عمار العامري
أن التجربة السياسية الحديثة في العراق وما رافقها من تحولات ديمقراطية حظيت بمساندة واختيار غالبية الشعب العراقي، الذي منحها الشرعية باختياره للدستور الدائم في 15 تشرين الأول عام 2005 حيث وضع الأسس المتينة للعملية السياسية الجارية وقد سجلت هذه المرحلة انعطافة تاريخية كبيرة ليس في تاريخ الساحة السياسية العراقية فحسب أنما كان لها تأثير على مجمل الأوضاع العامة في الساحة العراقية والإقليمية والدولية، ويأتي هذا التأثير من عدة أسباب يقف في مقدمتها دور العراق المؤثر عبر التاريخ في واقع العلاقات السياسية في المنطقة عامة وتأثيره المباشر على الدوائر السياسية الدولية والوضع الاستراتيجي والاقتصادي الذي يتمتع بع العراق طيلة العقود الماضية، وانه البلد الذي يشكل محور اهتمام العالم بكل توجهاته لما يتكون من نسيج اجتماعي يضم مختلف المكونات منها الدينية والعرقية والقومية.ومع التقدم الحاصل في العملية السياسية والخطوات الناجحة التي تحققت بعد التغيير في 2003 في المجال السياسي من قبيل إن لصناديق الانتخابات أصبحت الفيصل في اختيار نظام الحكم السياسي وانتخاب الشخصيات التي تقود العملية السياسية وجعل هناك مدة محددة لا تتجاوز الأربعة سنوات لتكون الحد فاصل للعطاء، ومع كل المعانات والتضحيات التي قدمها العراقيون من اجل تغيير المعادلة الظالمة التي حكمت العراق أكثر من ثمانين عام ألا أن الوضع باق في خطر نتيجة التحالفات والاصطفاف الجهات السياسية المناوئة في جبهة لتخطيط لمشروع يدار من قبل الدول الإقليمية من اجل إرجاع أيتام تلك المعادلة وذلك النظام إلى الحكم من جديد أو تبديل على الأقل وجوههم على أن يبقى النهج التسلطي والدكتاتور هو الذي يسيطر ويحكم فيه أولئك أنفسهم، ومع قساوة الظروف التي مرت على العراق من اجل إنجاح هذه التجربة غير المسبوقة في الدول العربية والتي أجبرت رأس النظام السابق للامتثال أمام حكم الشعب حتى اعدم استحقاق لما ارتكبه من جرائم بحق الشعب العراقي، ولكن بعد سبع سنوات من تاريخ التجربة العراقية في خطواتها الحثيثة على طريق إنجاح العملية السياسية نجد أن هناك من يشكل جزء من الفريق الذي له مساهمات في هذا النجاح يقف اليوم حجر عثرة أمام مشروع استكمال مسيرة الديمقراطية في العراق والتي تواجه تحديات، أصبح واضح أن هذا الجزء يعمل من اجل إفشال هذه المشاريع وأن محاولة طارق الهاشمي عرقلة تنفيذ قانون الانتخابات البرلمانية لعام 2010 ما هي ألا حلقة من مسلسل طويل تقوم على انجازه بعض الدول الإقليمية التي لا يروق لها التغيير الحاصل في العراق وتحاول جادة في إعادة الصدامين الذي لطخت أياديهم بدماء العراقيين للحكم من جديد رافضين أن الحق الشرعي والدستوري لنظرية الأغلبية التي يحكم فيها العالم بأسره.وان محاولة طارق الهاشمي الذي يمثل الطائفة السنية في مجلس الرئاسة بنقضه بعض فقرات قانون الانتخابات ليس كونه ممثلا لهذه الطائفة أو معربا عن توجهاتها السياسية العامة أنما كان الرفض نابع من المصالح الحزبية الضيقة وتحرك انتخابي واضح رغم علمه أن هذا الرفض غير دستوري كما أكدته المحكمة الاتحادية في العراق، وان مصالح الهاشمي في اتخاذه لهذه الخطوة نابعة من قراءته للساحة الانتخابية في الداخل بشكل دقيق وأنها أسفرت عن إفلاسه الجماهيري وفقدانه للقاعدة الانتخابية، لذلك يحاول اللجوء لكسب أصوات العراقيين في الخارج محاولا التلاعب بعواطفهم وكسبهم لصالحه واستمالة أصوات الصدامين المتعاونين معه، ولكن يبقى أن ما يجري هو مهمة كبيرة وصعبة ومسؤولية تقع على عاتق مجلس النواب العراقي الذي يجب أن يكون بالمستوى المسؤولية الذي يضع في حساباته المصالح العليا للعراق ويعرف حجم التحديات التي تواجه النظام السياسي في العراق والتي قد يستفيد منها أعداء العراق في إعادة هيمنتهم على الحكم مرة أخرى.
https://telegram.me/buratha