المقالات

جاهزية القوات العراقية بين الحقيقة والوهم ...

2281 17:50:00 2010-09-06

العميد الطيار محمد الخضري

في البداية وقبل الخوض في صلب الموضوع لابد من التطرق لأمور مهمة يجب أن تكون حاضرة في الفكر العراقي وخاصة السياسيين والمثقفين الذين طالما خاضوا ولا زالوا في الأمور العسكرية والأمنية دون الرجوع لذوي الحرفة والأختصاص وبدون شك فأن ضعف الأعلام العسكري والأمني هو أحد الأسباب المهمة في تفشي الجهل في هذا الجانب المهم .

وأهم هذه الأمور هو عدم وجود ربط بين مسألة تكامل جاهزية القوات ( وأعني بها القوات التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية وكل المؤسسات الأمنية الأخرى) وبين مسألة تمكن القوات من السيطرة على المجموعات الأرهابية المسلحة التي تقودها عصابة القاعدة أي بمعنى اخر أن المجموعات المسلحة الأرهابية بكافة تشكيلاتها وأهمها القاعدة تعتبربحكم الميته وقد خسرت الساحة العراقية وكتبت شهادة وفاتها بقيام صحوة أبناء الرمادي بقيادة الشهيد أبو ريشة وهي في حالة أحتضار وكل ما يحدث من عمليات دموية هي رفسات موت علينا أن نتوقعها بين الحين والاخر وقد تكون هناك رفسات مكلفة على الشعب العراقي لكن علينا أن ندرك ولا ننسى أن الحرية ثمنها باهض وأن الدول المحيطة بالعراق بل كل دول المنطقة تعمل حكومات وشعوب وبكل ماتملك من قدرات من أجل أفشال التجربة العراقية ناهيك عن قوى سياسية كثيرة داخل العملية السياسية تسعى لنفس الهدف وبكل تأكيد فأن ركاكة الأداء السياسي لكل القوى وبدون أستثناء هو عامل يضاف للعوامل السابقة ويجعل رفسات الموت هذه عديدة ومكلفة يدفع ثمنها الشعب العراقي وقواته على حد سواء لذا علينا عندما نتكلم بواقعية مهنية عن جاهزية القوات أن لا نصاب بالأحباط ونربط المدة المطلوبة لجاهزية هذه القوات بمسألة أستباب الأمن والأستقرار والقضاء على العصابات المسلحة لأن الأمران مختلفان ولايجوز الربط بين الأثنين.

الأدارة الأمريكية والقاعدة الأرهابية على حد سواء أدركت أنها أخطأت حينما أختارت الساحة العراقية كموقع لحسم الصراع بينهما فقد أيقن الأمريكان أن أختيارهم ليس في محله لعدم تجذر الثقافة الأرهابية في الفكر العراقي مما يتيح حاضنة وبؤرة واسعة لتجمع متخلفي القاعدة وغيرهم من الأرهابين كما أن الشعب العراقي أصر وكافح ودفع دماء طاهرة من أجل أفشال المشروع الطائفي الذي كانت تبني عليه القاعدة أملها في التجذر والتواجد في الواقع العراقي لذا كانت هذه العصابة مجبرة على أختيار ساحات أخرى وبالفعل جربت الساحة الأردنية واللبنانية والسورية وعادت لقواعدها الرئيسية في السعودية وأفغانستان وبلاد المغرب العربي كما أن أمريكا ساعدت أن يتسع وجود الأرهابيين بقوة على الساحة اليمنية والصومالية والباكستانية ليكون الحسم في القضاء على التخلف والأرهاب الذي يهدد الأمن والسلام العالمي .

سبع سنوات تعتبر مدة غير كافية لأعداد جيش قادر على حماية بلد بحجم العراق في الظروف العادية بل المثالية فكيف يكون الحال والجميع يدرك الظروف التي تحيط بالعراق بدءا من التغير من دكتاتورية قاسية الى ديمقراطية منفلته وحجم المؤامرة التي تريد أفشال الوضع العراقي مرورا بالمصالح والتدخلات الأقليمية والدولية ناهيك عن العبث الذي أحدثته القوى السياسية بالمؤسسة العسكرية من خلال أغداقها بالرتب والمناصب على أناس ليس لهم صلة بالعلم والمعرفة العسكرية

ومن الأخطاء الفادحة والخطرة التي ترسخت في الفكر العراقي هي فكرة سهولة تأسيس جيش في بلد مثل العراق يملك شعب متعسكر (على أعتبار أن أجيال عديدة قضت أحلى سنين عمرها في الخدمة العسكرية وفي حروب دموية علاوة على أن العراق كان يملك جيش مليوني قبل سقوط النظام السابق) وهذا أمر خاطيء ولا يقبل النقاش لأن تأهيل جيش منهك ومدمر يحتاج الى فترة زمنية وأمور فنية وأقتصادية أكبر وأكثر من تأسيس جيش جديد يواكب التطور الهائل في العلوم والتكنلوجيا العسكرية الحديثة.

نعود لموضوعة جاهزية القوات وهنا يجب أن نذكر في مسألة الفصل بين الجاهزية والقدرة الحالية على حفط الأمن .فأما الجاهزية( أي بمعنى أن تكون القوات مكتملة التجهيز والتدريب وقادرة على حماية الحدود العراقية البرية والبحرية والجوية وحماية الوطن والمواطن من أي تهديد خارجي أقليمي أو دولي ) فتتطلب منا أن نكون أقرب للواقع وأن لانجعل أي تأثير للعواطف والمشاعر وأن لا نكون تحت أي ضغط أعلامي أو سياسي فأمر الجاهزية يرتبط بعوامل عديدة منها العامل الأقتصادي وعامل الزمن في مسألة عقود التسليح فهناك عقود أبرمت قبل عامين وسيكون التجهيز بأول قطعة بعد ثلاث سنوات وعلينا أن لا ننسى أن هناك صنوف لم تؤسس لهذا الوقت وعوامل عديدة أخرى تجعلنا نؤكد أن الجاهزية تحتاج لسنين عديدة لاتقل بأي حال من الأحوال عن عشرة سنين وخلال هذه الفترة لابد من وجود دعم لوجستي على مستوى عال وهذا الأمر متوفر من خلال التواجد الأمريكي .

أما بالنسبة لقدرة القوات العراقية على فرض الأمن والأستقرار في كافة المدن العراقية وخاصة بعد الفراغ الذي سينتج نتيجة أنهاء القوات الأمريكية لمهامها القتالية فهناك عدة أمور مهمة تعطينا أنطباع أن هذه القوات قادرة تماما على هذا وبعيدا عن التضليل الأعلامي والمزايدات السياسية فساعة تجوال واحدة في قلب العراق بغداد أو في أي منطقة من التي كانت تعد ساخنة يستطيع الأنسان أن يتاكد أن هذه القوات وبأمكانياتها وقدراتها الحالية قادرة على العبور بالعراق وشعبه لضفاف الأمان وعامل الأطمئنان في الوضع الأمني وما تحقق هو الأنسان العراقي الذي أدرك بقدرة وتطور هذه القوات وبالتالي تفاعل بصورة أيجابية أنعكس هذا بدوره على القوات التي أرتقت بأدائها .

وهناك مشكلة أو محنة لأن كل سياسيي العراق يقعون تحت ضغط الأعلام المعادي الذي نجح باهرا بالتأثير على الشارع العراقي وهذا أمر طبيعي جدا لكن المصيبة أن يكون سياسيوا العراق مستسلمين للأعلام المعادي وبالتالي تكون تصريحاتهم وخاصة في الشأن العسكري والأمني تلامس المشاعر أكثر مما تقترب من الواقع في مسألة الجاهزية وهذه كارثة تنعكس سلبيا على الوضع العام وتسبب أشكاليات يدفع ثمنها الشعب العراقي وقواته المسلحة على حد سواء.

علينا أن نتذكر دائما أن العلاقة بين التقدم الأمني والعمليات الأرهابية علاقة طردية أي بمعنى أننا كلما حققنا خطوة أمنية علينا أن ندرك أن هناك أعمال وحشية قذرة ستكون على أرضنا الطاهرة لكن العراق وشعبه وقواته لهم بالمرصاد .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
العقيد الركن زياد الشيخلي
2010-09-13
السيد الخضري بعد قرائتي لمقالكم تبين لي رغم وجود كثير من المعلومات العسكرية والمستفيضة من خلال تجربتكم في الخدمة العسكرية في ظل النظام الوطني السابق ألا ان وعلى ماأعتقد بأن السنوات التي قضيتها في المهجر وبعدك لفترة طويلة عن الساحة العسكرية قد نسيت او تناسيت بأن الجاهزية والقدرة العسكرية مكملة الواحدة للاخرى فبدون وجود جاهزية لاتوجد أي قدرة عسكرية للتصدي لاي عمل أن كان خارجي او داخلي .. ولهذا احببت ان انوه على جملة قد ذكرتها في مقالك الكريم بأن من يتجول في شوارع بغداد ولمدة ساعة قد تبين لك بأن القوات الامنية على اتم جاهزية فأني أذكرك بأن الجاهزية والقدرة هي ليست فقط بالعدد وانما يجب ان تتوفر في الجاهزية جوانب اخرى فمنها الفني ومنها الاستخباري وهذان الجانبان مهمان بشكل كبير لغرض اكمال عملية الجاهزية ... فأرجوا عند كتابة اي شيء يتعلق بمصير العراقيين أن يكتب بشكل منطقي وواقعي لكي لايؤثر في تعين الخلل الجاري في العراق وفي كافة المجالات .. تحياتي لك ومبروك الرتبة.. العقيد الركن زياد الشيخلي \ بريطانيا
ابو احمد
2010-09-08
القوات العراقية جاهزة وقادرة على بسط الامن لاكن يحتاج الى بعض الامور مثلا تطهير الاجهزة الامنية من العناصر المندسة وعدم التهاون في هذا الجانب وتفعيل القضاء اصدار احكام رادعة بحق المجرمين
صباح الفهدي
2010-09-07
انا اكرر التبريك الى العميد. واقول واصل طريقك مع اخوتك الطيارين والله يكون بعونكم, وانت ياابا جاسم المعروف بصوتك الذي ملاء جميع الفضائيات بكلامك العراقي الاصيل والذي اسكت افواه الحاقدين والمنطووت مع القاعده. ابو نور السويد هلسنبوري
ابو سيف
2010-09-07
في البداية اود ان اهنئك بالعودة الى الجيش العراقي فالجيش حاليا بحاجة الى مخلصين امثالك اذا اكتملت جاهزية الجيش من المعدات فمارايك وانت داخل الساحة العسكرية الان فمتى ستكون جاهزية القادة العسكريين الحقيقيين
قصي
2010-09-07
كلام عسكري مهني .نتمنى ان يصبح عندنا جيش مهني حديث ومتطور مثل جيوش العالم المتقدم.
د- محمد الاحمر
2010-09-07
بارك الله فيك يا ابن العراق البار, وهذا تحليل رائع لرجل محنك, اتمنى من كل قلبي ان لا يسيئ السياسين المراهقين لقواتنا البطله واتمنى ان يجد كل القادة العسكرين الشرفاء من كل طوائف العراق مكانهم في الخدمة وبدون تميز او اجتاث لانه ببساطه عراق الجميع والكل مدعوا لدعم قواتنا البطله وهيه تصنع التاريخ بالدفاع عن ارواح وممتلكات هذا الشعب المظلوم
الشهاب الثاقب - الدنمارك
2010-09-07
اذا كان قصد الكاتب الترويج لتواجد قوات عسكرية أمريكية بعد كانون الاول عام 2011 فهذا ما لا يقبله أي مواطن عراقي حر شريف فضلا عن كل سياسي أو عسكري مؤمن بل كل مسؤول يخاف ربه ويريد الحفاظ على بلده ناهيك عن الحوزة العلمية الشريفة ورجال الدين المجاهدين وغيرهم...أقول للكاتب وهل نسيت ان الامريكان محتلون وانهم هم الذين حلّوا الجيش ولم يجهزوه بالاسلحة طيلة هذه السنوات لسببين أولا خوفا على قواتهم في العراق وثانيا ليأتي يوم ينادي فيه موالي الاحتلال أو بعض المغررين بأحتياج الجيش للقوات المحتلة! هذا عين الجهل
نجيب سيد كزار
2010-09-06
صدقت وبارك الله جهودك لبناء مع اخوتك الشرفاء قوه جويه عراقيه اصيله هدفها حمايه الفقراء ابناء المقابر الجماعيه اللذين لازالوا يبحثون عن بقايا اشلائهم وهي مغروسه بعمق الارض دعواتي لك بالخير واسلم لنا ونحن نراك بحلتك الجديده
زيــــد مغير
2010-09-06
كلام منطقي من قائد عسكري ..فعلا ً سيادة العميد كل ما جاء في مقالك منطقي وواقعي ..وشيء مهم وهو تثقيف الجندي العراقي وتنظيف الأجهزة الأمنية من المفسدين ..وتحية لأشجع جيش في العالم الذي يحارب عدو يأتي بزي النساء ويأتي بصبيان مسممة عقولهم و و و ...أللهم أرحم كل جندي عراقي استشهد من أجل العراق الغالي وهو يقاتل القعادة وخنازير عفلق وصديم الأرعن
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك