صادق الرصافي
كان الجهاز الاموي السري بفروعه العسكرية والسياسية والاقتصادية عازما على تولي السلطة ,خصوصا بعد تولي الخليفة الثالث عثمان بن عفان امور الخلافة والحكم بحكم قرابتهم منه . وكان مروان بن الحكم ومعاوية بن ابي سفيان واولاد العاص قادة هذا المشروع الخطير الذي تحول الى امر جسيم لاحقا وكاد ان يعصف بالامة الاسلامية وينقض كل ما بناه الرسول الاعظم محمد (ص) ,حيث تسلل هذا الجهاز الخطير الى مفاصل الحكم والدولة والسيطرة على بيت المال بعد اقصاء العديد من الصحابة الامناء والاكفاء منه بعد اثارة الشكوك والطعون حول نزاهتهم ,اضافة الى اتعراضاتهم المستمرة على سلوك الخليفة واقاربه وتجاوزاته على الامور المالية للمسلمين والتصرف فيعها من دون حسيب او رقيب وهو ما لم يعتده الشارع الاسلامي الذي كان يشاهد امامه في الفترة السابقة صورا من احترام بيت مال المسلمين وعدم التجاوز عليه . لقد وضع بنو امية الاساس لانهيار حكم عثمان بن عفان والذي وجد نفسه ونتيجة لتجاوزات بني امية على بيت المال واهنتهم للصحابة لدوافع ثارية واتقامية بسبب الصراع المسلح الذي نشب ايام الدعوة الاسلامية والتني انتهت بهزيمة بني امية عبر اسرة ال سفيان التي حاولت التصدي للدعوة الاسلامية وتقويضها واتباعها لمختلف المناهج الخسيسة في محاولة اجهاض الدعوة ,بل والانتقام من اقارب الرسول محمد واصحابه واهل بيته وهو سلوك جسدته هند بنت عتبة وام معاوية بن ابي سفيان من خلال تمزيقها للجسد الطاهر لسيد الشهداء الحمزة بن عبد المطلب وقيامها باكل كبده تشفيا وانتقاما وبالرغم من المعاملة الحسنة التي حظوا بها خلال فتح مكة ورفض الرسول (ص) محاكمتهم والاقتصاص منهم رغم حقه المشروع في ذلك وتفضيله اتباع خيار العفو والتسامح ,الا ان بنو امية عملوا على استغلال الفراغ الذي ولده غياب الرسول (ص) بعد وفاته وتشكل محور قرشي جديد رافض لتولي الامام علي بن ابي طالب(ع) الخلافة وابعادها عنه بشتى الصور والوسائل الممكنة والتي تجسدت بشكل واضح بعد وفاة عمر بن الخطاب ووضعه شروطا صعبة لتولي الخليفة من بعده عبر وصيته المعروفة الى عبد الرحمن بن عوف لكي يمنحها الى عثمان ومن ثم قيام عثمان لاحقا بمنحها له ,لكن الجهاز الاموي وبعد وصول عثمان الى سدة الخلافة وجد الفرصة سانحة للعودة الى السلطة والاستئثار بها من جديد , بل وكان مروان او معاوية مهيئين من الناحية الواقعية لتسلم مقاليد السلطة بعد وفاة عثمان من خلال القوات المسلحة الضخمة التي كان يملكها معاوية في بلاد الشام والاموال الضخمة التي كان يسيطر عليها مروان عبر بيت مال المسلمين . لقد اثارت تصرفات عثمان بن عفان والجهاز الاموي السري المحيط به نقمة وغضب المسلمين من صحابة وتابعين ,اضافة الى موقف السيدة عائشة من الخليفة عثمان وخروجها الى مكة المكورمة احتجاجا على تصرفاته ,بل ودعوتها الصريحة والعلنية لقتله امام الملأ . ورغم محاولات الامام (ع) وحفاظا على مصالح المسلمين من غير غايات او دوافع شخصية او مادية او انتهازية لاصلاح العلاقة بين الخليفة والثوار الذين وصلوا الى المدينة للمطالبة باصلاح الاوضاع وعزل الولاة الذين عينهم الجهاز الاموي السري للسيطرة على الامصار الاسلامية وتعزيز نفوذهم فيها , الذين قام احدهم بشرب الخمر والصلام بالمسلمين والتقيؤ في المحراب الا ان جهوده السلمية والخيرة هذه سرعان ماكانت تفشل بسبب رغبة الجهاز الاموي السري لتقويض علاقة عثمان بالامة الاسلامية ودفع الامور نحو التازم حتى وصلت في النهاية الى تلك الصورة الماساوية التي عبر عنها الامام من خلال مشاعره الحزينة .
https://telegram.me/buratha