باسم العلي
لايوجد هنالك صلة بين الديمقراطية والدكتاتورية فلذلك لايمكنك ان تجد في اي بلد ديمقراطي دستوري برلماني مجال لتجاوز الصلاحيات المحددة بالدستور والقوانين المرعية في البلاد. نعم ان عراق اليوم وبسبب حداثة التجربة الديمقراطية في العراق وبسبب التكوين الطائفي والعرقي للبلد يوجد صراعات على الزعامات ومراكز القوى بين المتصدين للعملية السياسية من كل المكونات وذلك مما يزيد من تعثر وتعقيد مسيرة الديمقراطية في العراق.
ان الجميع مقر بان زمن الانقلابات قد مضى لان هنالك ضمانات دولية بهذا الاتجاه واهم هذه الضمانات هي تلك النابعة من امريكا واوربا. بما انه لايمكن لاي مغامر عسكري ان يستولي على الحكم فان" ديمقراطية" كديمقراطية صدام او ديمقراطية العالم العربي سوف لن يكون لها مكان في العراق الجديد.
ان الحملات الدعائية والاعلامية التي تطرح هنا وهناك ماهي الا محاولات تسقيط بطريقة واخرى وليس ايمان بان مثل هكذا امر ممكن ان يحصل.
يجب ان لانتصور بان كل السياسين الموجودين على الساحة في العراق عندهم النظرة المستقبلية للعراق ولاعندهم تصور الى مايصبون اليه من تقدم وازدهار للبلد بل ان جل همهم اليوم هو من يستلم الحكم ويتمتع بالميزات الكبيرة التي يعطيها له موقعه في الحكم. فالصراع في العراق في مجمله هو صراع مصالح شخصية كتلوية وليس كما يصور للناس على انه صراع من اجل مصالح طائفية او قومية وفي هذا المجال استثني الكتلة الكردية وسبب ذلك انهم قد ضمنوا اقليما مستقرا متوحدا فبذلك ضمنوا قاعدتهم وهم ينطلقون منها بقوة مدعومين بوحدة هدف وارادة.
ان المطالبة بتقليص صلاحيات رئيس الوزراء كارثية لاسباب عدة منها:1. المثل الشعبي يقول "السفينة من تكثر ملاحيها تغرق" لان الصلاحيات تتوزع بين هذا وذاك ولكل منهم مزاج وطبع وارادة ورفض وحقد ومحبة وبالتاكيد مصالح. اذا ذهبت الى دائرة واردت ان تكمل معاملة تجد نفسك متنقلا بين العديد من الموظفين لكي تحصل على تهميش من هذا وتوقيع من ذاك وتجيك من ذلك وتدقيق من الاخر وتقضي اسبايع و لولا الروتين لقضيتها بساعة او يوم. اما في مجال ادارة الدولة فالبرلمان السابق شاهد على ما اقول. كم من القوانين عطلت بسبب عدم موافقة احد اعضاء مجلس الرئاسة لا لسبب غير اثبات الوجود او المطالبة بامور شتى لاتمت باي علاقة بالقوانين ولكن كورقة ضغط على البرلمان والحكومة بدون اية مراعاة للمصلحة الوطنية العليا
2. ان توزيع الصلاحيات تعني هنالك عدة قيادات في البلد كل يسير في اتجاه مختلف وبالتالي تعقد طريق النمو وتزيد من التناحر بين القادة مما تعكس سلبا على الحكومة التي سوف تكون مشلولة في معضم الاحيان
3. اي بلد يحترم نفسه وديمقراطيته لايمكن ان يحكم بحكومة توافقية لان ذلك يعني مهادنة ومناورة واقبل مني اخطائي وفسادي حتى اقبل منك فسادك واخطائك. ولكي تكون هنالك حكومة حقيقية ان التوافقية في الحكم يجب ان تنتهي ويجب ان تشكل الحكومة من الكتلة التي يمكن ان تحصل باي صورة كانت على 51% من النواب في البرلمان. ويحب ان يكون هنالك حكومة ظل تراقب عمل الحكومة كالنسر. فقط في تلك الحالة يمكن للبلد ان يتخلص من الفساد والارهاب والمحسوبية لان هنالك في البرلمان من هم يتحينون الفرصة لاضهار عجز او فساد الحكومة. فاذا ما انتهت التوافقية واستقرت الاوضاع السياسية والصلاحيات متوزعة فان ارجاع عقرب الساعة الى الوراء يكون صعبا شاقا ويمكن ان لايحدث.
4. ان تحديد مسؤولية ادارة البلد بيد رئيس الوزراء ووزرائه سوف تسهل امر المحاسبة والادارة. اما خلاف ذلك فلانعرف من هو المسؤل والى من نذهب.
مع الاسف ان كل من يطالبون بتقليص الصلاحيات مندفعين اما بعدم قبولهم بالمالكي او من اجل مصالح ومناصب خاصة لهم او من اجل تفتيت الحكومة كي تكون ضعيفة ولاسلطة لها في ادارة العراق. ومع كل الاسف ان كل هذه الاسباب غير موجبة وغير مفيدة لمصلحة العراق العليا. فمن يكره المالكي فان المالكي اليوم رئيس وزراء وغدا رئيس وزراء سابق, والذي يريد مصلحة خاصة ومنصب لايصلح للعراق والعراقيين والذين يريدون اضعاف الحكومة المركزية فانهم بعيدين جدا عن حب العراق الفدرالي القوي الموحد
https://telegram.me/buratha