بقلم : رياض البغدادي
لا يخفى على القارئ الكريم ، أن واحدة من أهم أسس الثقافة الديمقراطية في المجتمعات التي تتمتع بحيز من الحرية السياسية هي " المعارضة " والإعلام المعارض .والمعارضة في الدول المتحضرة مصطلح يراد منه تلك القوى السياسية التي لم تستطع إقناع الأمة على قبول برامجها الانتخابية ، بالتالي لم تتمكن من حجز مقاعد لها في البرلمان أو أنها حصدت عدد من مقاعد المجلس النيابي لكن ليس بالعدد الذي يُمكِنُها من تشكيل حكومة لإدارة البلد ، فتجبر عند إذ على ممارس دور المعارضة لبرامج الحكومة وطروحاتها وتبذل قصار جهدها على إظهار عيوب البرنامج الحكومي وتتصدى له بإيقاف عجلة القرارات التي تمكن الحكومة من تنفيذ برنامجها ( محل الخلاف ) والتي تمرر عادة من خلال المجلس النيابي لتكتسب الصفة القانونية من اجل تنفيذها .للمعارضة في الدول المتحضرة أقلام مؤيدة لنهجها وأسلوبها في مواجهة الحكومة ، لكن ليس بالضرورة أن تكون تلك الأقلام جزء من تنظيماتها السياسية ، وإنما تلتقي رؤى بعض الكتاب والإعلاميين مع طروحات المعارضة في ذلك الوقت ، فتنبري الأقلام لإسقاط الحكومة أو على الأقل إيقاف توجهاتها في السياسة والإدارة أو إجبارها على تغيير طريقتها في العمل من اجل الصالح العام .هذا بحد ذاته عمل مشروع وهو جزء من الأعراف الديمقراطية السائدة في العالم شرط أن لا يسلك القلم المعارض أساليب مخالفة كالتشهير والسب والكذب والتدخل في القضايا الشخصية التي حفظ حرمتها القانون في ذلك البلد وكذلك الابتعاد قدر الامكان عن إفشاء أسرار المؤسسات الأمنية والعسكرية أو تناول خططها إعلاميا لتجنب تعريض المصالح العليا للبلد إلى الأخطار .الإطار العام للمعارضة في عملها الجماهيري هو تبني المعضلات والمشاكل التي يعاني منها الشعب وإظهار عيوب البرنامج الحكومي كجزء من عملها لتقويض شعبية الحكومة وكسب رضا الشارع وإقناعه مجددا إلى نجاعة حلولها وبرامجها السياسية والاقتصادية .ولأجل أن نستقرأ رأي الأمة في أي دولة من دول العالم لا يمكن لنا الحصول على حقيقة التوجه الجماهيري من خلال أقلام السلطة والمتفاعلين مع برامجها وشخوصها ايجابيا فقط بل الصحيح هو الإصغاء أيضا إلى ما يكتبه المعارض من الأقلام بعد مقارنتها بالأرقام والوثائق التي تصدرها الحكومة نفسها والتأكد عمليا بمقارنة الإنجازات المعلنة مع ما هو موجود على الأرض لتلافي التشويه الذي تتعمده بعض الأقلام كجزء من تصرفات النفس الإنسانية التي تأخذها ( العزة بالإثم ) أو بدافع تأمين المصالح الشخصية الضيقة أو غيرها من الدوافع التي لا يمكن التنبأ بها .قطعا المتطلبات التي يراد من الحكومة إنجازها تحتاج إلى ميزانية تكون قادرة على تحقيق الطموحات المشروعة للمواطن التي من الواجب على الحكومة تحقيقها ، ولأجل أن يكون القلم المعارض منصف ودقيق لابد من دراسة الميزانية التي منحت للحكومة ليتمكن من مقابلتها مع ما تحقق على الأرض .هنا لابد من القلم المعارض أن يتقصى الحقائق ويبحث تفاصيل العمل الحكومي ، والقلم الناجح هو ذلك الذي يوظف المعلومة المؤكدة لدعم معارضته وتحفيز الأمة على رفض الحكومة التي فشلت في تحقيق طموحاته في العيش الكريم . نظرة سريعة على الواقع السياسية والإعلامي في العراق تظهر لنا حقيقة الضعف والهزال الذي يعانيه القلم الإعلامي المعارض لكننا لانقطع أبدا بغيابه عن تجربتنا الديمقراطية الناشئة .ترى مسؤولية من ... إنشاء قاعدة إعلامية معارضة و مستقلة توجه الشارع بأمانه وإنصاف ؟
https://telegram.me/buratha