أظهرت بيانات رسمية صادرة عن الجيش الإسرائيلي ارتفاعا حادا في معدلات الانتحار بين الجنود الإسرائيليين منذ اندلاع حرب الإبادة في غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في ظل ضغوط نفسية متزايدة ناجمة عن القتال.
وبحسب البيانات، فقد انتحر 7 جنود في الخدمة الفعلية خلال الفترة الممتدة من 7 أكتوبر/تشرين الأول حتى نهاية عام 2023، في حين سجلت 21 حالة انتحار بين الجنود خلال عام 2024.
ومنذ مطلع عام 2025 وحتى اليوم، سُجل انتحار 20 جنديا على الأقل.
وقبل الحرب، بلغ متوسط عدد حالات الانتحار بين الجنود الإسرائيليين نحو 12 حالة فقط، ما يعكس تضاعف المعدلات تقريبا خلال العامين الماضيين.
ويعزو الجيش الإسرائيلي هذا الارتفاع إلى التوسع الكبير في انتشار القوات، بما في ذلك قوات الاحتياط، إضافة إلى تعرض العديد من الجنود لمواجهات قتالية شديدة داخل غزة.
"شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر"
وتقول مصادر عسكرية إن التحليل الداخلي يُظهر تراجعا في حالات الانتحار المرتبطة بظروف شخصية بحتة، مقابل زيادة الحالات التي يرجّح أنها نتجت عن تجارب قتالية ضاغطة أو صدمات ميدانية.
وأمس الخميس، أفادت صحيفة هآرتس بانتحار ضابط إسرائيلي بالاحتياط من لواء "غفعاتي"، بعد صراع نفسي أصابه إثر مشاركته في حرب الإبادة على قطاع غزة.
وأفادت الصحيفة بأن الجندي توماس إدزغوسكس (28 عاما) قد سُرح من الخدمة عام 2024 بسبب إصابته النفسية، وكان يخضع لإجراءات الاعتراف به كمصاب بصدمة ما بعد القتال.
وعُثر على جثته في أحد متنزهات مدينة أسدود، بعد أن ترك منشورا قال فيه: "لم أعد قادرا، ارتكبت أمورا لا تُغتفر، هناك شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر. أرجو أن تنسوني".
وتشير الصحيفة إلى أنه كان يعاني ضائقة نفسية منذ نحو عامين، ويتلقى علاجا نفسيا ودوائيا.
ويرى مختصون أن قضية الجندي توماس إدزغوسكس ليست حالة فردية، بل مثال على اتساع دائرة الاضطرابات النفسية بين الجنود الذين شاركوا في حرب غزة، في ظل استمرار العمليات وتزايد الضغوط الميدانية والمعنوية.
وتُواصل عائلات جنود سابقين ومعالجون مختصون التحذير من أن الأرقام الرسمية لا تعكس الواقع بالكامل، إذ تُقدّر منظمات تُعنى بعلاج المصابين باضطراب ما بعد الصدمة أن عدد المنتحرين الفعلي أكبر بكثير، ولا سيما بين الجنود المسرّحين الذين لا تُحتسب حالاتهم ضمن الإحصاءات العسكرية المباشرة.
ووفق متابعة صحيفة هآرتس، فقد انتحر ما لا يقل عن 15 جنديا مسرّحا منذ اندلاع الحرب بسبب مشاكل نفسية مرتبطة بالخدمة، كما انتحر 5 شرطيين خلال الفترة ذاتها.
وتضيف الصحيفة أن العديد من هذه الحالات تبقى "في الظل" ولا يجري الاعتراف بها رسميا كضحايا خدمة.
https://telegram.me/buratha

