وليد المشرفاوي
المتابع لتاريخ أهل البيت(ع) وأتباعهم يقف طويلا عند سعة حجم التآمر الذي عاصر ظهور الإسلام واعتلاء راية أهل البيت(ع) ,في حركة الإسلام الكبرى التي هزت وجدان الإنسان المسلم في العالم وغيرت مجرى الأمور بما ينسجم وتطلعات وآمال الطبقات الكادحة المؤمنة المظلومة التي عانت من القهر والإذلال واغتصاب الحقوق وكبت الحريات ومصادرة الجهود والتقتيل والتشريد والإبعاد في البوادي والربذات القاحلة الموحشة , وقد استمر هذا الوضع بحق أهل البيت(ع) وأتباعهم على طول تاريخ الإسلام وحتى يومنا هذا , ولعل ما مارسه الأمويون ضدهم من أعمال شنيعة و فضيعة أرادوا منها الاقتصاص من رجالات الإسلام وما فعلوه بمشركي قريش , وانصب حقدهم على الإمام علي (ع) بأبنائه لأنه وترهم وآبائهم وأبنائهم. وما فعله العباسيون الذين قامت دولتهم بشعارات الثار لأل محمد يندى لها الجبين وتجسد الحقد المتأصل وعمق الكراهية لهذا البيت الشريف.وهكذا استمر أتباع أهل البيت(ع) على هذا النحو من المريع من الخوف والحرمان والتشتت تحت مطرقة الظلم والاضطهاد الذي مارسته السلطات المتعاقبة وحرمت هذا القطاع من أداء دوره في الحياة السياسية وحركة البناء والأعمار , ومع كل هذه الحروب المتعددة المحاور والأهداف العسكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية , كانت الرعاية الإلهية واضحة في حفظهم وحفظا لدينه, ولولا هذه الرعاية التي أكدت عظمة هذا البيت وضرورة وجودهم لكان الإسلام لا يعرف إلا من خلال صور الاستبداد والطغيان والتكالب على الدنيا .ولعل تلك الصور لا زالت حاضرة في العصر الحديث تتجلى بما قام به صدام العفلقي ضد أتباع أهل البيت(ع) من أفاعيل مخزية وجرائم يندى لها جبين الإنسانية وهكذا ما قدمته الدول العربية وغيرها إلى جماعات الإرهاب المجرمة للقضاء على أتباع هذا الخط النزيه والمجاهد , حيث أكملت جماعات التكفير والبعثين ما أقدم عليه صدام من مجازر للتنكيل بالمؤمنين وحرمانهم من أي حقوق كمواطنين عراقيين , كما طبقت عليهم معادلة ظالمة لا تبق ولا تذر , وكانت هذه الأفعال تخفي وراءها أمورا عميقة الغور في النفوس تترجم عن نفسها في تمزيق الشيعة وإقصاءهم وتهميشهم إلى الحد الذي يعيشون مشاكلهم وتمزقاتهم ولا يفكرون بأي تحرك, فضلا عن جعلهم مطايا تحت الطلب لتنفيذ أوامر السلطان الجائر وإيجاد امة يحكمها ويحركها السوط والعنف والتقريع وأنهم بقايا حملات الجيوش الإسلامية الفاتحة التي عادت مع الراجعين !!! أنها سياسات توهين وتحقير وإذلال حتى لا تقوم لأهل هذا البيت قائمة. وجاء السقوط الكبير وكسر ظهر الفيل , وما على المقهورين والمسحوقين من تلك العهود الظالمة وعلى رأسهم المجاهدين والأحرار الأبطال الذين سطروا تاريخ العراق بالدماء من اجل حقوق هذه الطائفة إلا التذكر وعدم نسيان الماضي وبضرورة التعاون ومسك الأمور بروح جماعية فاعلة ومتكاتفة والأخذ بنظر الاعتبار جميع العيون المنتظرة على طول الدرب لها للنهوض من الكبوات والنكبات والتراجعات التي أصابتهم بسبب انتماءهم إلى خط أهل البيت وحبهم لهم والسير على نهجهم.وعلى الجميع عض الأصابع من الغيض ندما عن كل تأني أو توقف أو تباعد أو فرقة أو تدافع يحصل بين أتباع علي والحسين(ع) لان ذلك سيقلب الأمور على عقب لا سامح الله تعالى ونقرب بأيدينا وأفاعيلنا غير المدروسة السكين من حناجرنا والسوط من ظهورنا وتبدأ المطاردة والإبعاد والتغرب مرة أخرى في الدول والجبال والوديان والاهوار كما كنا سابقا وفي المربع الأول من جهادنا. ولذا علينا التنازل والتناصح بعضنا للبعض الآخر فليس الهدف مناصب أو كسب أموال أو ترأس أو تحكم , وإنما يتطلب اتحاد وقوة وتعاون وإبعاد النفوس عن التكبر والغرور والتعالي لمجرد أن انتصر احدنا مؤقتا وفي موضعا ما , وإذا كان احدنا يتهم الآخر بالغرور وعدم المبالاة بالآخرين أو تصغيرهم فلا يعني ذلك انه برئ من هذا التصرف فعليه إلا يقع هو في نفس خطا الآخرين الذين يتهمهم , وعلينا قراءة الواقع والتسامح ونسيان الماضي والنظر إلى رصاصة العدو الموجهة لنا أين تقع وفي أي مكان أنها تؤلم وتوجع وتترك فراغا لا يسده غيرنا . إننا بالتفرقة والتباعد والتحاسد نظلم الجماهير ونخون الأمة ونتناسى مأساة الأيتام والأرامل والمعوقين ومعاهدة الشهداء. ولنعلم إن عدونا لا يستهدف حركة أو حزب أو منظمة أو جهة إسلامية بعينها بل يريد إقصاء وإبعاد وتمزيق الجميع وبطريقة الاستفراد واحدة بعد الأخرى ثم القضاء على الكل لان هدفه الإسلام وخط أهل البيت (عليهم السلام) , لذا لابد أن نراجع أنفسنا وخططنا السياسية وتحالفاتنا الحركية ونعمل ما يرضي الله ولا نركب الصعبة تجاه إخواننا ولتكن مصلحة مذهب أتباع أهل البيت (ع) فوق المصالح الشخصية والفئوية والحزبية ولنأخذ أوامر وإرشادات وتوجيهات المرجعية الرشيدة بالاتحاد وعلى موضع الجد وعدم التفريط بنصائحها وإرشاداتها ولنعلم ماذا يكسب أي تجمع أو حزب أو حركة ومنظمة إذا خسر أتباع أهل البيت(ع) وجودهم وقوتهم وحكومتهم لا شك انه خسران تاريخي مبين يحاسب عليه الجميع أمام الله والأئمة الطاهرين وجماهير المذهب المظلومة ولآت حين مناص لذا علينا التفكير بعقلانية ومسؤولية عالية والابتعاد عن العواطف وهوى النفس.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha