حوار أجراهاحمد عبد الجبار رزج
- الرد الامثل على العريفي وامثاله هو عدم الرد عليهم او الرد بالحسنى .-حينما التقيت السيد الخوئي ( قدس ) اول مرة قلت له : انكم الشيعة تعبدون الامام علي ( ع ) .- بقيت ثلاث سنوات اناقش وابحث حتى اقتنعت وانهيت كل الشكوك .- الشهيد الصدر (قدس) طلب مني العودة فورا الى تونس ومغادرة العراق .
نقف اليوم أمام مدرسة كان ولازال لها أسلوبها الخاص وخطابها المميز ودورها الرائع في نشر مذهب أهل البيت ( عليهم أفضل الصلاة والسلام ) في بلاد المغرب العربي وشمال أفريقيا ، مدرسة امتدت صفوفها من مساجد النجف القديمة وحلقات الدرس فيها وبيوت المراجع العظام ( قدس ) وصولا إلى تونس الخضراء وجلسات المناقشة والحوار وطرح الأسئلة لتتضح الرؤيا وتعلن الهدايه في الولاء لعلي وال علي ( عليهم السلام ) ، نعم فنحن اليوم جالسون في فصل من فصول مدرسة الدكتور التيجاني نسأله ونسمع منه في حوار هادئ كطبعه ومشوق كشخصيته .
الرد الامثلالاصالة : ماهو الرد الامثل للخطابات التي تحاول تشويه صورة مذهب اهل البيت والتجاوز على المرجعية الدينية ؟- ان الهجمات التي تثار ضد مدرسة اهل البيت ( عليهم السلام ) وضد المراجع والعلماء فانا متأكد ان هؤلاء يطلقون تلك التصريحات البائسة عندما قلت عندهم الحجج والبراهين فلجؤا الى التهريج من سب وقذف فضاع عندهم الدليل فعندئذ لجأ هؤلاء الى هكذا اساليب وكما قال الشاعر ( وكل اناء بالذي فيه ينضح ) فنحن لا نرد عليهم بمثل هذه الردود المشينة التي تحاول ان تمزق الامة الواحدة وتثير التناحر فنجيبهم بعبارة واحدة وهي غفر الله لكم . وحقيقة هذا النهج هو ليس دعوة شخصية ادعو لها بل هو نهج معظم علماء ومراجع الشيعة الذين دائما مايرددون لاتقولوا اخواننا السنة بل قولوا انفسنا وهو ما سمعته قبل ايام قلائل من لسان المرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني ( اطال الله عمره ) حين زرته وأثرت معه هذا الموضوع خاصة ان البعض تجاوز على هذا المرجع الكبير فاجابني مبتسما انه لا يرد على هذه اللغة العوجاء وانما هو يعامل الناس دائما بالاحسان والتسامح وبالتالي وجدته مترفعا عن كل هذه المسائل .وبالتالي فان الرد على امثال العريفي هو عدم الرد عليهم او الرد بالحسنى فاننا عندما نقرأ تاريخ الشيعة نجد ان الامام الصادق ( عليه السلام ) جاءه احد الاشخاص وقال له ان فلان يشتمك ويسبك فسكت عنه فاعاد عليه فسكت عنه فأعادها عليه للمرة الثالثة فقال له الإمام قم معي وارني اين يسكن هذا الرجل فقام معه متحمسا وفرحا ظنا منه ان الامام سوف يضربه او يؤدبه ولكن عندما وصل الى ذلك الشخص قال له الامام ( عليه السلام ) يافلان بلغني انك تقع في وتسبني وتقول في كذا وكذا فان كان ذلك حقا غفر الله لي وان كان ذلك غير حق غفر الله لك وضرب بذلك المثل الاعلى في التسامح والتأخي وتفويت الفرصة على هؤلاء المغرضين الذين لا يهدأ لهم بال حتى يرون الصراع بين المسلمين .
الاصالة : كيف يمكن مواجهة الفكر الذي يحاول زرع الفتنة بين صفوف المسلمين من خلال تكفير الاخر ؟ ومن المستفيد من بث روح التفرقة بين صفوف المسلمين ؟ - اولا المستفيد معروف ولا يخفى على احد وهم اسرائيل وامريكا والمستفيد من ذلك بالدرجة الثانية هم هؤلاء المتغربين او المأجورين او مرضى النفوس وهؤلاء الرد الامثل عليهم دائما بالحسنى فهؤلاء ليس لديهم اسلوب الا السب والشتم وهو ما يجب ان نترفع عنه كما اشرنا سابقا . فلابد لنا ان نكون بالمستوى اللائق الذي يمثل منهج الحق منهج مدرسة اهل البيت - عليهم افضل الصلاة والسلام - فعندما نتنازل عن الانانية وحب الذات والشهوات ستجد نفسك في الركب الذي يريده الله سبحانه وتعالى وما يريده الرسول الاكرم -ص-
الشيعة في المغربالاصالة : هنالك حديث كثير نسمعه عن احوال الشيعة في بلاد المغرب العربي هل يمكن ان تضعون القارئ الكريم بطبيعة واحوال محبي اهل البيت ( عليهم السلام ) في تلك البلاد وماهي طبيعة انتشار المذهب هناك ؟- انتشار التشيع او ما نسميه الاستبصار أي ان الشخص استبصر وتحول الى المذهب الجعفري فالاستبصار هو فتح عين البصيرة للانسان لمعرفة الحق من هذا المنطلق وحيث انه لا توجد خلفية في المغرب عن الشيعة بل انهم يسمعون الاساطير والخرافات التي عندما يرددها الانسان بعقله السليم سيجدها كلها افتراءات واكاذيب لاتمت للواقع بصلة فعند ذلك يبدأ في البحث خاصة ان الذي يعتقده هو في اغلبيته متناقضات وبالتالي فان هنالك صورة مشوه عن الشيعة في بلاد المغرب فأتذكر انني اول مازرت النجف قلت للسيد الخوئي ( قدس ) ان منكم من يعبد الامام علي ( ع ) والمعتدلون منكم يقولون انه هو الرسول حيث خطأ جبرائيل واعطى الرسالة لمحمد ( ص ) وهذه العقيدة وهذه الصورة مع الاسف موجودة لحد الان وغيرها من الاباطيل مثل ان الشيعة طائفة أسسها عبد الله ابن سبأ اليهودي وكان هدفها تهديم الاسلام وان خطرها على الاسلام اشد من خطر اليهود وهكذا اباطيل عندما يتعلمها الانسان منذ نعومة اظافره فانها بمرور الزمن تتحول الى مسلمات لديه وتحولت في قلبه الى حقد على هؤلاء الشيعة الذين يريدون ان يدمروا اسلامه وبالتالي يحاربهم وان يجد فرصة لكي يقاتلهم فانه سوف يقاتلهم . وعلى الرغم من هذه الصورة المشوه عن الشيعة في بلاد المغرب الا اننا ولله الحمد نجد ان المذهب الجعفري في انتشار واسع وان اعداد المستبصرين في تلك البلاد في ازدياد مستمر يمكن ان نقول عنهم انهم مئات الالاف وان كان البعض منهم لايريد ان يعلن ذلك خوفا من حكوماتهم التي تربط التشيع برباط سياسي كأن السيد الخميني اثر في الناس حتى تتشيع او ان السيد حسن نصر الله اثر في الناس حتى يتشيعوا وهكذا فان الحكومات تخشى من ذلك . الاصالة : بعد كل ذلك هل تعتقدون بامكانية تحقيق الوحدة الاسلامية ؟- بعد تجربة طويلة اصبحت مقتنعا انه لا يمكن تحقيق الوحدة الاسلامية مع العلم انني كنت من اشد الداعين الى الوحدة الاسلامية ويجب ان نستمر في الدعوة للوحدة الاسلامية لانه سوف يحاسبنا الله ان لم ندعو للوحدة ولكن اصبحت لدي قناعة ان هذه الوحدة لايمكن ان تتحقق الا بظهور الامام المهدي ( عج ) وقبل ذلك فان كل الطوائف والمذاهب تعتقد انها هي التي على حق فالسني يقول ان الحق معه والشيعي والاسماعيلي وغيرهم كذلك وبالتالي فان كل حزب بما لديهم فرحون . وبالتالي فانني ادعو الى التعايش السلمي والمهم ان لا اكفرك ولا تكفرني ولا اسبك ولا تسبني نأخذ بيد بعضنا البعض ويساعد احدنا الأخر بعيدا عن خطابات التطرف والتكفير .
رحلة التشيعالاصالة : لو تحدثنا عن قرار انتمائكم للمذهب الجعفري هل احتجتم الى وقت كثير ودراسة معمقة لاتخاذ هذا القرار وهل نستطيع التعرف او نعيش معكم ذكريات تلك اللحظات المهمة من حياة الدكتور التيجاني ؟- أولا أعجبتني كلمة لأحد المستبصرين الذين قال ( الانتقال الصعب ) فالانتقال ليس بالأمر السهل لأنه معروف إن الإنسان حين يعيش فترة زمنية طويلة وليس من جانبه فقط بل فيما يخص أسرته وتاريخه والبيئة المحيطة به فانتقاله صعب جدا بان يتنازل عن مبادئ وعقيدة أجداده وآباءه ويقول انا تحولت من سني الى شيعي يبدو شيء صعب جدا وبالفعل فقد استغرق مني هذا القرار ثلاث سنوات من البحث بعد ان التقيت بعلماء الشيعة في النجف الاشرف وأبديت قناعتي في بداية الأمر معهم إلا إنني في داخلي قلت يجب ان اذهب الى تونس واتاكد من كتبنا حيث بقيت ثلاث سنوات وأنا أناقش وابحث وأفتش وبعدها اقتنعت كليا وانهيت كل الشكوك عندما جمعت مجموعة من الاساتذة معي لمناقشة كتاب المراجعات الذي احدث في نفسي ثورة حيث دعوتهم لقراءته واستخراج كذبة واحدة فيه واذا بهم استبصروا معي ولله الحمد .
الاصالة : هل واجهتم انتقادات معينة من قبل الأهل والأصدقاء بسبب هذا القرار ؟- طبعا .... فقد عشت ايام حزن صعبة ومريرة احسست خلالها بالعزلة في تونس وما أبشع أن يشعر الإنسان بالعزلة حين يحس إن الناس تنفر منه والذين كانوا يحبونني ويحترمونني أصبحوا يقولون إن رد السلام عليه حرام وأصبح البعض يبث علي الإشاعات كأنني يهودي وإسرائيل مولتني لتفريق المسلمين حتى إنني أتذكر إنني رجعت إلى النجف الاشرف مرة وقابلت الشهيد محمد باقر الصدر ( قدس ) وبكيت وقلت له إنني أعيش في عزلة ويقولون عني يهودي ولا يردون على السلام فابتسم وقال لي يا ابني ماذا لقيت أنت أسلافنا كانوا من اجل حب أهل البيت يحملون خشبتهم على ظهورهم وكانوا يحملون اكفانهم على رؤوسهم وتقطع أيديهم وأرجلهم من اجل زيارة الأمام الحسين ( عليه السلام ) فاصبر قليلا وبالفعل بالصبر وإتباع نصائح السيد محمد باقر الصدر تجاوزت تلك الفترة والمرحلة . ثم إنني بعد تأليفي كتاب ( ثم اهتديت ) حيث عرفني الناس وأصبحت لدي شعبية واتضحت الحقيقة لدى الكثير من الناس واليوم ولله الحمد تحولت تلك العزلة إلى محبة واحترام لدى الكثير من أبناء مجتمعي . الاصالة:- عند وصولكم للنجف ما هي أكثر الأسئلة والاستفسارات التي رغبتهم معرفتها من علماء الشيعة؟- أنا ذكرت إن الحوارات التي جرت كانت مع السيد أبو القاسم الخوئي- قدس - والسيد الشهيد محمد باقر الصدر-قدس- فالسيد الخوئي أجابني على ما طرحته من أفكار حول ما يقوله بعض السنة عن الشيعة من إن الشيعة تعبد الأمام علي(ع) او ان جبرائيل اخطأ في إعطاء الرسالة للنبي محمد (ص) ومن هذا القبيل فرأيت ان دمعة السيد الخوئي قد نزلت على خده وقال انظروا إلى هؤلاء الأبرياء كيف تظللهم الأكاذيب وقال إذا أنت أستاذ تفكر هكذا فكيف بعامة الناس واخذ يقرأ علي مجموعة من الآيات القرآنية التي تؤكد ثبوت نبوة ورسالة النبي محمد(ص).أما السيد محمد باقر الصدر فقد كانت لي معه حوارات معمقة استمرت لمدة ثلاثة أيام سألته خلالها عن مجموعة كثيرة من الأمور ذكرت اغلبها في كتاب ثم اهتديت وكانت إجاباته علمية رضية وبإيجاز فأتذكر إنني قلت له لماذا تسجدون للتربة فقال لي يا أستاذ أنت درست اللغة العربية وهنالك فرق بين السجود على التراب والسجود للتراب فنحن نسجد على التراب كما أمرنا الله والرسول((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) فكان بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية يفسر لي ويشرح ويجيب عن أسئلتي.الأصالة:- بالتأكيد إن هنالك شخصية كان لها اثر كبير على حياة السيد التيجاني وهو الأستاذ منعم الذي جاء به إلى العراق هل السيد التيجاني تواصل مع منعم وسال عنه؟- بالتأكيد كانت أخر زيارة للعراق في بداية انطلاق الثورة الإسلامية في إيران ودخلت للعراق عن طريق البر قادماً من ايران فوصلت الى النجف وذهبت الى بيت الشهيد الصدر فوجدته بحال غير جيد وطلب مني العودة سريعاً الى تونس وعدم البقاء في العراق حيث كان يخاف علي من مطاردة أزلام صدام فذهبت الى بغداد لغرض السفر من مطارها الى تونس وهناك زرت منعم ووجدته ايضا بحالة غير جيدة وحزين ويبكي وعند سؤاله عن سبب حزنه اخبرني إن ابن أخته أخذه البعث منذ شهر ونحن نبحث عنه وقبل يومين جاؤا بجثته وقالوا لنا خذوا هذا ((الكلب)) ولا يحق لكم حتى اقامة الفاتحة على روحه وقال لي ان الدور القادم عليه وبالفعل بعد سفري بفترة قليلة سمعت خبر استشهاد السيد الصدر وأخته بنت الهدى وسمعت كذلك باستشهاد الأخ منعم وخلال زيارتي الأولى للعراق بعد سقوط صنم الدكتاتورية جاءني أخوانه لكربلاء والتقيت بهم كما إنني اتصلت بزوجته ام احمد ووعدها انني سأزورها في حال ذهابي الى بغداد.الأصالة:- هل تعرضتم لحملات اغتيال؟- نعم تعرضت للعديد من محاولات الاغتيال مرة في فرنسا وأخرى في السعودية ومرة في الولايات المتحدة و في الهند وغيرها.الأصالة:- اختيرت النجف كعاصمة للثقافة الإسلامية عام 2012 هل تستحق النجف بان تكون عاصمة للثقافة الإسلامية؟ وهل هي مهيأة لهذا الحدث؟- قطعاً النجف أتمنى ان تكون عاصمة للثقافة الإسلامية في كل عام لان الثقافة من هاهنا بدأت وترعرعت وسيد الفصحاء وسيد البلغاء وسيد العلماء هو الأمام علي بن أبي طالب(ع) بعد رسول الله(ص) يسكن مدينة النجف والنجف التي تخرج منها فطاحل العلماء الذين انتشر علمهم في العالم اجمع ومنهم السيد الشهيد محمد باقر الصدر -قدس- الذي كتب((اقتصادنا))و ((فلسفتنا)) والذي كتبه لحد ألان تدرس في الجامعات وحتى الجامعات السنية وهذا فخر كبير فالعلم والثقافة نشأها النجف الاشرف.الأصالة:- أطلقت مؤسسة الغري للمعارف الإسلامية مشروع واعد من خلال تأسيس مركز الدراسات التخصصية بين الحوزة والجامعة كيف تقيمون هذا المشروع وكيف لنا تطويره والنهوض به؟- بداية أنا دعيت لحضور المؤتمر الثاني بين الحوزة والجامعة وان شاء الله سوف احضر فأنا من الأشخاص الذين يجمعون البعدين الحوزوي والأكاديمي وأقول إن كلاهما يكمل الأخر ولا يمكن الاستغناء عن احدهما ولهذا فان هذا المشروع المهم الذي أخذت مؤسسة الغري على عاتقها النهوض به هو مشروع مهم يجب دعمه والاهتمام به بصورة اكبر وأكثر لأهمية وجود التعاون والتلاقح بين هاتين المؤسستين المهمتين.
https://telegram.me/buratha