المقالات

.بين الكعبة والمحراب علي حسن مآب

1069 13:19:00 2010-08-30

بقلم محمد دعيبل كاتب واعلامي

تمهيدلا يخفى على القارئ الكريم م ان الامامة تعد اصلا من اصول الدين وهي بطبيعة الحال مكملة للنبوة ذلك ان رسول الانسانية الاكرم محمد(ص) والذي هوبلا ريب الرجل القيادي الاول في الاسلام كما انه (ص)ختم الانبياء والمرسلين برسالته المباركة - وبحكم المنهج الذي اعده الله تعالى للبشرية والمتضمن ارسال الانبياء واصطفاء الاولياء ذلك لحاجة البشرية اليهم منذ ان خلق الله تعالى آدم (ع) والى قيام الساعة كونهم حلقة الوصل بين الحضرة الالهية المقدسة وبين بني البشر- فكان لطفاً منه سبحانه وتعالى ان يصطفي الائمة بعد الرسل اوصياء على الامة اذ ان الامام الرجل القيادي من بعد الرسول محمد(ص) والذي هو بالفعل خليفة الله في الارض والذي يعكس احكام السماء ليبينها للناس.وقد كان امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (ع) الامام الاول بعد النبي(ص) وخليفته ووصيه بلا ريب ،كما ذكراشارت الى ذلك كتب العامة والخاصة في تناولهم حادثة الغدير عندما رفع الرسول محمد(ص) علياً حتى بان بياض ابطيه قائلاً (من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) مشيرا(ص)الى اهليته (ع) بالخلافة بعده ،ولكن الذي حدث وللاسف هو خلاف لما أراد الرسول (ص) وهذا مما سبب تراجع الامة الإسلامية الى الخلف وضياعها وتسلط أعدائها عليها وقد اكد ذلك ابن عباس(رض) حينما قال "لو ولُوها علياً لاكلوا من فوق رؤوسهم الى تحت ارجلهم" والحديث المذكور يبين جليا مدى الانحراف المعياري لسلوك الامة وتعرضها الى البلايا والمحن التي لا زالت ومنذ ذلك العصر تتلاطم امواجها على المسلمين عامة واتباع اهل البيت(ع) خاصة كونهم ساروا على النهج الذي رسمه لهم رسول الله(ص) وخليفته من بعده ولعل ما يلاقيه الان اتباع مذهب الحق من عداء لخير دليل على ما نقول فاعداؤنا خلف لذلكم السلف يكنون العداء السافر للمذهب وأتباعه كون هذا المذهب يمثل قوة ضاربة بوجه الباطل ،وبحكم القانون الفيزياوي القائل ان لكل قوة رد مثل يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتجاه لذا توجب ان نشكل قوة تمثل الحق قبال الباطل.

ادلة احقية علي(ع) بالخلافة اولا:الدليل العقلي سر الولادةان الباحث في شخصية الامام علي (ع) يجد ان ولادة هذا الامام الهمام في الكعبة المشرفة وهو الوحيد الذي تميز بهذه الصفة كما اورده التاريخ تحقيقا لم تتاتى بواقع الصدفة - وان كنا لانؤمن بالصدفة حسب مفهومها الدارج-اذ يمكننا عزيزي القارئ ان نستنتج عدة مقدمات يتبين من خلالها قواعد عملية تنفعنا في المستوى العقائدي والفقهي وعلى مدى الحياة.1- ان ولادته(ع) في الكعبة المشرفة وفي شهر رجب الصب "شهر التحلي" دليل على ضرورة الاعتقاد بامامته (ع) من بعدالرسول الاكرم وخلافته على الامة من بعده, اذ انه لمن المعلوم ان من المكلف الذي ينحرف عن الكعبة في صلاته عمدا مؤداه بطلان صلاته ,فكذلك من ينحرف عن ولاية علي (ع) فان عمله يعد ناقصا بل انه يفتقد المقبولية ومصداق ذلك الروايات المستفيضة التي وردت عن اهل بيت العصمة(ع) وان شئت ايها القرئ الكريم فما عليك الا ان تراجع كتب التاريخ والحديث فانها غنية بذلك. 2- ان ولادته (ع) في الكعبة المشرفة اشارة الى اقتران هذه الشخصية العظيمة بالفيوضات الرحمانية الالهية لما خص اله تعالى هذا المكان المقدس بالرحمة والرضوان ووفق قاعدة المكان بالمكين فان الله تعالى خص عليا(ع)بالرحمة والضوان ينعكس ذلك على اتباعه ومن سار على نهجه المقدس.

ثانيا:دليل من السيرة المبيت على الفراش من تلكم الدروس ايضا هو القرار الالهي ببيات الامام علي (ع) في فراش الرسول (ص) فهو الذي ضرب مثالا رئعا للجندي الصادق المخلص لدعوة الإصلاح، والذي يفدي قائده بحياته، حين بات(ع) ليلة الهجرة على فراش الرسول صلى الله عليه واله وسلم، تضحية بحياته في سبيل الإبقاء على حياة الرسول الاكرم إذ كان من المحتمل أن تهوي سيوف فتيان قريش على رأسه انتقاما منه، لأنه سهل لرسول الله (ص)النجاة او لتوهم القوم انه هو، ولكن عليا (ع)لم يبال بذلك، ولم يرهبه بريق السيوف ولا أخافه لقاء الحتوف، فحسبه أن يسلم الرسول محمد (ص)نبي الأمة وقائد الدعوة.هذا البطل الهمام كان يوم الهجرة في العشرين من عمره أو حواليها وقد باهى الله به الملائكة حينما هبط جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله كما روته الخاصة والعامة في كتب الحاديث والسير . 4- في رأينا القاصر انه ثمة اشارة من الرسول (ص) الى ان عليا (ع) هو اولى من المسلمين عامة والمؤمنين خاصة بأنفسهم من بعد الرسول وهو خليفته بالنص الالهي من بعده والا لما وقع اختيار الله له دون غيره في البيات على الفراش الطاهر .4- بيان دور المرأة في جهاد الهجرة اذ لاريب انه قد كان لها الدور المميز اسوة بالرجال فقد اطلعنا التاريخ ان الرسول (ص) قد امر عليا (ع) بحمل الفاطميات ومن معهن الى المدينة بعد استتباب امر الاسلامثالثا: الدليل النقلي لقد تحدثت الكثير من الروايات عن اهلية الامام علي (ع) للخلافة من بعد الرسول فضلا عن امامته للامة بعد انتهاء فترة النبوة،وقد أكتفينا بحديث علي والحق في ايصال المعلومة واثبات المبدأ للقارئ الكريم ذلك لان المقام لايسع الاسهاب. علي امام الحق «عليٌّ مع الحق والحق مع عليّ، يدور معه حيثما دار» حديث ورد عن رسول الله (ص) وهنا نكتة لابد من التنبيه عنها وهي ان الحق بالنسبة لعلي عليه السلام بمثابة الرحى الى قطبها وان القطب هو علي بن ابي طالب (ع) وفي هذا اشارة الى ان اصل الحق والحقيقة هو علي عليه السلام وان مادونه هو الباطل وشتان بين الحق والباطل كما ان هذا الامر يدل على حقيقة الميزان الذي تمثل في أمير المؤمنين سلام الله تعالى عليه بعد الرسول وهذه الحقيقة كانت متمثلة في سُلوك الرُسل، الذين كانوا هم الموازين وفي روايتنا الكثير مما يدل على انه المقصود بالموازين والميزان هم الأنبياء والأوصياء. علي زان الخلافة مع أن امير المؤمنين(ع) قد تقلد منصب الخلافة الا ان الرأي العام آنذاك قد شحنه المخالفون مما فرض صعوبات جمة تقف امام تحركه القيادي لأصلاح الامة والتي القت جلها على غارمها واصابها الذل والخنوع حتى آن الاوان الى هدم الاساس الذي وضعه رسول الله(ص) وبذل علي(ع) جهداً جهيداً لاعادة بنائه ولكن البناء اصعب من الهدم على ما يقال فحصل ما حصل في عهده صلوات الله عليه حيث اتجه منهجه لمقاومة الفتن الداخلية التي انهار مياهها من كل حدب وصوب واضطر (ع) الى قيادة حروب داخلية لاصلاح المجتمع من الداخل ليكون هذا الامر مصداق قول الشاعر: ابدأ بنفسك فانها عن غيهافاذا انتهت فانت حكيموهكذا رسم عليه السلام هيكل الاصلاح الاجتماعي في صفوف الامة رغم كل القال والقيل حتى ضحى(ع) بنفسه فداء لدين الله حيث لا تأخذه في الله لومة لائم وفي اطهر بقعة في العالم وهو يقيم صلاته التي تعكس صلاته مع الله عز وجل ليكون مثلاً رائعاً للتضحية والفداء كي يسير على نهجه المقدس كل من يتطلع للحرية ويسير خلف راية الحق لمجابهة الباطل كونه(ع) هو قطب الرحى الذي يدور حوله الحق حيث دار واللهم ادر الحق معه حيث دار كما ورد في حديث الرسول(ص). ومن هنا فلنا الحق ان نقول ان عليا عليه السلام قد زين دست الخلافة مع عدم احتياجه اليها ولعل اقوى دليل على اهليته بذلك هو احتياج الكل اليه واستغناؤه عن الكل. كما ان المرجو من المجتمع الاسلامي خاصة والانساني عامة أن يجهد نفسه ليسلك سبيل الله تعالى مستمداً كل القيم من قائد الغر المحجلين وسيد البلغاء والمتكلمين امير المؤمنين(ع) الامام علي(ع). سر الشهادة كما بينا في بداية الكلام من ولادة الامام علي (ع) في الكعبة عدت سرا من اسرار الخليقة فان شهادته في "شهر التجلي" وهو شهر رمضان الكريم وفي بيت الله ايضاوفي محراب الصلاة تعد هي الاخرى سرا من اسرار الله تعالى نستلم منه الدروس والعبروقد أوجزت مراد ذلك في المحاور التالية 1- ان شهادته (ع) وهو يصلي لدليل واضح على اقتران هذه الشخصية بالصلاة التي عدها الاسلام عمود الدين فان قبلت قبل ماسواها وان ردت رد ماسواها وعلي (ع) يمثل عمود الصلاة واصلا من اصول الدين التي تتقدم على فروعه ولاريب ان الصلاة فرع والامامة اصل.2- كما ان شهادته (ع) وهو يصلي في المحراب تعلمنا درسا اخر مفاده ان المرء المسلم يجب عليه ان يهتدى الى نور الصلاة وان يجمع بين فرض الجهاد عن الاسلام سواء في وسيلة الهجوم ام الدفاع كما ان على المرء ايضا ان يجاهد نفسه عن الوقوع في الهلكات والمعاصي ولنا بامير المؤمنين (ع) خير اسوة وكما ان جهاد النفس اعظم الجهاد.3- ان ولادته (ع) في بيت الله تعالى وشهادته في بيت الله ايضا يعكس لنا صورة تبين لنا معالم حياة هذه الشخصية العظيمة التي اعطت لله تعالى كل ماتملك فداء للدين الاسلامي القويم واصلاحا للامة من ان تضل ، كيف لايكون كذلك وهو امام العترة التي جعلها رسول الله (ص) عدلا للقران الكريم " اني مودع فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ماان تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي ابدا" فكان (ع) بحق حسن الماب بين الكعبة والمحراب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك