المقالات

الإمام علي (عليه السلام) شهادته و وصيته

1158 08:22:00 2010-08-31

الشيخ حيدر الربيعاوي

الإمام علي (عليه السلام) شهادته و وصيته==========================

1ـ قال العلامة الطبرسي:«عاش علي عليه السلام ثلاثا و ستين سنة،منها عشر سنين قبل البعثة،و كانت مدة مقامه مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بعد البعثة ثلاثا و عشرين سنة،منها ثلاث عشرة سنة بمكة قبل الهجرة في امتحان و ابتلاء متحملا عنه أكبر الأثقال،و عشر سنين بعد الهجرة بالمدينة يكافح عنه المشركين،و يقيه بنفسه عن أعدائه في الدين،حتى قبض الله تعالى نبيه إلى الجنة،و رفعه في عليين ـ صلوات الله عليه ـ و له يومئذ ثلاث و ثلاثون سنة،و أقام بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و هو ولي أمره و وصيه ثلاثين سنة،و غصب حقه منها و منع من التصرف فيه أربعا و عشرين سنة و أشهرا،و كان عليه السلام مستعملا فيها التقية و المدارة،و ولي الخلافة خمس سنين و أشهرا ممتحنا بجهاد المنافقين من النكاثين و القاسطين و المارقين كما كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ثلاث عشرة سنة من أيام نبوته ممنوعا من أحكامها خائفا و محبوسا و هاربا و مطرودا غير متمكن من جهاد الكافرين و لا مستطيع دفعا عن المؤمنين،ثم هاجر و أقام بعد الهجرة عشر سنين مجاهدا للمشركين مبتلى بالمنافقين إلى أن قبضه الله تعالى إليه....

مضى ـ صلوات الله عليه ـ ليلة الحادية و العشرين من شهر رمضان سنة أربعين من‏الهجرة قتيلا بالسيف،قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي أشقي الآخرين ـ لعنة الله عليه ـ في مسجد الكوفة،و ذلك أنه خرج عليه السلام يوقظ الناس لصلاة الصبح ليلة تسع عشرة،و كان ابن ملجم اللعين ارتصده من أول الليل لذلك،فلما مر به في المسجد و هو مستخف بأمره فماكر بإظهار النوم ثار إليه و ضربه على ام رأسه و كان مسموما،فمكث عليه السلام يوم تسعة عشر و ليلة العشرين و يومها و ليلة إحدى و عشرين إلى نحو الثلث الأول من الليل:ثم قضى نحبه ـ صلوات الله عليه ـ شهيدا و لقي ربه تعالى مختضبا لحيته بدمه مظلوما.

،و تولى الحسن و الحسين عليهما السلام غسله و تكفينه بأمره عليه السلام،و حملاه إلى الغري من نجف الكوفة و دفن هناك ليلا قبل طلوع الفجر،و دخل قبره الحسن و الحسين و محمد بنو على و عبد الله بن جعفر ـ رضى الله عنه ـ ،و عفي أثر قبره بوصية منه عليه السلام،فلم يزل قبره عليه السلام مخفيا لا يهتدى إليه في دولة بني أمية حتى دل عليه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام في دولة بني العباس (2ـ قال عليه السلام للحسن و الحسين عليهما السلام حين ضربه ابن ملجم ـ لعنه الله ـ :«أوصيكما بتقوى الله،و أن لا تبغيا الدنيا و إن بغتكما،و لا تأسفا على شى‏ء منها زوي عنكما،و قولا بالحق،و اعملا للأجر،و كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا.

أوصيكما و جميع ولدي و أهلي و من بلغه كتابي بتقوى الله،و نظم أمركم،و صلاح ذات بينكم،فإني سمعت جدكما صلى الله عليه و آله و سلم يقول:«صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام .و الله الله،في الأيتام فلا تغبوا أفواههم،و لا يضيعوا بحضرتكم،و الله الله،في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم مازال يوصى بهم حتى ظننا أنه سيورثهم.و الله الله،في القرآن لا يسبقكم بالعمل به غيركم،و الله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم،والله الله في بيت ربكم لا تخلوه ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا،و الله الله في الجهاد بأموالكم و أنفسكم و ألسنتكم في سبيل الله،و عليكم بالتواصل و التباذل،و إياكم و التدابر و التقاطع،لا تتركوا الأمر بالمعروف،و النهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم،ثم تدعون فلا يستجاب لكم.

يا بني عبد المطلب!لا الفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون«قتل أمير المؤمنين»ألا لا تقتلن بي إلا قاتلي،انظروا إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة،و لا يمثل بالرجل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول:«إياكم و المثلة و لو بالكلب العقور )

3ـ و من وصية له عليه السلام قبل موته لما ضربه ابن ملجم ـ لعنه الله ـ :وصيتي لكم أن لا تشركوا بالله شيئا،و محمد صلى الله عليه و آله و سلم فلا تضيعوا سنته،أقيموا هذين العمودين،و أوقدوا هذين المصباحين،و خلاكم ذم مالم تشردوا،أنا بالأمس صاحبكم،و اليوم عبرة لكم،و غدا مفارقكم،غفر الله لي و لكم،إن أبق فأنا ولي دمي،و إن أفن فالفناء ميعادي،و إن أعف فالعفولى قربة،و هو لكم حسنة،فاعفوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟و الله،ما فجأني من الموت وارد كرهته،و لا طالع أنكرته،و ما كنت إلا كقارب ورد،و طالب وجد،و ما عند الله خير للأبرار.

أقول:قوله عليه السلام:«و الله،ما فجأني من الموت ـ الخ»ظاهر في أن الامام ـ صلوات الله و سلامه عليه ـ كان يتطلع إلى الشهادة شوقا،و علم أن ما أخبر به الصادق الأمين صلى الله عليه و آله و سلم لا محالة يأتيه كما أن الساعة آتية لا ريب فيها،و ما لو عده مترك،و كان عليه السلام ينتظرها بفارغ الصبر،و يقول:ما ينتشر أشقاها أن يخضب هذه من دم هذا ـ على ما ذكره غير واحد من الأعلام كابن عبد البر و غيره ـ و قال أكثر من مرة:«و الله ليخضبنها من فوقها».

و أما الوقايع التى وقعت بعد شهادته عليه السلام فكثيرة جدا تحتاج إلى تأليف برأسه و لا مجال هنا لذكرها فطوينا عنها و أشرنا إلى واقعة كونية و هي ما أورده الزمخشري في«ربيع الأبرار»على ما في«تاريخ الخميس»في هجرة النبي صلى الله عليه و آله و سلم عن أم معبد،قالت :«لما توضأ صلى الله عليه و آله و سلم مج في أصل عوسجة يابسة عندنا فأينعت و أثمرت كنا نستشفى بثمارها في حياته ـ إلى ـ فأصبحت ذات شوك من اسفلها إلى أعلاها و تساقط ثمرها و ذهبت نضرتها و ما شعرنا إلا بقتل أمير المؤمنين علي ـ سلام الله عليه ـ ،فما أثمرت بعد ذلك و كنا ننتفع بورقها ثم أصبحنا و إذا بها قد نبع من ساقها دم عبيط و قد ذبل ورقها إذا أتانا خبر مقتل الحسين عليه السلام و يبست الشجرة.

عن الأصبغ بن نباتة قال:لما ضرب أمير المؤمنين عليه السلام الضربة التي كانت وفاته فيها اجتمع إليه الناس بباب القصر،و كان يراد قتل ابن ملجم لعنه الله،فخرج الحسن عليه السلام فقال:معاشر الناس إن أبى أوصاني أن أترك أمره إلى وفاته،فإن كان له الوفاة و إلا نظر هو في حقه،فانصرفوا يرحمكم الله.قال:فانصرف الناس و لم أنصرف،فخرج ثانية و قال لي:يا أصبغ أما سمعت قولي عن قول أمير المؤمنين؟قلت:بلى و لكني رأيت حاله فأحبت أن أنظر إليه فأستمع منه حديثا،فاستأذن لي رحمك الله،فدخل و لم يلبث أن خرج،فقال لي:ادخل،فدخلت فإذا أمير المؤمنين عليه السلام معصب بعصابة و قد علت صفرة وجهه على تلك‏العصابة و إذا هو يرفع فخذا و يضع أخرى من شدة الضربة و كثرة السم،فقال لي:يا أصبغ أما سمعت قول الحسن عن قولي؟قلت:بلى يا أمير المؤمنين و لكني رأيتك في حالة فأحببت النظر إليك و أن أسمع منك حديثا،فقال لي:اقعد فما أراك تسمع مني حديثا بعد يومك هذا،اعلم يا أصبغ أني أتيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عائدا كما جئت الساعة،فقال:يا أبا الحسن اخرج فناد في الناس الصلاة جامعة و اصعد المنبر و قم دون مقامي بمرقاة،و قل للناس:«ألا من عق والديه فلعنة الله عليه،ألا من أبق من مواليه فلعنة الله عليه،ألا من ظلم أجيرا أجرته فلعنة الله عليه».يا أصبغ ففعلت ما أمرني به حبيبي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فقام من أقصى المسجد رجل فقال:يا أبا الحسن تكلمت بثلاث كلمات و أوجزتهن،فاشرحهن لنا،فلم أرد جوابا حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فقلت ما كان من الرجل،قال الأصبغ :ثم أخذ عليه السلام بيدي و قال:يا أصبغ ابسط يدك،فبسطت يدي،فتناول إصبعا من أصابع يدي و قال:يا أصبغ كذا تناول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إصبعا من أصابع يدي كما تناولت إصبعا من أصابع يدك ثم قال:يا أبا الحسن ألا و إني و أنت أبوا هذه الامة فمن عقنا فلعنة الله عليه،ألا و إنى و أنت موليا هذه الامة فعلى من أبق عنا لعنة الله،ألا و إني و أنت أجيرا هذه الامة فمن ظلمنا أجرتنا فلعنة الله عليه،ثم قال آمين،فقلت:آمين .

قال الأصبغ:ثم اغمي عليه،ثم أفاق فقال لي:أقاعد أنت يا أصبغ؟قلت:نعم يا مولاى،قال:أزيدك حديثا آخر؟قلت:نعم زادك الله من مزيدات الخير،قال:يا أصبغ لقيني رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في بعض طرقات المدينة و أنا مغموم قد تبين الغم في وجهي،فقال لي:يا أبا الحسن أراك مغموما ألا احدثك بحديث لا تغتم بعده أبدا؟قلت:نعم،قال:إذا كان يوم القيامة نصب الله منبرا يعلو منابر النبيين و الشهداء،ثم يأمرني الله أصعد فوقه،ثم يأمرك الله أن تصعد دوني بمرقاة،ثم يأمر الله ملكين فيجلسان دونك بمرقاة،فإذا استقللنا على المنبر لا يبقى أحد من الأولين و الآخرين إلا حضر،فينادي الملك الذي دونك بمرقاة:معاشر الناس ألا من عرفني‏فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي،أنا رضوان خازن الجنان،ألا إن الله بمنه و كرمه و فضله و جلاله أمرني أن أدفع مفاتيح الجنة إلى محمد،و إن محمدا أمرني أن أدفعها إلى علي بن أبي طالب،فاشهدوا لي عليه،ثم يقوم ذلك الذي تحت ذلك الملك بمرقاة مناديا يسمع أهل الموقف:معاشر الناس من عرفني فقد عرفني،و من لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي:أنا مالك خازن النيران،ألا إن الله بمنه و فضله و كرمه و جلاله قد أمرني أن أدفع مفاتيح النار إلى محمد،و إن محمدا قد أمرني أن أدفعا إلى علي بن أبي طالب فاشهدوا لي عليه،فآخذ مفاتيح الجنان و النيران،ثم قال:يا علي فتأخذ بحجزتي،و أهل بيتك يأخذون بحجزتك و شيعتك يأخذون بحجزة أهل بيتك،قال:فصفقت بكلتا يدي:و إلى الجنة يا رسول الله؟قال :إي و رب الكعبة.قال الأصبغ:فلم أسمع من مولاي غير هذين الحديثين،ثم توفي صلوات الله عليه .

فسلام عليه يوم ولد و يوم استشهد و يوم يبعث حيا. ( انا لله وانأ أليه راجعون ولاحول ولاقوة الابالله العلي العظيم )

الشيخ حيدر الربيعاوي / ميسان / الميمونة

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك