سعد البصري
لقد كانت هناك محاولات كثيرة لجذب الاهتمام نحو مظلومية القدس الشريف وما تحمله هذه المدينة من معان كثيرة عند المسلمين خاصة والعرب وقد حاول عدد غير قليل أن ينادي بضرورة توجيه الأنظار إلى إمكانية توحيد الكلمة وربط الصفوف لنصرة ( أولى القبلتين ) ،ولكن أكثر هذه المحاولات ذهبت أدراج الرياح ولأسباب متعددة كونها لم تأخذ مداها الحقيقي بسبب كثرة الإعلام المضاد والتهاون الموجود عند اغلب من عليهم أن يهتموا بهذا الموضوع واقصد بهم العرب ولكن ما أن أطلق الإمام الخميني الراحل صرخته المدوية يوم السابع من آب/ أغسطس عام 1979 ـ أي بعد أقل من خمسة أشهر من انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران، وجاء في هذا النداء:"أدعو جميع مسلمي العالم إلى اعتبار آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، التي هي من أيام القدر ويمكن أن تكون حاسمة أيضا، في تعيين مصير الشعب الفلسطيني، يوما للقدس، وأن يعلنوا من خلال مراسيم الاتحاد العالمي للمسلمين، دفاعهم عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم".إنها صرخة هادرة هزّت أركان الأمة، وأعادت إليها صحوة العمل من أجل ترتيب أولوياتها على أساس جعل مدى نجاحها في مسيرتها مرتبط بمدى قربها من تحرير القدس الشريف.وانطلق الإمام الخميني الراحل في دعوته هذه من مسلّمة أساسية وهي أن القدس ملك المسلمين ويجب أن تعود إليهم، معتبرا أن واجب المسلمين أن يهبوا لتحرير القدس، والقضاء على شر جرثومة الفساد هذه عن بلاد المسلمين.وفي العام التالي، 1980، رسم الإمام الراحل صورة يوم القدس كما يراه من أجل تحقيق الهدف المرجو منه حين قال:"نسأل الله أن يوفقنا يوما للذهاب إلى القدس، والصلاة فيها إن شاء الله. وآمل أن يعتبر المسلمون يوم القدس، يوماً كبيراً، وأن يقيموا المظاهرات في كل الدول الإسلامية، في يوم القدس، وأن يعقدوا المجالس و المحافل، ويرددوا النداء في المساجد. وعندما يصرخ مليار مسلم، فإن "إسرائيل" ستشعر بالعجز، وتخاف من مجرد ذلك النداء".لقد أحيت الأمة يوم القدس، وعاماً بعد عاماً انتشر الاهتمام بهذا اليوم وتوسع حتى بات ملتقى سنوياً في آخر جمعة مباركة من شهر رمضان المعظّم، وصار الاحتفال به يتميز بأن أبناء القدس أنفسهم يشاركون بهذا الاحتفال ويجتمعون في مدينتهم المقّدسة من أجل إعلان صمودهم في وجه كل الممارسات العاتية التي تريد أن تقتلعهم من مدينتهم.لقد باتت مدن كبرى تشهد الاحتفال بيوم القدس العالمي.من هنا ينبع صدق دعوة الإمام الخميني الراحل إلى اعتبار يوم القدس "يوماً عالمياً، ليس فقط يوما خاصا بالقدس، إنه يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين. انه يوم مواجهة الشعوب التي عانت من ظلم أمريكا وغيرها، للقوى الكبرى، وانه اليوم الذي سيكون مميزا بين المنافقين والملتزمين، فالملتزمون يعتبرون هذا اليوم، يوما للقدس، ويعملون ما ينبغي عليهم، أما المنافقون، هؤلاء الذين يقيمون العلاقات مع القوى الكبرى خلف الكواليس، والذين هم أصدقاء (لإسرائيل(، فإنهم في هذا اليوم غير آبهين، أو أنهم يمنعون الشعوب من إقامة التظاهرات".
https://telegram.me/buratha