المقالات

موسم النقد الرمضاني

697 14:48:00 2010-09-02

حافظ آل بشارة

ليست مصادفة حسنة ان تأتي الازمة السياسية متزامنة مع شهر رمضان ، في هذا الشهر يكثر حديث الناس عن الدين والاخلاق والطاعات وعمل الخير والمصالحة مع الذات ومع الله ومع الناس ، وبعد العيد يعودون الى اوضاعهم الطبيعية ، العراقيون قبل رمضان وبعده يبحثون دائما عن متهم لكي يهاجموه ويفرغوا مافي صدورهم من شحنة الغضب والتوتر الدائم وليتخلصوا من الشتائم التي يحملونها باحثين عن أحد ينثرونها فوق رأسه ، وقد هيأ لهم القدر حكومة من هذا النوع بما كسبت ايديهم فهم يصبون عليها نيران غيضهم الملتهب وشتائمهم المتناثرة ، وهي بدورها تلوذ بالصمت متفرجة على الصيف البدائي الذي يجعل الافاق جحيما وهي تفور ، يقبعون هادئين تحت مكيفاتهم النافخة بالنسيم المثلج . لحظات المعاناة الشعبية التي لا تنتهي تشجع على اعادة طرح الاسئلة الكبرى للمرة الالف : لماذا نعيش كل هذه الشدائد ونحن من دول العالم الغنية ؟ نفتقد مصادر العيش والكرامة ، ويأتي الجواب : لأن النخبة منشغلة بالصراع لاجل تحقيق مكاسبها الذاتية ، وعندما يكون الحديث عن النخبة يعتقد العراقيون لاسباب معروفة أن الاسلاميين هم الذين قادوا التغيير واشعلوا نار الثورة من قبل وهم الذين اسرجوا والجموا وتنقبوا لاسقاط النظام السابق ، و في الذاكرة ثوابت للوعي تؤكد ان الاسلاميين هم الحوزة العلمية وهم المرجعية العليا وهم الحركة الاسلامية وهم السادة والعلماء وهم الشهداء والمجاهدون ، والمواطن العراقي يشعر جديا بأنه في العراق الجديد خرج من تحت سياط القمع ليدخل تحت عباءة المرجعية بكل ما ترمز اليه من عدل ورحمة وابوية وتسامح وتفان في خدمة المستضعفين ، ولايمكن للعراقي ان يتخيل هؤلاء المنقذين وهم يتنازعون بينهم على الكراسي والمواقع الزائلة . واذا استمر هذا التصور الخطير فان اضراره لا تتوقف عند مرحلة فقدان الثقة بحزب معين أو شخصية معينة بل ستثار الشكوك والاسئلة والاحباطات حول تاريخ عريض من التضحيات وحول المرجعيات الدينية ودورها وجدواها ، فيقال : ما دامت المرجعيات المختلفة غير قادرة على تغيير مجرى الاحداث بالشكل الذي يخدم المستضعفين فان وجودها وعدمه سواء ، وان حضورها وغيابها لايفرقان ، وقد يسهم الجهل في رسم صور غير واقعية للعلاقة بين المرجعية والقوى الوطنية ، فبعض الناس يتصورون ان الوزير الفلاني أو المدير الكذائي لا يمكنه ان يتخذ أي قرار الا بموافقة المرجع الديني ، وان المراجع يحملون عصيهم ويلوحون لمسؤولي الدولة الاسلاميين بالعقاب على اخطائهم اليومية فيضطر المسؤولون الى التوسل وتقبيل ايدي المرجعيات لكي يفلتوا من العقوبة في الدنيا والاخرة ، انها تصورات ساذجة وغير واقعية . اجواء رمضان تشجع على استذكار القيم العليا والمقارنة بين تعهدات الحاكمين وبين ماحققوه حتى الآن اذ يعتقد البعض استمرار الاشكالية الكبرى التي تواجه الاسلاميين هو أنهم ملائكة في خندق المعارضة حتى اذا وصلوا السلطة صاروا شياطين .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك