احمد عبد الرحمن
لايمكن النظر الى حدث استشهاد امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) كأي حدث تأريخي اخر، فذلك الحدث مثل انعطافة مهمة في تأريخ الامة الاسلامية جمعاء، وفي تأريخ اتباع اهل البيت عليهم السلام. فقلما نجد اشخاصا تركوا بصمات لاتمحى على مر العصور والازمان، واكثر من ذلك يتعزز حضورهم ويزداد تأثيرهم يوما بعد اخر.وامير المؤمنين وامام المتقين وسيد الوصيين مثل نموذجا وقدوة في الشجاعة والاقدام والزهد والتقوى والتواضع والعلم والتضحية والصبر ونكران الذات، وهو الذي قال فيه خاتم الانبياء محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله وسلم (الحق مع علي، وعلي مع الحق)، وهذا القول العميق في معانيه، لم ينطلق من على لسان الرسول اعتباطا، بل كان تعبيرا حقيقيا وصادقا عن جوهر شخصية الامام عليه السلام.ومااحرانا اليوم ونحن نحيي ذكرى استشهاده ان نتوقف ونتأمل طويلا ومليا في مسيرته الحافلة، ونستلهم من تراثه الثر كل القيم والمباديء الانسانية-وليس الاسلامية فحسب-النبيلة والعظيمة من اجل بناء مجتمع صالح وخير ومستقيم.علينا ان نتأمل في كيفية تعاطي امير المؤمنين(ع) مع مغريات الدنيا وملذاتها، وبهارج السلطة ونزواتها، وفي كيفية تعاطيه وتعامله مع احتياجات ومتطلبات وهموم مجتمعه، وفي كيفية تعاطيه وتعامله مع خصومه.ربما يبدو للبعض ان الامام قد خسر في الحسابات والمعايير المادية الزائلة، لكنه بلاشك ربح الكثير الكثير، وقوله حينما اراد احد اعداء الله قتله وهو في محراب الصلاة (فزت ورب الكعبة) يؤكد ويثبت ذلك.لماذا لانستلهم من هذه المدرسة العظيمة ما يساعدنا ويعيننا لاصلاح واقعنا الاجتماعي والسياسي والثقافي الذي تعتريه الكثير من مكامن ومواضع الضعف والخلل والقصور؟.لماذا لانستثمر هذه الذكرى العظيمة لنراجع الكثير من مناهجنا ومواقفنا وتصوراتنا ورؤانا، وننزع روح الانا من نفوسنا مثل كان امامنا العظيم علي(ع). ان تزامن استشهاد امير المؤمنين عليه السلام مع ليالي القدر المباركة، وفي شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والمغفرة والبركات الالهية العظيمة، ينطوي هو الاخر على دلالات ومعان قد لايتوقف ولايلتفت اليها ولايتأمل فيها الكثير من الناس.. انه تكريم الهي عظيم لشخصية عظيمة منذ ولادتها وطيلة مسيرة حياتها وفي استشهادها ومابعده، وعلى مر الازمان والعصور.
https://telegram.me/buratha