المقالات

أبدية التَشيُّع وتهافت الاحزاب

1002 14:45:00 2010-08-27

د.طالب الصراف

أبدية التَشيُّع وتهافت الاحزاب

ان البعض يفسر مصطلح (التشيع) الذي يستخدمه اكثر الناس عن قصد او دون قصد بانه تطبيقات الامام علي بن ابي طالب (ع) للاسلام, لذا فان علاقة التشيع بالاسلام كعلاقة الخاص بالعام فهما متلازمان كملازمة الامام علي نفسه بأبن عمه نبي الامة محمد (ص) الذي قال عنه:"انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لانبي من بعدي". ونكتفي بهذا التلميح عن مفهوم التشيع لمن لديه العلم والمعرفة التأريخية بسياقات هذا الموضوع وبالاحاديث المتواترة عن العلاقة بينهما, لاننا نريد ان نولج في موضوع سياسي يتماشى وعنوان هذه المقالة التي تحاول ان تلفت انتباه القارئ على ان الاحزاب الحديثة في العراق منذ الخمسينيات والى يومنا هذا لم تواجه في مسيرتها الا الفشل والانحسار والانشطار والذبول ثم التلاشي والنسيان؛ فالذي يتذكر بعض اسماء الاحزاب العراقية التي ظهرت بوضوح في الخمسينيات كالحزب الشيوعي وحزب الامة وحزب البعث والقوميون العرب والديمقراطي والتقدمي وقبلها حزب الاستقلال واخوان المسلمين ثم جاء بعدها حزب الدعوة الاسلامية والحزب الاسلامي بزعامة محسن عبد الحميد ثم بزعامة طارق الهاشمي الموظف الصدامي ثم بزعامة السامرائي وكذلك الاحزاب الكردية لم تسلم من هذه الظاهرة. والجدير بالملاحظة ان هذه الاحزاب تقل وتنقص عددا في فترة ما وتكثر وتزداد في فترة اخرى, الا ان هذا الكم من الاحزاب القديمة وقياداتها المتغيرة لا قياس به من حيث العدد والنوعية بما انتجته المعامل الامريكية وبدفع اموال سعودية ومخابرات صهيونية من احزاب وكتل بعد بركان 2003 الذي اصبحت فيه -ومع الاسف- اكثر هذه الاحزاب والكتل والمؤسسات عبارة عن محلات او دوائر موظفين تستلم رواتبها ومخصصاتها (محصصاتها) من دولة الاحتلال والسعودية الصهيونية. ولهذا السبب يمكن القول ان هذه الاحزاب وقياداتها اصبحت واهية وفي طريقها للانحلال والزوال لان لها وظيفة وقتية وآنية كوظيفة حزب البعث الصدامي فبعد ان نفّذ صدام وحزبه ما ارادت منه المخابرات الامريكية الصهيونية من اوامر اطيح به لتبديله بوجه اخر كما هو الحال بالنسبة لمستقبل اغلب الاحزاب العراقية الحالية التي تريد السير بنفس الاتجاه الصدامي. اما التشيع بقيادته الدينية المتمثلة في المرجعية التي عانت ما عانته من ويلات وقتل وتشريد منذ العهد الاموي الى يومنا هذا ,وقفت صامدة بوجه كل هذه الرياح العاتية والبراكين المتفجرة اكثر من الف سنة باقية شامخة لن نراها يوما تعاونت مع الحكام الاشرار ولم تشاركهم بسلطاتهم وانما العكس فانها تدافع عن المصالح العامة ولم ولن ترضى بظلم الحكام حتى لو كلفها موقفها هذا التضحية بخيرة زعمائها وذلك التزاما بمقولة الامام علي بن ابي طالب (ع):" الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم وعلى كل داخل في باطل اثمان اثم العمل به واثم الرضى به". اما الاحزاب سواء كانت علمانية او اسلامية فاننا نراها تتلاهث على السلطة والمكاسب الوقتيه وان زعامات تلك الاحزاب تختفي وتضمحل مجرد ابعادها عن المنصب الحكومي او من قيادة الحزب, اما المرجعية الدينية فلا تتأثر بمثل هذه التقلبات فلا يهمها ولا تزعزعها الرياح سواء كانت اثناء دولة اموية اوعباسية, عثمانية,انكليزية, صدامية, امريكية...فقد كان الخليفة بحاجة مساندتها وكذلك الملك والرئيس والمحتل مهما بلغوا من عتو وجبروت وستبقى المرجعية ويفنى نزيك وشهاب. لقد عجز الحلف الثلاثي الصهيوني الامريكي السعودي واتباعه الذين يدورون في فلكه من ان ينالوا من تشيع الامام علي بن ابي طالب (ع) ومن ينضوي تحته باخلاص, ولايزال التشيع صامدا امام كل المؤامرات بل ان الحكام في حاجة الى اخذ اراء قادته في مشاكل الحكم منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب الى عصرنا هذا فاذا كان الخليفة عمر بن الخطاب يستشير الامام علي (ع) في كثير من الامور كما جاء عنه:" اعوذ بالله من معضلة ليست لها ابو الحسنين".فاننا اليوم نسمع ان الرئيس الامريكي ينشد الاستشارة من الامام السيستاني لحل معضلة تشكيل الحكومة العراقية وقد اشارت وسائل الاعلام الى هذه الرسالة من الرئيس الامريكي اوباما الى امام الامة اية الله العظمى الامام السيستاني حفظه الله وابقاه ذخرا للاسلام والمسلمين, وقد جاء هذا الخبر في اهم صحيفة امريكية تسمى: الاخبار الخارجية ( (Foreign News وقد اشار الكاتب والخبير بالشؤون العراقية دانيل سيرور Daniel Serwer الذي يعمل في المعهد الامريكي للسلام : "بان السيد السيستاني لم يجتمع باي شخصية امريكية حكومية".وان الادارة الامريكية والانكليزية تعرفان مدى الحب والاحترام والطاعة الفطرية للمرجعية الدينية من قبل الشعب العراقي, والا لو كانت الادارة الامريكية ومؤسساتها التجسسية والحلف الصهيوني السعودي قادرة على حل ازمة العراق لما التجأ رئيس اقوى دولة في العالم عسكريا الى رجل لايملك حتى العصا ليدافع بها عن نفسه ولا يملك من المال سواء مخصصاته الشهرية التي لاتتجاوز مخصصات احد تلاميذ دراسات الحوزوية العلمية التي تدفع لهم من الحقوق التي تصل الى الامام السيستاني نفسه, ولا نريد ان نسهب بالحديث عن زهد وتقشف الامام السيستاني وبقية قادة المرجعية العليا في الاكل والشرب والملبس والمسكن في الوقت الذي يستلمون الحقوق التي يمكن ان ترفع بحياتهم المعيشية اليومية الى مستوى طبقات اثرياء العالم ولكن واقعهم المعاشي يقول: كالعيس في البداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمولفالذي يريد ان يتصدى لقيادة التشيع سياسيا عليه ان يحذو حذو قيادته المسؤولة عن قيادة التشيع عقيدة وعلما ومعرفة وعرفاناً وطريقا, وليس كالتزام القيادة الحزبية الضيقة المستغلة التي تعمل ليل نهار من اجل مصلحة فئة محدودة ارتفع مستوى معيشتها الى اعلى من مستوى قادة الاحتلال, بينما يعيش شعبها كما يقول رئيس الوزراء السابق اياد علاوي على شاشة تلفزيون العراقية:" بان ثلث الشعب العراق يعيش تحت خط الفقر", والجدير بالذكر ان السيد اياد علاوي نفسه قد تغيرت حياته المادية وثرواته الشخصية الى 180 درجة, وقد كانت سرقة العصر اثناء عهده كرئيس للوزراء وبتنفيذ وزير الداخلية السابق حازم الشعلان الشيعي (لفظا) ثم تلتها سرقة ايهم السامرائي السني (لفظا) بفترته ايضا ويدّعيان بان اياد علاوي شريكا معهما واما السيد المالكي فقد كان الاجدر به ان لا يدافع احيانا عن الوزراء الفاسدين والذين طاردتهم لعنة الله والشعب العراقي.

فاين الثرى من الثريا وكيف تقاس مرجعيتنا الدينية التي تقوى الله طريقها ومفتاح سدادها وذخيرة معادها وعتق لها من كل رق الشهوات والاهواء بمرجعيات سياسية لانعرف كيف تسلق البعض منها للسلطة الا بفلتات القدر وضلوع المخابرات الاجنبية والسعودية التي تدفع المليارات لهذا وذاك لارباك الحياة السياسية التي يعيشها محبي ال بيت النبي(ص) بعد الاطاحة بنظام صدام الدكتاتوري ببحبوحة من الحرية والاطمئنان والتخلص من معاناة الهجرة والتهجير والتعذيب والقتل. واذا كانت المناصب السياسية السيادية بعد الاطاحة بالدكتاتورية قد حصصت الى ثلاث مكونات وكان منصب رئيس الوزراء قد خُصص للاكثرية الساحقة المسحوقة(الشيعة) حسب نظرية المحاصصة فان الكثير من ابناء الشعب العراقي يرون ان هنالك المئات من ابناء الاكثرية اكثر كفاءة من غيرهم واصدق احيانا من غيرهم في تسنم وتحمل مسؤولية هذا المنصب وفي ادارة دفة الحكم لما لديهم من مؤهلات علمية وادارية وحب لعراق امام المتقين علي بن ابي طالب (ع) ومرجعية شعبه الدينية, هذه المرجعية التي فضلها الله على الاخرين بالعلم والمعرفة والعدل والحلم والتقوى, والتي لاترى بجمع المال سعادتها كما هو عند القيادات السياسية علمانية كانت ام دينية, ولكن المرجعية ترى السعادة هي تقوى الله وللاتقى مزيد وليس للذين اصبحوا اكثر مالا او الاعلى موقعا حكوميا. هكذا رأى الشعب العراقي قيادته الدينية التي تعيش بالكفاف والتضحية في سبيل المسلمين والانسانية. ومتى نرى قيادتنا السياسية تسير على نهج قيادتها الدينية المتمثلة بالمرجعية فسوف تنال كل التأييد من جميع قطاعات الشعب العراقي. ان المشاعر الحقيقية للمسلم الشيعي يجب ان تكن واحدة اتجاه المسلمين الحقيقين اينما كانوا, ولاتفرق بينهم القوميات الشوفينية والانتماءات الحزبية والعصبية القبلية التي حاربها الاسلام وتحمل اعباء اوزار محاربتها منذ باكورته. فيجب ان تكن مشاعرنا اتجاه ما يلاقيه المسلمون وغيرهم من ابناء الانسانية من ظلم وجور واحدة في جميع انحاء العالم وبنفس المشاعر التي يحس بها العراقي اتجاه مظلومية ابناء العراق وكذلك نفس الاحساس اتجاه المسلمين الذين التزموا طريق الامام علي بن ابي طالب في تطبيقاته لفقه الشريعة الاسلامية التي قال عنها النبي محمد (ص) حسب ما اورده الطبراني في الاوسط والصغير عن ام سلمة قالت:سمعت النبي عليه الصلات والسلام يقول: "علي مع القرآن والقرآن مع علي لايفترقان حتى يردا علي الحوض." وكذلك مارواه الترمذي والحاكم والطبراني اذ قال النبي (ص):" انا مدينة العلم وعلي بابها." فالالتزام بفقه الامام علي وتطبيقاته هو السبيل لحل مشاكل الامة في الوقت الحاضر, فالذين يطالبون بحقوقهم اليوم في بلاد اليمن قلوبنا معهم وكذلك الحال بالنسبة للذين يسيرون على نهج الامام علي (ع) في جنوب لبنان وايران والسعودية ومصر والمغرب العربي وافريقيا والهند والباكستان واينما وجدوا وكذلك قلوبنا وتأيدنا للدول التي تقوم بتطبيقاته كايران والمرجعية العليا في النجف الاشرف لان هؤلاء يدافعون عن الاسلام الحقيقي الانساني البعيد عن التطرف والتكفير لأنه دين الانسانية والمحبة الذي حث عليه امام المتقين علي (ع) قائلا:"الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق." ان الحاجة اليوم الى حاكم يتمسك بالفكر والاسلوب الذي انتهجه الامام علي (ع) في الحكم والعدل والمساواة بين الناس على اختلاف اجناسهم ومشاربهم تتطلب منا ان نتفهم هذه الشخصية التي اغتيلت من قبل الخوارج الذين لايزالون الى يومنا هذا يكفرون ويغتالون اتباع ال بيت النبي محمد (ص) والذين تدعمهم العائلة السعودية الوهابية الصهيونية. وقد لفتت انتباهي هنا بعض الشخصيات العربية ومن بينهم الامير الحسن بن طلال في كلمة القاها في احدى قاعات البرلمان البريطاني ذكر فيها هذا المعنى: بان الخوارج قتلوا جده الامام علي بن ابي طالب (ع). وحين تقربت ودنيت منه على المنصة التي يلقي منها كلمته اخذ بيدي ورفعها الى الاعلى قائلا اهلا بك يابن العم امام اعضاء من البرمان البريطاني وكان احد قادة الحزب اللبرالي الديمقراطي البريطاني السابقين موجودا. ذكرت هذا في السياق لاقول ان الحكام العرب ومن حام حولهم يخافون النطق حتى بأسم الامام علي بن ابي طالب (ع) الا ما ندر لان هذا الاسم يهدد العروش الدكتاتورية الخاوية وان الاغلب الاعم من المسلمين سواء كانوا شيعة ام سنة لم يتفهموا ويدرسوا شخصية هذا الامام بعكس ما ذهب اليه الكثير من الاكاديميين والمثقفيين والصحفيين الاجانب الذين درسوا التأريخ الاسلامي اوالذين زاروا العراق من خبراء وصحفيين.

وهنا لابد من الاشارة الى دراسة حديثة تتعلق بالوضع السياسي والاجتماعي والديني العراقي تحت عنوان "تمزق النسيج الشيعي في العراق"او "تجزؤ شيعة العراق فيما بينهم"قام بها مركز التقدم الامريكي (Center for American Progress) المدعوم من احد اثرياء امريكا جورج سوروس ونشرت هذه الدراسة في الشهر الاول من سنة 2009 علما بان هذا المركز يهتم بالتطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الامريكي حيث اشار بعنوانه الثانوي الى "التوتر والتأزم ما بين الاكثرية العراقية العربية الشيعية" موضحا:" ان الامريكان اصبحت لديهم صورة واضحة عن مجاميع السنة العرب اكثر مما كانوا يعرفونه عنهم قبل 2003, وقد اعطى الامريكان اهتماما كبيرا الى ذلك مما سبب الهدوء والاستقرار في المناطق السنية, الا انه بالمقارنة مع ذلك فان الامريكيين لم يعيروا ولن يعطوا الا قليلا من الاهمية للشيعة العرب الذين يشكلون اكثر من 60% من مجموع الشعب العراقي." وهنا اشار المركز الامريكي بهذه النسبة الى الشيعة العراقيين (العرب) دون الشيعة العراقيين الاكراد والتركمان وبعض القوميات والمكونات الشيعية الاخرى من اصول ايرانية والشبك ومئات الالاف من جنسيات اخرى هندية وباكستانية ومن الدول الاسلامية المحاذية لروسيا وكذلك من العناصر الصينية وغيرها. مما جعل نسبة الشيعة في عموم العراق اكثر من 72%.ان سبب تمزيق هذا النسيج الشيعي اليوم في العراق هو سلوك بعض افراد قيادته السياسية وهذه الظاهرة ليست بالغريبة عن تأريخ التشيع فمنذ فجر الاسلام وتشيع الامام علي (ع) يعاني من التآمرعليه واحيانا من الذين يحسبون عليه كما فعل الخوارج اثناء معركة صفين مما ادى هذا التآمر الى اغتيال الامام من قبل الخارجين عليه, وكذلك الحال بالنسبة للامام الحسين في الكوفة بعد ما عاناه مسلم بن عقيل من ملاحقة ادت الى استشهاده فكانت بعدها واقعة ومآساة كربلاء التي بقت وصمة عار بوجه العرب الى يوم القيامة. وهنا لابد لنا من الاشارة الى ان الكثير من الحركات والانتفاضات الشيعية اشترك في وئدها وتخاذلها المال السحت منذ ميزانية دولة معاوية بن ابي سفيان التي خصصت الى قمع الشيعة اينما وجدوا في ذلك الوقت الى ميزانية العائلة السعودية التي اشترت فيها اليوم ضمائر الكثير من الشيعة والسنة للتآمر على عقيدة ومبادئ الاسلام. ان الكثير من هذه الحركات والانتفاضات كانت ضحية لخيانة وطموح قياداتها التي تسعى لكسب المال الحرام وحب عظمة سطوة الحكم التي انغرست في نفوسها كما نشاهده اليوم . ففي الوقت الذي اصبح فيه الحكم والقطع على القائمة العراقية بانها تتألف من تركيبة سعودية وهابية بصبغة علمانية فأن هنالك (البعض) من اعضاء القوائم الاخرى لاتختلف ارتباطاتهم عن ارتباطات القائمة العراقية, فاصبحوا السبب الاهم في هذا التمزق للنسيج الشيعي الذي هو نسيج المجتمع العراقي. ان الكثير من هذه الكتل والاحزاب العراقية قد امتدت لها ارجل الاخطبوط الصهيوني الوهابي السعودي بقيادة المخابرات الاجنبية للعبث وزرع الفرقة بين صفوفها وتنظيماتها. وان هنالك مجموعة بين صفوف تلك الاحزاب بل حتى بين صفوف الرئاسات الثلاثة رغم قلة عددها الا انها تلعب دورا خسيسا في تفكك وهدم البنية الشيعية نتيجة لارتباطاتها بنفس المثلث الذي ترتبط به العراقية والذي اطلقنا عليه سابقا بمثلث الموت الذي يتكون من المحافظين الجدد والصهاينة وحكومة العائلة السعودية الوهابية.

والمراقب يستطيع الجزم اعتمادا على التقارير الامريكية نفسها التي دعمت القائمة العراقية قبل اكثر من سنة حين اشارت الى أن الانتخابات البرلمانية العراقية سوف لاتخلو من تزييف بأن تلك التقارير الامريكية اصبحت توقعاتها حقيقة. وكذلك ذكرت دراسة المعهد الامريكي المذكور اعلاه :"على الزعماء العراقيين ان يحلوا مشاكلهم بانفسهم رغم اننا نرى ان الانتخابات القادمة -يعني انتخابات اذار لهذه السنة سوف لا تخلو من تزييف." وهذا يدل على ان مثلث الموت قد خطط وبذل المليارات للتدخل في مستقبل الانتخابات العراقية وجعلها متقدمة على غيرها من الاحداث العالمية الحالية من حيث الاهمية بين اهدافه وطموحاته الستراتيجية في العالم.ان المراقب لاوضاع العراق سواء كان اكاديميا او محللا سياسيا او خبيرا بشؤون العراق لايستغرب عما جرى في العراق منذ سقوط الدولة العثمانية أي عندما (حاول) العراق ان يصبح مستقلا ديمقراطيا ولكن دون جدوى لان الاقلية السياسية اخذت تتلون وتتساوم حتى على المبادئ في سبيل الاستحواذ على السلطة منذ مساومة عبد الرحمان النقيب مع الانكليز بعد ان تخلى عن بيعته مع العثمانيين ليتحالف مع الانكليز في سبيل ان يصبح رئيسا للوزراء تحت ادارتهم وخدمتهم ومن يقرأ التأريخ سوف يرى ان الاقلية السياسية مستعدة للتنازل عن اقدس المقدسات في سبيل القبض على زمام الحكم. وما الفرق بين عبد الرحمان النقيب ومن جاء بعده امثال نور السعيد وعبد السلام عارف وصدام حسين وطارق الهاشمي والضاري فكل على استعداد للتنازل عن مقدساته من اجل الاثرة بالحكم. ومن هنا نقول ان التفكير ببناء الديمقراطية في العراق اصبح صعبا ما لم تكن هنالك ارادة شعبية حقيقية, لان الوعود الامريكية غير حقيقية ما زالت ربيبتها السعودية الوهابية, فالوهابية والديمقراطية هما نقيضان وليس متضادان والنقيضان لايجتمعان الا بين الوهابيين والامريكان. لقد نادت امريكا ببناء الديمقراطية في العراق ولكن ما مدى مصداقية وحقيقة هذا النداء؟ والحقيقة ان الشعب العراقي استجاب لنداء وصرخة الديمقراطية التي كان يحلم بها منذ مئات السنين كبقية الشعوب التي تؤمن بها وتمارس تطبيقاتها وتستلذ بحلاوتها. وفي عام 2003 وقف الشعب مع الذين يدعون بانهم سوف يبنون الديمقراطية بالعراق وترك النظام الدكتاتوري الصدامي الطائفي تحت ضربات المحتل للاطاحة به, كل ذلك في سبيل ان ينال الشعب العراقي متنفسا من الحرية والعيش تحت نظام ديمقراطي. الا ان هذه الاحلام سرعان ما تبددت يوما بعد يوم لان الديمقراطية التي يؤمن بها الرئيس الامريكي السابق(جورج بوش الابن) هي ليست الديمقراطية التي يؤمن بها الشعب العراقي وانما هي تختلف منذ اليوم الاول الذي اطيح بدكتاتورية الرعب الصدامي, وذلك لان المحتل يريد فرض ديمقراطية الفئة والهيئة التي تأتي من مجموعة عميلة منتقاة من قبله, وبذلك تختار الادارة الامريكية اعضاء الحكومة العراقية التي تريد امريكا تعيينها وفرضها على الشعب العراقي لتكن حكومة موالية للمصالح والاوامر الامريكية. لذالك سخرت وسائل الاعلام الامريكية الموالية للاحتلال كل طاقاتها وباستخدام حرب نفسية سايكولوجية قوامها الترهيب والترغيب وبث الرعب واستخدام عامل الزمن في تأخير تشكيل الحكومة حيث مضت 6 ست سنوات على فترة حكم الرئيس بوش واكثر من 150 الف جندي امريكي ومرتزق يرتعون في ارض العراق بالاضافة الى اكثر من هذا العدد ممن يعملون تحت الشركات الامنية والاعمال التجارية الامريكية, فلماذا تسرع الحكومة الامريكية السابقة (حكومة جورج بوش) بمساعدة تشكيل حكومة عراقية ديمقراطية سوف توقف ابتزاز دولة الاحتلال لثروات ابناء الشعب العراقي. فاذن كان احد اهداف الغزو الامريكي للعراق هو تشغيل مئات الالاف من الامريكيين في داخل العراق او في امريكا خلال الشركات الامريكية التي لها علاقة بالسوق العراقية, هذا من جهة ومن جهة اخرى هو هيمنة واستيلاء اثرياء الشركات الامريكية على موارد الطاقة العراقية ومنابع النفط العراقية لدعم وتحريك الاقتصاد الامريكي, ومن هنا فان اخر ما يفكر فيه جورج بوش هو بناء الديمقراطية المباشرة او الدستورية في العراق. والجدير بالذكر ان الانظمة الديمقراطية التي تعيشها الشعوب المتطورة هي انظمة (حكومة الشعب) أي بمعنى ان الحكومة تعتمد في نشاطاتها وسياستها على ارادة الشعب ومتطلباته, الا ان امريكا في العراق ودول الشرق الاوسط لاتعتمد هذه المعادلة وانما اهم ما تفكر به هي مصالحها الاقتصادية وخاصة مصادرالطاقة والنفط , وفي هذه الحالة لم تفكر امريكا بالرجوع الى شعبها في اخذ القرارات الحاسمة في مصير الشعب الامريكي, ومن هنا نرى ان النخبة في الحكومة الامريكية ترى نفسها هي صاحبة الحق في اتخاذ القرارات الحاسمة دون الرجوع الى الشعب الامريكي بل انها تخفي الكثير من اعمالها وقرارتها وبواعثها عنه. فهل يطلق على هذا النوع من الحكومة التي لاتهتم برأي شعبها بالحكومة الديمقراطية؟ والاكثر من هذا ان هنالك القسم الاداري التنفيذي الخاص بشؤون الطاقة في الادارة الامريكية يعمل ما يشاء ولا توجد قوة تعترض عليه حتى لوكانت من الكونكرس الامريكي نفسه. لذا فان الحكومة العراقية التي عينتها الادارة (النخبوية)الامريكية سابقا او ما تسعى الى تعيينها الان هي ليس بالحكومة الديمقراطية التي ينشدها الشعب العراقي, ومن هنا لايوجد سبب بان نفترض ان هنالك حكومة عراقية ديمقراطية مازالت هذه الحكومة يفرضها مثلث الادارة الامريكية الصهيوني والسعودية الوهابية الارهابية على ارادة الشعب العراقي, واصبح طبيعيا اذاً ان الشعب العراقي يبتعد عن مثل هذه الحكومات ولن يتعاون معها ولكن حين تظهرعلى الساحة العراقية حكومة بعيدة عن هذا المثلث المتآمر على مصلحة الشعب العراقي فسوف يعاضد الشعب ويتضامن مع حكومته وقيادتها التي ترى نفسها حكومة الشعب.

ان الشعب الامريكي هو نفسه لم يكن يصنع قراراته في المفاصل المهمة من سياسة حكومة امريكا كما عملت الادارة الامريكية في غزوها لفيتنام ودول جنوب امريكا وافغانستان والعراق وفي مناطق اخرى من العالم. فالحكومة من هذا النوع التي تعتمد على عدم الوضوح والشفافية امام شعبها يصبح فيها الفساد قائما في كل حدب وصوب, لانها بنيت بواسطة شخصيات هي نفسها غير ديمقراطية, وانما دفعتها مصالحها المادية التي كرستها مجموعة نائب الرئيس الامريكي السابق دك جيني, ويستمر بها الآن في عهد حكم الحزب الديمقراطي النائب الحالي الصهيوني -وهو يفتخر بهذه الصفة علنا- جوزيف بايدن, وذلك بتدخلاته السافرة في تشكيل الحكومة العراقية بمحاولات يراد فيها ان تحول الغلبة للاقلية العراقية لكي يحق لها الهيمنة على الاكثرية لتستلم دفة الحكم, كل ذلك في سبيل ارباك الشعب العراقي وجعله يعيش ازمة فوضوية لاحل لها, ولكي تبقى الاوضاع في العراق متفجرة من فترة الى اخرى بغياب الديمقراطية الحقيقية, وهذا ما تريده وتخطط له بعض هيئات الادارة الامريكية الخاصة بالشأن العراقي مستخدمة الجاسوسية الصهيونية في المنطقة واموال العائلة السعودية الوهابية من اجل تحقيق المصالح الاقتصادية والستراتيجية الامريكية في العراق وما حوله.

فعلى ابناء الشعب العراقي ممن يشاركون في مسؤولية ادارة الحكومة العراقية الوطنية توحيد صفوفهم وخاصة قادة ائتلاف دولة القانون والآئتلاف الوطني اللذان هما اليوم امام امتحان عسير من قبل الاكثرية العراقية التي تنتظرمنهم توحيد صف الشعب العراقي ساعة بعد ساعة لتفويت الفرصة على المتربصين بالعراق شرا, وسوف لن تغفر ارادة المخلصين من الشعب العراقي لمن يشق الصف باموال سعودية ولا لمن يحب الأستئثار بالسلطة من أي حزب او تنظيم كان. وعليهم ان يحافظوا على الامانة التي اوكلتها لهم الاكثرية من الشعب العراقي, وان لاتشرف وتدني نفوسهم على طمع, وليبتعدوا عن الخيانة وان يكونوا اوفياء لأئمة مراجعهم العظام , وان يستنيروا باراء المرجعية الدينية في النجف الاشرف التي تمتد خبرتها العلمية والدينية والسياسية الى اكثر من 1000 الف سنة, فهي اكثر المؤسسات المحلية والعالمية قدرة وخبرة للاستشارة بالشأن العراقي واقرب من اية كتلة او حزب لقلوب الناس, فلا تستبدوا برأيكم يا قادة العراق السياسيين ومن استبد برأيه هلك ومن شاور الرجال شاركها في عقولها, والشعب العراقي اليوم ينتظر من قيادته السياسية ان تبعث الفرحة في قلوب ابناء العراق الشرفاء وذلك باعلان توحيد صفها لتنجح في تحقيق مبادئها والا سوف تلاحقها لعنة الله والشعب, وسوف ستكون بتوحيد صفها وفية لابناء العراق عراق علي بن ابي طالب الذي اختار العراق بلدا له والكوفة عاصمة للاسلام والمسلمين اثناء خلافته واصبح العراق بعد ذلك يضم معظم مراقد ال بيت رسول الله (ص) لتكون اوتادا لهذا البلد لتحميه من شرور الاعداء الاشرار. وقد اوصى وحذر امام المتقين علي بن ابي طالب (ع) من عدم الاستئثار بالحكم والتطاول وقلة الانصاف وطالب بالعدالة بين ابناء المجتمع والابتعاد عن الخلافات لانها تهدم الرأي, وكذلك حذر هذا الامام العظيم الولاة والحكام والقضاة اثناء خلافته وما بعدها بأن يكونوا اوفياء للاسلام ومبادئ ال بيت النبي محمد (ص) وفي معاملة الناس والمصالح العليا لهم وان تكون طريقة قيادتهم السياسية والتنفيذية مخلصة لله والوطن, ومحذرا كل من يحاول خيانة تلك المبادئ حيث يقول :" ان اعظم خيانة خيانة الأُمة, وافظع الغش غش الأئمة." ومن خلال هذه التوجيهات والارشادات التي يوصي بها وصي النبي (ص) جعلت من الاكثرية للشعب العراقي ان تؤمن بالتشيع بالفطرة, وذلك لحبها لهذا الامام العظيم وما عمل به من تطبيقات حقيقية للاسلام, فليكون اسلوبه بالحكم مثالا الى ما بعده من القادة والحكام العرب ان ارادوا نشر العدل والمساواة بين شعوبهم واحترام الدستور وارادة الاكثرية من شعبهم والا سوف يلحقهم الخزي والهزيمة كما لحقت بيزيد وصدام , وليعلموا ان حساب الله اعظم من حساب الناس.

د.طالب الصراف

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو حسن
2010-08-29
والله يا سيدنا اعتقد ان الجماعه عبروا مرحلة النصح والارشاد ضاكو طعم الحرام 300 مليار سيدنا ياعلي بن ابي طالب علي ابن ابي طالب ما كان محصل خبز شعير والربع وين هسه فاتك السوم مولاي
زيــــد مغير
2010-08-29
دكتور طالب مع أجمل تحية عودتنا على قلمك الرائع , كل رمضان وأنت بألف خير
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك