قال الباحث الدكتور "فؤاد إبراهيم" وهو متخصص في الدراسات الحركات الاسلامية : " إن الدعوة الوهابية انطلقت من قاعدة أن كل ما هو خارج إطارها كفر محض لتوجد لنفسها مبررات الدعوة والانتشار العنيف " .
يوضح الباحث الدكتور فؤاد إبراهيم، وله مؤلفات عديدة عن المذهب الوهابي والحركات الإسلامية والدراسات الشرقية والشرق أوسطية، في مقابلة مع موقع المنار، بأن "الوهابية قامت على أساس أن كل ما هو موجود منذ وفاة "شيخ الإسلام ابن تيميه" حتى ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب يعدّ زمنا بما فيه من مسلمين خارج نطاق التوحيد وخارج نطاق العقيدة الصحيحة.
فهي تعتقد بأن العقيدة الصحيحة التي جاء بها ابن تيميه انتهت بعد وفاته، تاليا عاش المسلمون ستة قرون في جهل وضياع إلى أن ظهر محمد ابن عبد الوهاب وأحيا هذه الدعوة وكأنما هو الإحياء الإسلامي الثاني أو إنبعاث الإسلام الثاني على يديه.. ولذلك النصوص التي كتبها ابن عبد الوهاب سواء في رسائله العقائدية أو في رسائله إلى الجوار أو حتى إلى الأبعدين كانت دائما تنطوي على تكفير الأخر وتبرز له كيف يكون على صواب وحق ويجب أن يصحح عقيدته.
ولذلك الوهابية قامت على ثلاثة أضلع : تكفير المجتمعات، والهجرة منها بمعنى أن ينفصل المؤمنون بالعقيدة الوهابية عن غير المؤمنين بها، وأن يشكلوا دار هجرة خاصة بهم، أي مجتمع مضاد كما يقال، بحيث إن هذا المجتمع المضاد يتأهب ويتهيأ لمرحلة يكون قادرا فيها على الجهاد..، والضلع الثالث هو إعلان الجهاد على هذا المجتمع.
وعندما نتكلم عن الانتشار العنيف، تثبت الوقائع التاريخية أن هذه الدعوة لا تنتشر بصورة سلمية، أي لا تعدّ السلمية جزءاً من دعوتها، بل إجبار المجتمعات وإرغامها على اعتناق الوهابية هي قناعة ينطلقون منها، وبنية أساسية، بمعنى أنها دعوة لا تنتشر إلا تحت ظلال السيوف، وتعتمد السلاح والقوة في أرغام كل من لا يؤمن بالعقيدة الوهابية على الدخول فيها تحت قوة السلاح".
في دراسة مهمة أقامها الدكتور إبراهيم في قراءاته للمذهب الوهابي في مختلف كتبه يبيّن في سلسلة مصادر تاريخية موثقة أن الوهابية، كما ذكرنا أعلاه، هي إنبثاق لشكل متطرف للحنبلية في محاولة لإيجاد بعث سلفي متزمت لا يقر بحقائق التطور الإجتماعي والتعددية المذهبية والثقافية وإشكاليات التوفيق بين متطلبات كل مرحلة.
فاستندت إلى التوجيه السلفي، وأوصدت باب الاجتهاد، وذلك بعد أن قال علماء الحنابلة إن لا باب بعد الخلفاء الراشدين للاجتهاد مفتوح.
ويقول الباحث جلال كشك، في كتاب له عن الوهابية، " إن قراءة كتب محمد ابن عبد الوهاب ومنشوراته تعطي انطباعا وكأنه يعيش خارج التأريخ، فليس له من تعليق على حدث معاصر خارج محيطه، بل يناقش قضايا فقهية سبق وبحثها وصدرت فيها إجابات حاسمة قبل مولدة بقرون عديدة".
العنف وقتل الاخر جزء من العقيدة الوهابية :
ينفرد المذهب الوهابي بأنه صاحب أضخم تراث تكفيري في تاريخ الإسلام، وبإمكان المرء تتبّع كتابات علماء المذهب منذ الأيام الأولى لنشأته حول مسألة التكفير، والمناظرات المتصاعدة والمغلقة داخل الدائرة الوهابية، حتى يبدو وكأن مسألة التكفير ركيزة أساسية للمذهب، ومصدر لوجوده وحيويته وتميّزه.
وكان من شأن هذا التكفير أن يكون مترافقا مع القتل والعنف، فقد بلغ الحال في حروب الوهابيين ضد مناطق المسلمين، خصوصا في بلاد الحجاز حيث سيطروا عليها وأقاموا دولتهم، إلى حد استباحة تلك المناطق ونهب ثرواتها وقتل سكانها وسبي نسائها وقتل رجالها دون تمييز وتخريب دورها وعمارها واشعال النار في مكتباتها، ثم يعودون إلى مقارهم وكأنهم عادوا من فتح اسلامي مبين وتأدية واجب ديني عظيم. أو ليس هذا ما يحدث اليوم في أفغانستان والعراق وسوريا ؟!!..
يسأل الدكتور إبراهيم، إذ إلى اليوم لم يتغير شيء من ملامح هذا المعتقد، بل أصبح هناك ما يعرف بالانتشار الكوني للوهابية، والذي بدأ بكل صراحة بعد انتصار الثورة الاسلامية في إيران في محاولة لتطويق صوت هذه الثورة والخوف من امتدادها.. فقد فتحت الوهابية لها معاهد تدريسية، وما صرفته دولتهم إلى اليوم على نشر هذه الدعوة يصل إلى حدود السبعين مليار دولار.
نعم، الفكر الوهابي يعتمد بدرجة كبيرة على الساحات المؤهلة لخوض المعارك فأين توجد الفوضى توجد الوهابية هذا ما يحدث في أفغانستان والعراق والان في سوريا وفي اليمن.. أي مكان يوجد فيه تنوع فكري عقائدي وسياسي لا يمكن لها التواجد فيه .. وهي تحاول الانتشار عبر طريقين المال النفطي والسلاح.. المذهب الوهابي باختصار هو فكر يكره الاخر ويدعو إلى قتله..
...............
3/5/131017
https://telegram.me/buratha