احمد عبد الرحمن
تؤكد الكثير من الوقائع والمعطيات والاحداث التي تعاقبت على المسرح السياسي العراقي خلال الشهور الستة الماضية صحة وواقعية الرؤى والتصورات التي تبناها المجلس الاعلى الاسلامي العراقي، سواء بشأن تشكيل الحكومة او قضايا اخرى.ومن المناسب والمفيد ان نتوقف هنا مرة اخرى عند المبادرة الحكيمة التي اطلقها سماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي بعد اجراء الانتخابات البرلمانية العامة بوقت قصير ، والمتمثلة بعقد طاولة مستديرة تجتمع حولها الكتل السياسية المتصدرة في الانتخابات وتناقش كل النقاط الخلافية والاختلافية بصورة مباشرة وهادئة، ووفق منهجية مستندة على المصلحة الوطنية العامة، وانطلاقا من مسؤولية كبرى تجاه الملايين من ابناء الشعب العراقي، ليس الذين ذهبوا الى صناديق الاقتراع فحسب، وليس الذين صوتوا للقوائم والكتل التي حققت نتائج طيبة وبات لها دور محوري في العملية السياسية، وانما حتى تجاه الذين لم يشاركوا في الانتخابات.وقد وجدت مبادرة السيد عمار الحكيم صدى طيبا وقبولا حسنا لدى عدد غير قليل من القوى والكيانات والتيارات والشخصيات السياسية، بيد ان الحسابات والاجندات والمصالح الفئوية والحزبية الضيقة والمحدودة الافق لدى البعض حالت دون ان تترجم المبادرة الى واقع عملي على الارض. وابلغ دليل على صحة وصواب تلك المبادرة انه لم تطرح صيغة بديلة لها اكثر واقعية ومن شأنها ان تساهم بفك العقد وحلحلة الازمة وتجاوز الخلافات والاختلافات، فبعد اكثر من ستة شهور من المباحثات والحوارات المتعددة المستويات والاتجاهات والعناوين مازال الجميع يدورون في حلقة مفرغة، ولم يتقدمون ولو خطوة واحدة الى الامام، سوى قرار الائتلاف الوطني العراقي ترشيح الدكتور عادل عبد المهدي لرئاسة الحكومة، ومبادرة السيد عبد المهدي الحضور في البرلمان بصورة متواصلة وذلك من اجل تفعيل دور مجلس النواب الجديد ووضع حد لحالة الشلل والتعطيل التي فرضت عليه، عدا ذلك فأنه وبدلا من ان تنفتح افاقا رحبة في العملية السياسية، ويتم الانطلاق في مرحلة جديدة لمعالجة اخطاء وسلبيات المرحلة السابقة، ازدادت الامور تعقيدا في خضم حالة التصلب والتشدد التي بلغت حدودا غير معقولة ولامقبولة، وبدا وكأننا نسير في طريق مسدود.ان خيار عقد الطاولة المستديرة مازال هو الاكثر واقعية وعملية، وربما تكون الظروف الحالية مواتية اكثر لعقدها، بل واكثر من ذلك تحتم عقدها.
https://telegram.me/buratha