ولاخدمات.. أفلا يستحي القوم من أنفسهم وهم يقبضون الرواتب العالية ويتمتعون بحصانات ومناصب لم يكونوا يحلموا بها في الوقت الذي تتساقط فيه جثث الضحايا من أبناء شعبنا المظلوم.

لقد أصبح مشروع الدولة العراقية الجديدة مشروع تنازلات مستمرة لهذا وذاك وخاضعاً لمطالب الكتل الداخلية والمنظومات الإقليمية وإرادات الدول الكبرى دون أن يكون للفئة المسحوقة ولالممثليها مطالب، ونحن نلمس وبإستمرار مدى توسل الساسة ووقوفهم على ابواب الدول الحاقدة التي تدعو الى سحق الشعب العراقي وهي تصرف الملايين من الدولارات لهذا وذاك وتشجع على تنفيذ مشاريعها العدوانية والتخريبية، تلكم الدول التي تنشر الدمار والإرهاب تحت مسميات عديدة وغير رسمية تدعو الى العنصرية والطائفية وتلعن أهل الدار.

فالعراق اليوم مقطع الأوصال تنهش فيه الوحوش ويقف عليه الذباب الذي يأتيه من كل مكان، وتلسعه الأفاعي، وتلدغه العقارب، وتركض على أراضيه الجرذان.

إن الساسة الذين يحكمون اليوم نسوا أن البترول مصدر خطر على الشعب العراقي وأن هذا الشعب يتعرض بسبب السياسات النفطية والأحلاف العسكرية والحروب الإقتصادية الى هجمة شرسة تستهدف مصادر طاقته وعلى الرغم من سياسات التنازل المستمرة لهم إلاّ أنهم لاينفكوا عن توجيه الطعنات رغم التوسل بهم والتزلف لهم دون نتيجة.

إن المرحلة التي يمر بها العراق اليوم تعد أصعب مرحلة تأريخية، وسيلعن التاريخ كل من ركب موجة الكفر والفسوق والعصيان، وسوف تلعن الأجيال الساعة التي وقفت فيها تمهد لمن أدعى النزاهة والإستقامة.

إن الشعب اليوم يريد التخلص من ظلمات الحاضر الفاسد كما كان يريد التخلص من حقب الماضي المظلم ولعل الشعب ينهض من جديد ليمنع عودة الفاسدين ممن مضى ومن تلى، والشعب اليوم يتوق أن يحكم نفسه معتمداً على الله وعلى القيم العادلة فلامجال لعودة البعث ولامكان للفساد في أرض العراق الطاهر.

وأخيراً نوصي بما يلي:أولاً: عدم تسليم الملف الأمني بأيدي غير أمينة خصوصاً قادة وأركان النظام السابق.ثانياً: مراعاة الإستحقاق الإنتخابي على مستوى الكتل والأشخاص.ثالثاً: فرز الأعداء والأصدقاء وإتخاذ مواقف مناسبة تجاه توجهاتهم وسياساتهم وعدم التمادي في إعطاء التنازلات.رابعاً: الإعتماد على الله وعلى الشعب وعلى وحدة الموقف ونكران الذات والعمل من أجل المشروع لا من أجل تحقيق الأحلام الشخصية.خامساً: الحفاظ على أمن المواطنين وعلى ثروات بلدهم والإسراع بتوفير الخدمات لهم.سادساً: إعادة تقييم الخارطة السياسية والأمنية والإقتصادية بما يحفظ غستقلال البلد ومصالحه.سابعاً: تطبيق بنود الدستور وتجاوز الخلافات السياسية والعمل على إحياء الإصلاحات السياسية والدستورية بعد تشكيل الحكومة.

وفق الله جميع الخيرين من أهل العراق، ونسأله تعالى أن يحفظ شعبنا من كل ظالم وفاسد، وأن الله مع العبد مادام العبد في عون أخيه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك