تحقيق/نزار عبد الواحد الراضيالاهوار عالم عجيب غريب في معتقدات سكانه وفي اختلاف بيئاته وكائناته الحيوانية والنباتية وعلاقاتها مع سكان هذا العالم السحري.ومن بين هذه المعتقدات، ان سواد سكان الاهوار كانوا يؤمنون بوجود ”الطنطل“ في المياه النائية وهو كائن لا يعرف له شكل معين بل يحول نفسه الى اي شكل يريد والى كل كائن يرغب بذلك بلمح البصر! ويؤذي الانسان اذا ظفر به وحيداً وقد نسجوا الكثير من القصص حول ذلك الكائن والحوادث التي وقعت مع بعضهم.ويقول السيد كاظم شمال ”70 عاما“ انه في شبابه كان يعمل اجيراً في الزراعة وصادف ان الخير وفير .. وفي موسم الحصاد تطلب ذلك منه ان يواصل حصاد الشلب ”الرز“ ليلاً لوحده فما كان الا ان عبث معه”الطنطل“ والذي "لم تنفع محاولاته في بث الرعب في نفسي حتى وصلت الى مرحلة مصادقته من خلال جلب ”الخبز الماصخ“ له وهو خبز بدون ملح.وتابع "ومنذ ذلك الحين "صار (الطنطل) يساعدني في العمل وبفترة قياسية ينجز حصاد مساحات كبيرة وصادف ان جلبت له في احد الايام اللبن فقال ان هذا فراق بيني وبينك لأن اللبن من خيرات الجنة ومحرم علي وهكذا انتهت علاقتي به."أما أحاديث الناس الذين ”لعب“ عليهم ”الطنطل“ فكثيرة وهى مضحكة أحيانا ومبكية احيانا اخرى وقد دفعت بعضهم الى الجنون!.ومثل هذه الحكايات نراها متداولة ومعروفة بين معظم سكان الاهوار والذين نقلوها الى المدن بعد ان نزحوا اليها حتى صارت جزءا من الاسطورة الشعبية المتوارثة بين الاجيال.أما ”الحفيظ“ فلا يكاد أحد يجهلها، فهى منطقة مشهورة ومعروفة لدى الجميع.. ويقال ان الجن يسكنها وقد اختلفت القصص وتباينت حول هذا المكان.وقال بعضهم انها بساتين مثمرة وكثيفة الشجر ، وقال اخرون انها منطقة مليئة بالكنوز من الذهب والفضة والاحجار الكريمة ، ويشيرون في الليل الى ضياء متوهج بعيد جداً يعتبرون مصدره ”الحفيظ“!.وأضافوا ان الجن لا يسمح بالاقتراب من محل سكناه وهم يخافون من الوصول اليه بل ينقل كل منهم الكلام عن الاخرين ويكتفي كل واحد بالاشارة الى الجهة الموجود فيها ”الحفيظ“. وقد يبذل المرء جهدا كبيرا في اقناع احدهم ليأتي معه الى هناك لكن دون جدوى.ويقال أن صياد سمك تاه مرة وضل طريقه وبعد أيام رأى انه وصل جزيرة مليئة بالذهب والمعادن النفيسة فملأ زورقه من هذه الكنوز الا ان الزورق ابى المسير فما كان منه الا ان افرغه ولكنه بقي دون حراك ايضا فعرف السبب حينما شاهد قطعة ذهبية باقية في زاوية من زورقه وبعد اعادتها الى الجزيرة سار به الزورق.وقد ساعده الحظ ووصل قريته فقص على أهل القرية ما شاهده من الكنوز فوافق على المجيء معه نحو 200 رجل الى ذلك المكان وكان معهم رجل اجنبي.وسار الركب وحينما اشرفوا على المنطقة المسحورة والرجل في زورقه بالمقدمة اراد ان يشير بأصبعه الى المكان فسرعان ما فقد البصر ”فارتاع الذين معه وعادوا الى القرية وعند وصولهم مات الرجل!!“.الكثير من امثال هذه القصص الاسطورية الخرافية عالقة فى اذهاننا .. تراها محكومة باليقين لدى الكثير من كبار السن ولا ادري هل بؤس حياة الاهوار وشظف معيشتهم حفز اذهانهم لنسج خيالات من هذا النوع ام ان جنة الاهوار ”حفيظ“ ستبقى حلم البؤساء البسطاء من سكان الاهوار. يبقى سؤال محير هو هل طال التجفيف ”الحفيظ“ او ان التجفيف كان من اجل الحصول على كنوز ”الحفيظ“؟ مجرد تساؤل يحتاج الى الاجابة.
https://telegram.me/buratha