علي حسن الشيخ حبيب
لم يَشهد العراق موجات من التكفير الديني، وموجات الارهاب المنظم المدعوم من دول الاقليم والمخابرات الدولية المتناحرة على ارضه في تاريخه كتلك التي عصفت به منذ سقوط البعث في 2003م ، مما ادى الى بروز الكثير من التيارات والاحزاب والمنظمات والمليشيات، ودعاة الفتن والتكفير، الذين عجت بهم وسائل الاعلام بشتى صنوفه المرئي والمقروء والمسموع، وبرزت حالات التسقيط السياسي ، اشتدت معها دعوات تسيس الدين ، وظهور الجماعات الدينية السياسية، التي اتخذت طريق الإرهاب للبروز الإعلامي، وإثبات الوجود السياسي في العراق ...وعند البحث في اسباب التي ادت الى ظهور تلك الافكار والتيارات والاحزاب نجد الاتي :-اولا:-الفشل الكبير الذي منيت به الأحزاب القومية والوطنية على مختلف أشكالها، وألوانها، وتوجهاتها، وعقائدها، في تحقيق أي هدف من أهدافها التي كانت تنادى بها والشعارات البراقة التي كانت ترفعها وتعد الجماهير بتحقيقها...ثانيا:- ازدياد الفساد السياسي والمالي في العراق، مما أتاح لقيادات الأحزاب والتيارات المتنوعة الى رفع شعارات سياسية (عاطفية) ، ثبت أنها شعار براقة وعبارة عن حبر على ورق وسفسطات كلامية سمجة، ومثير لعواطف البسطاء من الناس، وكانت بوابة لدخول الى سفهاء الاعراب الذين جندهم الاقليم العراقي لتفجير انفسهم وسط الابرياء في العراق ... ثالثا:-ازدياد حالات التفكير العشوائي في المجتمع، وبروز ظاهرة التكفير بشقيه الديني والسياسي وتعالي الصيحات التي تدعو إلى التكفير أكثر مما تدعو إلى التفكير، وتسعى لتفجير الحياة بدل أن تفجر الإبداع في الحياة ...رابعا:- انتشار ظاهرة الألقاب التبجيلية وتقديس الافراد، وهي الألقاب التي يطلقها البعض من على منابر المساجد وفي خطب الجمعة وتمجيد الإرهاب والتكفير ورموزه، كما لم تطلق هذه الصفات التبجيلية والتقديسية، على المفكرين او رجالات الدولة او رجال الدين الذين تركو اثر كبير ولمسات رائعة في بناء البلد واعادة استقرارة بحكمة وخطوات ثابته.. خامسا:-ظهور تيارات دينية متطرفة ومدفوعة في دول الجوار تحاول دائما الى شحن الاجواء وهذه التيارات انتشرت كالغبار في كل مكان، خاصة في بيئة دينية محافظة كالبيئة السعودية، والخليجية القطرية والاماراتية والكويتية، والاردن، ودول المغرب العربي ، وهنا تكمن الخطورة الكبيرة فيما لو سكتنا عن هذا كله، وأهملناه، واعتبرناه مجرد سقط كلام فقط، وهوس أفراد، وعلى الحكومة العراقية والاجهزة الامنية أن نأخذ هذه المسألة مأخذ الجد، وذلك بالسعي الى الضغط على حكومات هذه الدول للانتقال من مجتمع التكفير إلى مجتمع التفكير وتنبيه الحكومات الداعمة والساندة والمؤيدة للارهاب، والذهاب الى مجلس الامن ان اقتضت الضرورة في حالة عدم انصياع تلك الحكومات في التعاون مع الاجهزة الامنية العراقية وكشف خيوط الارهاب وممولية . ...سادسا:-عدم التركيز على إبطال التكفير بتحديد مجال (الفتوى)، واعتبار الفتوى خطاب إرشاد، ومصدر جمع الامة، ونبذ العنف والتطرف والغلو، وعدم تسخيرها لتصفية الحسابات الاقلمية وسياسة المحاور، والتركيز على التخلي عن عقيدة وفكر الارهاب، وأن الذات لا تدرك إلا في مراة الاخرين، وما لم يكن صواباً كله، لا يكون خطأً كله... ويبقى ان نقول في الختام ان حياة الناس امانة في اعناق السياسيين، فلا مجال للمجاملات السياسية وتطيب الخواطر، على حساب اشلاء الابرياء وانهار الدماء التي لم تجف يوما ..
https://telegram.me/buratha