وليد المشرفاوي
ان ما حصل في العراق هو ليس بالشئ الذي يستهان به , أو بالتغير النمطي لحركة الشعوب , انه انهيار لدكتاتورية رهيبة حكمت بالحديد والنار دفع الشعب خلالها ثمنا غاليا , وذاقت شعوب المنطقة مرارة ذلك النظام , وذلك الحكم المتسلط , المجلس الأعلى مقبل على مرحلة تكوين جديدة والى الآن كان أداء المجلس الأعلى رائعا في التعاطي مع الوضع الجديد الذي أعقب سقوط صدام , فقد كانت قياداته على وعي متقدم إزاء مجمل القضايا , فقد فوت المجلس الأعلى الفرصة على أولئك الذين أرادوا جره إلى حرب طائفية , وارسوا قاعدة الوفاق الوطني بإقرارهم حق كل عراقي في صنع القرار السياسي وأكدوا على ضرورة إنهاء الاحتلال بكل الطرق المناسبة ورفضوا منطق القوة الفاشية , ونددوا بعمليات القتل والسلب والذبح التي زرعت بذور الفتنة الطائفية والعنصرية للأسف الشديد , وأدانوا كل مشروع خارج إرادة الشعب العراقي وتواجدوا بالعمل المشترك في سياق التفاهم والتشاور وهذا ما قراناه في مواقفهم , نقول وبكل فخر بان التزام الحكمة في قراءة الإحداث , وعدم الانجرار وراء المهاترات والهجومات العلنية من الإطراف الأخرى المشاركة في العملية السياسية , لقد استوعب المجلس الأعلى الدرس جيدا والآخرون الذين راهنوا على جره إلى حرب أهلية خسروا إلى الآن كل رهاناتهم وهذا ما سيكتبه التاريخ بفخر للمجلس الأعلى وقياداته,. ان المجلس الأعلى واقف على أرجله وبثبات إلى هذه المرحلة وهو مصدر قوة للأمة العراقية , ولم يفرق المجلس الأعلى في خطابه السياسي ومواقفه العملية بين عراقي وآخر على صعيد إرساء الحريات واحترام الدماء , والمطالبة بالحقوق وفي كل ذلك سلامة للوطن , وعز الشعب , وتكريس مبدأ الأخوة ومبدأ المواطنة وهو القاعدة الأساسية التي انطلق منها المجلس الأعلى في اتخاذ المواقف ورسم السياسات , مسترشدين بذلك نصائح وتوجيهات المرجعية الحكيمة,حقا كانوا صمام الأمان والسلام في العراق فاثبتوا بجدارة روحية فائقة لإدارة الأزمة بالرغم مما يعصف بالوطن من كوارث يراد بها النيل منه لإشعال النار في جسده المتعب بآهات وألام العقود الماضية من الحكم الصبياني , وتفويت فرصة الأعداء والجهلة , ونحن نرى ان هناك حملة ظالمة يتعرض لها المجلس الأعلى هذه الأيام , وربما سوف تتصاعد وتيرتها في الأيام المقبلة إذا ما كف سياسيوا النفاق عن تصريحاتهم التي تثير الفتن , وقيادات المجلس أدرى بهذه الأراجيف الظالمة التي تشكك في انتمائهم الوطني والتاريخي , بل وحتى الديني والقصد البعيد من وراء كل ذلك هو طمس حقوقهم وتغيبهم وتهميشش وجودهم وإلغائهم من ساحة الحركة السياسية وإبقاء العراق بكل خبراته ومقدراته وتاريخه ومستقبله ملك لثلة غير مثقفة ضيقة التفكير , تريد العودة بهذا البلد إلى منطق السادة والعبيد تحت ذرائع ما انزل الله بها من سلطان, فيما المجلس الأعلى وقواعده الشعبية ومعهم كل الشرفاء من العراقيين يهتفون علنا ان العراق لكل العراقيين ,وموقف النبلاء في المجلس الأعلى ذلك سبب هاجسا وقلق في الدوائر السياسية وحتى الفكرية لدول الجوار , وبعض دول العالم , وحتى في الولايات المتحدة نفسها صاحبة مشروع التغيير, هنالك قلق من مستقبل الأداء السياسي للمجلس الأعلى , فعليه يجب ان يثبت المجلس الأعلى لهؤلاء بأنه قادر على قيادة البلد من خلال أدائه الوطني الحالي وحرصه على وحدته وعدم الانجرار وراء مثيري الفتنة والشغب لان المرحلة الآتية حاسمة وهي مرحلة سوف ترسم مستقبل الوطن وإذا لم يكن أدائه رائعا وعلميا يكون قد خسر فرصة ذهبية.
https://telegram.me/buratha