( بقلم : هلال آل فخر الدين )
وكانت هناك حركات المقالات والفلسفات وما يطلق عليهم بالزنادقةواصحاب الهرطقة والدهريين امثال ابن عبد القدوس والديصاني وابن ابي العوجاء الى جنب المتكلمين الاسلامين امثال هشام ابن الحكم والنوبختي والمفكرين والفلاسفة كالكندي والرازي والى جنب المتصوفة والاشراقيين وقدعصرتها اذن واعية في كتاب(اخوان الصفا وخلان الوفا)
وفي ضوء هذا البعد توجد نقطة مهمة تستحق التوقف عندها ولو هنيئه يعيرني فيها القاريء الكريم سمعه وينظر بعين باصرة وقلب واع وفكر منفتح وصدرواسع
فالذي يقراء ويدرس تاريخنا الزاهروعطائه الزاخر سوف يذهل كما اذهلت لحجم الحريه الفكريه الواسع والانفتاح على الاخر والتعامل بالعقلانية والغة المنطق في (المناظرات) الفلسفية و(المحاججات) الكلامية المذهبيه وافاق الحوار والتعامل مع الاخر التي سادت ذلك العصر وسينذهل اكثرا اذا ما اجرينا مقارنة بينها وبما يحدث اليوم في محيطنا المتخلف المنحط ونحن على اعتاب القرن الواحد والعشرين عصر الثورة المعلوماتيه وطفرات المعرفة والتطور التكنولوجي الكبير والتغييرات الوراثية وابعاد وافاق العولمة ..ونحن في كابوس مرعب ومحيط مظلم وخواء جارف وانغلاق على الذات واشترار للخرافات والاساطير لايسود فيه الا منطق التبرير وتلفيق الاقوال وتنميق الشعارات الطنانة التي تنسف الفكر وتحطم العقل واصبحنا انصار الجمود والانغلاق والتشدد والارهاب ..!!
هذا مع قطعنا في التمسك بالترهات والاخذ بمتحجر الاراء والاعتماد على التراث من غير غرلبة او تمحيص وعدم التقاط النافع ونبذ السقيم فنجحر منطق العقل في زاوية التقوقع ظمن دائرة الفراغ والخواء الفكري المؤدي الى الانتحارالعقلي والموات المعرفي وعاقبته تقهقر و تحطيم الامة ...!!
هذا فيما ندعي ونتشدق كثيرا باقوال المصطفى (ص) بان الله يبعث على راس كل سنة من يجدد لهذه الامة دينها الذي يرويه اصحاب الصحاح ..اذن اين المنادين بتطبيق السنة النبوية والرافعين للشعارات الاسلامية ..؟
وسوف يصقع المتعجرفون الجامدون والمتشددون اذا اكتشفوا ان هذه الحريه الفكرية التجديدية هي صاحبة الفضل في نشأة مذهب المعتزله والاشاعره وفي ظهور ابي حنيفه والشافعي ومالك والحنبلي والظاهري والطبري وغيرهم وفي ظهور البخاري ومسلم والنسائي والدارمي وابن ماجه وابي داود والترمذي وو فقد أعلت الحريه شأن الدين وكانت اصاحب الفضل على الفكر الديني والفقهي والكلامي والاصولي والفلسفي وحتى على المدارس الادبيه والشعريه وو..
والى ذلك فنحن مدينون حتى الان للأنجاز الفقهي الرفيع والأصولي العميق في تلك الفتره الزاهرة ..وان الذين لم يتعرفوا على هذه الفترة اوالذين لم يستجيبوا لمعطياتها واجوائها انكشف لنا امرهم وضيق افقهم وما يجلبونه على الرسالة من طعون وتهم ينفذ منها اعدأنا في تسفيه عقائدنا والحط من شريعتنا ورمينا بكل خطيئة ..!! فبسبب نشرهؤلاء السلفين المتحجرين للخرافات والهرطقات واعتمادهم على ارث فكري خاو يحمل في طياته الكثير من والسخافات والطامات ودفاعهم عنها وعن مصنفيها البشر وكانها حقائق ثابة وكأن هؤلاء قدس الاقداس والتماس المعاذير لهم والعجيب في امرهم الاخذ بفتاوى القرن الثاني الهجري وتطبيقها على واقعنا المعاصر بكل ارهاصاته وانقلاباته وتعصبهم لها ودفاعهم عنها دفاعا مستميتا وكانها نصوص مقدسة لاياتيها الباطل من بين يديها ومن خلفها ...
وهؤلاء المغرر بهم من الغلاة و السلفيين والتكفيريين الاهثين وراء الغث والسقيم من الروايات .. المنغلقين على التقليد والجمود وقد حفلت كتبهم بالطامات وبكل ماهو سخيف ومنكر وفي هذا الصدد يذكر احمد بن يحيى اليماني صاحب كتاب المنية والامل في شرح الملل والنحل ص15 الواننا من الاسرائيليات والاساطير التي يتعبد بها هؤلاء المتحجرون ويأخذون بها وكأنها نصوص مقدسة وشريعة دين وكلها اباطيل وشرك وتجسيم وكفرعظيم ..الذين رووا ان النبي (ص) قال اذن لي ان احدث عن ملك من الملائكة رجلاه في الارض السفلى وعاتقه تحت العرش مابين عاتقه الى شحمة اذنه سبماية عام ينظر لهذا خفقان الطير المسرع .وهم الذين رووا ان الله عزوجل ينزل عشية عرفة على جمل اورق وانه ينزل في قفص من ذهب .وهم الذين رووا ان اربعة املاك التقوا واحد من المشرق واخر من المغرب واخر من السماء السابعة واخر من الارض السفلى فقال كل واحد منهم للاخر اين تركت ربك فقال من ربي خبت .وهم الذين رووا ان حملة العرش تفوق عضد الله تعالى ينقل على كواهلهم .وان القلوب بين اصبعين من اصابع الرحمان عزوجل وان النبي (ص) قال: اتاني ربي في احسن صورة فوضع كفه بين كتفي فوجدت برد انامله بين ثديي) .. انك تلاحظ مايلسقونه بالنبي من مكذوب الاحاديث وحشد الخرافات والاساطير ويعتبرونها من عقيدة التوحيد ونابعة من فكر الدين وما هي الا هزالا وسخفا مابعده هزال ولا سخف ولاتدري اتضحك ام تبكي على هذه العقول النتنه التي تعبد التقليد وتقدس الاساطير ..ويردف صاحب كتاب المنية والامل قائلا في ص52 ثم يتحدث فقيههم بمثل هذه الاحاديث ويخبر بمثل هذه الاخبار ويشهد على الله بمثل هذه الشهادة وهو غير محتفل بذلك ولامستحي منه ان دين اهل الزلل انما اتوه (بالتقليد) لابالنظر والبحث والاستدلال وقد ذم الله تعالى في كتابه المقلدين حيث قال :( انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مقدتدون ) الزخرف 3 2 الامة ها هنا الدين .قلت فاما اباؤهم الاقدمون فاما اتوا من جهل فاحش بدليل قوله تعالى :(أ ولو كان ءاباؤهم لايعقلون شيئا ولا يهتدون ) البقرة 170
وقالت العلماء المقلد مخطيء بالتقليد ولو اصاب الحق لان من اعتقد الحق بغير حجة ولادليل كمن اعتقد لباطل بغير حجة ولا دليل واذا دخل في الحق بالتقليد خرج منه بالتقليد وقال الشاعر في ذم التقليد
ما الفرق بين مقلد في دينه راض بقائده الجهول الحائر
وبهيمة عجماء قاد زمامها اعمى على عوج الطريق الجائر
ويلاحظ كيف يلون عنق النصوص ويحرفون التفسير ويتمحلون في التأويل لاجل موافقة ظلالاتهم وتخرصاتهم فقط
وجاء فينفس المصدر ص53 وفي كل اهل مذهب ثقة يستندون اليه وعالم يعتمدون عليه وكلهم يحتج بقول الله ويروي عن رسول الله وقد كثر التدليس في الكتب والزيادة في الاخبار والتأويل لكتاب الله عزوجل على قدر الاهواء والمذاهب والاراء فيجب على العاقل التيقظ والتحرز والتحفظ من التقليد الذي هلك به الاوون والخرون وجار عن قصد السبيل الجائرون اعاذنا الله من اتباع الهوى في الدين والانقياد لاتباع المقلدين
المفروض لمن يتصدى في الدعاة الى الصحوة الاسلامية ان يكونوا على الاقل مؤهل لما يدعيه بحق ولو بمقدار ( مصة الوشل) ان يستوعبوا معارف الاسلام ويعوا واقع الامة وما هي فيه من مزالق وما تعانيه من مشاكل،،! وكذلك دراسة الاخر دراسة مستفيظة لاجل بلورة اسلوب لغة خطاب متساوقة مع فكر وثقافة الامم توضع وفق ابعادها خطة استراتيجية لتبليغ مفاهيم ومباديء الرسالة الخاتمة والتخطيط الشامل الدقيق لانتشال الامة من واقعها الماساوي والاخذ بيدها لما فيه الخير والسداد .والتمسك بهكذا فكررسالي عريق متوازن منفتح على الآفاق الواسعة بقدر انفتاحه واحترامه للامم المختلفه التي رفدها عطائه ونعمة وتطورة بسماحته وعمق افكاره..فقد بان عقم الخطب الحماسية الرنانة واتخاذ الحذلقة والتظليل والتحريف وزراكش الالفاظ بدواعي العصرنة والتحديث او تسخير وسائل الاعلام للتلفيق في تخدير الامة والكذب عليها،وهي تجود بنفسها وتتفاقم عللها ..منطبقا عليهم قول النبي الاكرم (ص)من (كثرة الخطباء وقلة الفقهاء) يسيسون النصوص الشرعية للمآرب الشيطانية والمكائد العدوانية والمنافع الشخصية والتحريض على التطرف والعنف والارهاب باسم الصحوة الاسلامية والاسلام منها ومنهم براء .. وهذا بدوره يرشدنا الى مسيرة المرجعية السنية خلف السلطات السياسية المختلفة وتايدها والعمل وفق ماتراه وترغب به وتبرير كل الانتهاكات والجرائم التي يقترفها الولاة ولفها بعباءة الدين ..والتسربل بالتقليد ومجانبة الاجتهاد والاصلاح والتجديد .. (يديرون الدين مادرت معائشهم)...!
وان ماتؤكد عليه الجماعات والحركات الاسلامية من الاخذ (بالسلفية) والرجوع الى السلف الصالح في اقامة النظام الاسلامي ما هي الا مراهنة خائبة ودعوة زائفة حسب قول الدكتور محمد سليم العوا ان دعوات الاخوان وغيرهم من الجماعات والتنظيات التي ترفع شعارات السلفية ( ما هي في الواقع غير ذلك هي مدعية للسلفية لان السلفية الصحيحة والسلفية الحقة احسن تيار ديني في العالم لانها تقول ان نهتدي بالرسول (ص) والهداة الميامين من اهل بيته واصحابه الغر الميامن اما السلفية بالمعنى السياسي والفكري هي ادعاء (للسلفية ) لان هؤلاء ضد تيار الحياة والتقدم والحرية والعدالة والحقوق واخذهم بالقشور من لبس الجلباب القصير واطلاق الحى الكثة وكانه بلغ المنى وحل مشاكل الامة المتفاقمة واخرجها من اعماق تقهقرها وانتزعها من تخلفها
كما ويفرق الدكتور العوا بين التيارات السلفية المتسربلة بالدين وبين تيارات الاعتدال والوسطية التي يمثلها علماء وفقهاء واصحاب فكر واعي وبين تنظيمات الاخوان والجماعات الاسلامية الاخرى الذين يعملون بالسياسة بغطاء الدين ..
وللاسف الشديد لا نرى عذرا في تماديهم في مشوار التقهقر وعد م النظر بعين البصيرة في تراثنا الثر وبالخصوص لأنصع فترة في تاريخنا سواء في الانفتاح والعيش بسلام مع سائر الامم والاقوام اوفي العطاء الفكري والتلاقح الثقافي والتواصل الفلسفي والحوار العلمي والمنطق العقلي التي ساهمة بها الحضارة الاسلامية مساهمة اساسية خالدة من خلال حفاظها عليها وتقديمها عطرة ندية للحضارة الانسانية والتي تستحق وبكل جد و فخر واعتزاز القول عنها (العصر الذهبي للحضارة الاسلامية ) فقد شهدت تلك الحقبه عشرات الملاحده والمنحرفين والزائغين والذين خاضوا في اصول العقائد وكتبوا ما لو كتب عالم او باحث اليوم واحد في المائه مما كتبوه لطعن بالكفر ووصم بالزندقة والمروق والردة ولقامة القيامه وتنادوا بشعار (وا اسلاماه)..ولكن نلاحظ ان اولئك ماتوا على فراشهم بعد ان اشبعوا الحياة الفكريه والعقليه ومحاورات ومساجلات وناظرات وكتب ورسائل واشهرهم (ابن ابي العوجاء)و(ابن المقفع) و(ابن عبد القدوس)..وان (ابن الراوندي) كتب عدة كتب اشهرها (التاج) و(الزمرده) و(فضيحة المعتزله) و(الدافع) ويكفي ان تعرف ان الكتاب الاخير كا موضوعه قضيه واحده هي (الطعن في القران) ..!
فكيف واجه علماء وفقهاء ذلك العصر ابن الراوندي وكتاباته التي كانت ذائعة في عصره ..؟
انهم لم يحرقوا كتبه او يمنعونها من التداول اويحجروا عليه او يهدروا دمه كما تفعل بعض الشخصيات والمذاهب والانظمة الان ..!!لكن واجهوه بالفكر وبالدليل ومنطق العقل والجدال بالتي هي احسن وحوارالمنطق وقرع الحجة بالحجة وبالبرهان وتصدوا له باصدار الكتب التي تفند اراءه وتبطل احدوثته .. ولكن ليس بشعارات التكفير والزندقة والردة وسلاح البدعة والارهاب ..
وكان فيمن تصدى لتلك الموجة الالحادية والتشكيكية الكبرى ضد عقائد المسلمين وفي عقر دار المسلمين علماء افذاذ فيهم اسماء لامعة كالفيلسوف( الكندي )والعلامه (النوبختي )احد شيوخ الاماميه المشهورين والعلامه (الجبائي )والعلامة (ابو الحسن الخياط )والفيلسوف (الفارابي )و(بو الحسن الاشعري) مؤسس فرقة الاشاعره
وكمثال نسوقه اكثر وضوح في بيان سعة حريه الفكر والتعبير انذاك.. فقد نشر (عبد المسيح بن اسحاق الكندي) وهو غير الفيلسوف (ابو يعقوب بن اسحاق الكندي) مؤلفا كتابا في الرد على كتاب (عبد الله بن اسماعيل الهاشمي ) وهو مؤلف ينتقد شعائر الاسلام شعيرة شعيره الواحده تلوا الاخرى .وربما يندهش القاريء اذا علم ان ابن اسحاق الكندي كان كاتبا وعاش في عصر المأمون وكان ما كتبه واحدا من عديد مؤلفاته سجلها تاريخ تلك الحقبه تحت عنوان(منا ظرات اهل الكتاب بالاسلام) دون ان يتعرض احد له او لسابقيه وزملائه من الكتاب بالتهديد بالقتل لكفرهم او ضلالهم وانحرافهم او بالاذى او الاعتداء والترهيب لسوء عقائدهم وما ينشرونه من مقالات سوى الرد بالنقاش ودفع الشبهات بالمنطق من خلال كتاب يرد على كتاب ورأي برأي وحجه تواجه بحجه
ولنا ان نتصور في هذه النماذج الرائعه صورا مشرقة في حرية الرأي وحرية المعتقد وحرية النشر قبل ان يعرف العالم هذه الحقوق باكثر من الف عام .. ومن الجهل ان ندعي الدفاع عن قيم الاسلام والشرع الحنيف في تصوير الاسلام وكانه عاجز عن الرد الا بالسيف او الدره وقاصرا عن المواجهه سوى بالمنع والمقاطعة والتحجيراو الردة والكفر والخروج عن الدين واهدار الدم
ان اعداء الاسلام ليس فقط امثال (ابن الراوندي )او (عيس الوراق) او (صالح بن عبد القدوس )او( سلمان رشدي) ومن على شاكلتهم بل قائمه العداء تشمل ايضا جميع المتعصبين والمتحجرين واصحاب المصالح والهمج الرعاع ممن يتصور ان الاسلام قاصر عن الرد او عاجز عن الاجابه او قاصرا عن مواجهة الحجه او الرد واعوذ بالله ان يكون كذلك ..
حتى ان الخليفة المسلمين وحامي حمى الدين (المامون) كان يعقد مجلسا لمناظرة اهل المقالات والفلسفات والاهواء وبكل حرية وبمنتهى التسامح وحتى التحرر من لبس العمائم الذي كان محرما في حضرة خليفة المسلمين احتراما واجلالا لمقام الخلافة والتخلي عن كل ما من شانه التكلف والتقيد لاجل الانبساط والانفتاح وهذه الرواية يرويها قاضي قضاة الدولة الاسلامية (يحيى ابن اكثم) كما يذكر ذلك المسعودي في مروجه ج7ص38-39 ويقول يحيى بن اكثم :كان المأمون يجلس للمناظرة في الفقه يوم الثلاثاء فغذا حضر الفقهاء ومن يناظره من سائر اهل المقالات ادخلوا حجرة مفروشة وقيل لهم :انزعوا أخفافكم واحضرت الموائد فقيل لهم :اصيبوا من الطعام والشراب وجددوا الوضوء ومن ضاق عليه خفه فلينزعه ومن ثقلة عليه قلنسوته فليضعها فاذا فرغوا اتوا بالمجامر فبخروا وتطيبوا ثم خرجوا فاستدناهم حتى يدنون منه ويناظرهم احسن مناظرة وانصفها وابعدها من مناظرة المتجبرين فلايزال كذلك حتى تزول الشمس وتنصب المائدة فيطعمون وينصرفون ..) انها حرية الفكر واحترام الفكر واحترام الراي الاخر .. الم يحاجج ويناظر الرسول الاكرم (ص)وفد نصارى نجران مع كل الاحترام وحسن الوفادة لذلك الوفد ..الم يحاجج الامام علي اصحاب الملل واهل الاديان والرد على اشكالاتهم ومغالطاتهم مما يفحمهم به الامام من سديد الاحتجاج وبليغ القول زمن الخليفة عمر ابن الخطاب وباشرافه حتى قال ابن الخطاب لولا علي لهلك عمر...!!
لقد تصدى الاسلام لعباقرة الشر في السابق وهو قادر على التصدي اليوم لكن ليس بالعقول المتخلفه والا بالافهام غير المستبصرة والا بالتقوقعات المغرقة ولا بالتقاليد المسرفة ولا بالاجتهادات الباطل..وكذلك لا بالسلوكيات الغليظة الفجة ولا بالاخلاقيات البدوية السمجة ..ولا بترهات الاهواء ومثالب العصبيات الممجة ويشير الذكر الحكيم الى مفردة مهمة في موضوع البلاغ والدعوة لله لايكون الا بالاختيار كما يخاطب الله سبحانه بها حبيبه المصطفى (ص) في هذه الايه الكريمه في قوله تعالى :(ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )يونس 99 وانه لااكراه في الدين وانما الحسنى في النقاش والين في البلاغ قال سبحانه (وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا)الاسراء 28 حتى وصل الاسلام الى مشارف الصين شرقاً والى اوربا غرباً والى روسيا شمالا والى قلب افريقيا جنوباً .. والكل يتناظر ويتحاور ويتناقش ويدافع عن ارائه ومعتقداته بالدليل والمنطق ويقرع الحجة بالحجة والكل في وئام وتحاب وصفاء في مشهد نادر فذ فريد تفردت به ارض العراق في احتضان حضارات الامم وثقافاتها المختلفة وصهرها وتنقيتها وفرز الصحيح من السقيم وقد وهبتها للدنيا واهدتها للانسانية كافة ومن غير منة.. ولاطمع ..ولاعلوا ..علما بان لها الفضل في ذلك على امم لحفظها تراثها وعطائها الفكري والفلسفي وصيانته من الضياع وقد ردته لاصحابه سالم صحيح منقى من الزيف والخطل هذا هو ماتميزت به عن غيرها من سائر الامم وباقي الشعوب التي تزدرد وتبتلع علوم وحضارات واداب الاخرين في تطفل وشعورا باستعلاء ...
تبقى االمصيبة العظمى عندنا اننا لم نتعلم من تراثنا الزاخر العظيم في استلهام افكار والاخذ بابداعه ولافي التعامل مع التراث بموضوعية واشفافية وفهم صحيح والتقاط المفيد ونتقاء السديد ..وكارثتنا اننا نتحدث دائما عن الحضاره الاسلاميه العظيمه وقيمها الرفيعه ولا نتوقف عندها لكي نسترشف نميرها ونستنشق عبيرها ونتعلم منها الدروس ونتعرف على المناخ الفكري الرحب الذي ساد فيها وقتذاك
والان وفي خضم الكوارث المحيطة بنا و والهجمات الفضيعة المتلاحقة التي تترى علينا والواقع المأساوي الذي نعيشه والنفق المظلم الذي نتخبط فيه فهل من مسترشف لفكرالقران وسيرة سيد الانام وأئمة الهدى واعلام الدين..؟
هلال آل فخرالدين
https://telegram.me/buratha