مصطفى الواسطي
القرار السياسي في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي لم يأت وفق رؤية منفردة او مستبدة ولم ينطلق من افق مرتجل او منفعل فقد يمر القرار بقنوات عديدة تمثل فلترة له وقراءة متأنية ومتفحصة لكل زواياه المتصورة والمحتملة وتشخيص سلبياته وايجابياته وملاحظة نقاط القوة ومواضع الضعف ودراسة مستفيضة لكل تداعياته الخطيرة وانعكاساته الايجابية لكي يكون قراراً ناضجاً نابعاً من رؤية متبصرة وفكرة معمقة تأخذ بنظر الاعتبار كل الحيثيات والظروف الموضوعية المحيطة بالقرار المراد اتخاذه.ولان المجلس الاعلى ينطلق اساساً برؤاه وتصوراته من منطلقات فقهية وشرعية واخلاقية فهو لم يتخذ قراراً يخالف الشريعة او الاخلاق او المنطق العقلائي رغم المتغيرات السريعة في المجال السياسي.ومن هنا فان شهيد المحراب اية الله العظمى السيد الشهيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) كان يؤكد باستمرار على ان "السياسة لم تحرما حلالاً او تحلل حراماً" والغاية في ثقافة وادبيات المجلس الاعلى لم ولن تبرر الوسيلة مهما كانت الغاية نبيلة وسامية.والسياقات الكفيلة بصنع القرار والتصورات والمواقف السياسية في المجلس الاعلى تخضع لافاق متعددة - كما اسلفنا- وليس سراً ان نشير اليها في هذا السياق لكي يتضح دور المجلس الاعلى الاسلامي العراقي في دوره الايجابي والمتميز في بناء الدولة العراقية الجديدة ضمن الاسس الصحيحة وتجذير اركان العملية السياسية وتثبيت مقومات المعادلة الجديدة في العراق.ان الشورى المركزية في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي والتي تجمع اهم شخصيات وقيادات المجلس الاعلى تمتلك قدرات وطاقات متميزة وخبراء على مستوى الفقه الاسلامي والاقتصاد والسياسة والاعلام فهي المعنية باتخاذ القرار والموقف فيأتي هذا القرار او ذاك الموقف عادة منسجماً مع المصلحة العليا للبلاد مستوفياً كل زوايا القضية التي يراد مناقشتها على كافة المستويات المذكورة.فاية قضية يراد اتخاذها في المجلس الاعلى تخضع اولاً لموقف الشريعة وانسجامها مع الموقف المرجعي الديني والمصلحة الوطنية العليا بالاضافة الى انسجامها مع رغبة الشارع العراقي واذا تعارضت مع المصلحة الوطنية العليا او ابتعدت عن تصورات المرجعية الدينية فان المجلس الاعلى لم يؤجلها للظرف المناسب بل يلغيها اساساً من حساباته وسياسياته.والامر الاخر الجدير بالتذكير ان سياسية المجلس الاعلى ومصالحه لم تتأكد في الواقع كبقية مصالح الاحزاب والقوى السياسية فهو لم يكن حزباً سياسياً بالمعني التحزبي بل هو تنظيم جماهيري يسعى الى تحقيق مصالح العراقيين بشكل عام وتأكيد الوعي السياسي الاصيل وتبديد الثقافات البعثية التي تكرست في مرتكزات وعي بعض العراقيين والعمل الجاد للحفاظ على المعادلة الجديدة التي تحمي العراق من كل مؤثرات التدخلات الاقليمية والخارجية.فكانت حسابات المجلس الاعلى الاسلامي العراقي خارجاً عن المصالح الفئوية والحزبية او النظرة الضيقة او قصيرة المدى بل كانت كل توجهاته ناظرة الى مديات ابعد تحفظ الحق العراقي بكل مستوياته وينظر الى المحصلة النهائية التي تصب في مصالح الوطن العليا وهو ما يحقق مصالحه بالضرورة لشعوره ان هذه المصالح من شأنها ان تحافظ على سياقات الدولة الجديدة وتكريس الاسس الصحيحة التي تنفع كل القوى الوطنية في نهاية المطاف وتكون منطلقاً للاجيال والمستقبل.
https://telegram.me/buratha